رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

أنوار الحقيقة

أوضحنا في المقال السابق كيف أن مواد الدستور الحالي قد نصت صراحة على أن رئيس الجمهورية هو رئيس الدولة والسلطة التنفيذية والقائد الأعلى للقوات المسلحة إلا أن هذه المواد في ذات الوقت قد قيدت السلطات السيادية والرئاسية بموافقة مجلس النواب أو باقرار مجلس الوزراء أي انها حظرت انفراد رئيس الجمهورية بالسلطات الرئاسية التي تمكنه وبسرعة أن يحقق اختصاصاته، ويتصرف بالسرعة الواجبة في المواقف الاساسية والاستثنائية والخطرة مثل سلطة تعيين رئيس الوزراء والوزراء واقالتهم ومثل حالة اعلان الطوارئ في الظروف الاستثنائية ومثل اعلان الحرب وارسال قوات خارج البلاد بل حتى في العفو عن العقوبة.

ونتابع في هذا المقال ماذا قررت باقي نصوص الدستور في الشئون الأخرى الخاصة برئيس الجمهورية!! وقد لفتت المادة 160 إلى أنه اذا قام مانع مؤقت يحول دون مباشرة رئيس الجمهورية لسلطاته حل محله رئيس مجلس الوزراء وعند خلو المنصب يحل محل رئيس الجمهورية رئيس مجلس النواب.. الخ وقد خلا الدستور من نص يجيز تعيين نائب لرئيس الجمهورية، وقد نص في مرة على أن يحل محل الرئيس رئيس مجلس الوزراء وهو مرؤوس الرئيس في السلطة التنفيذية وفي مرة أخرى يحل محله رئيس مجلس النواب كما سبق القول!!

وقد نصت المادة 191 على أنه يجوز لمجلس النواب اقتراح سحب الثقة من رئيس الجمهورية واجراء انتخابات رئاسية مبكرة بناء على طلب مسبب وموقع من أغلبية اعضاء مجلس النواب على الأقل وبموافقة ثلثي اعضائه»، ويتضح من مجموع النصوص السابقة أنه قد تم تقييد وتحديد السلطات الرئاسية والسيادية لرئيس الجمهورية بموافقة مجلس النواب بأغلبية خاصة أو بموافقة واستشارة رئيس الوزراء ومجلس الوزراء.

كذلك نصت المواد 170 و171 و172 من الدستور على اختصاص رئيس مجلس الوزراء وليس رئيس الجمهورية باصدار اللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين أو لإنشاء المرافق والمصالح العامة وتنظيمها وكذلك لوائح الضبط وتبين بوضوح من مجموع النصوص السابقة انه قد تم فضلاً عن تقييد السلطات الرئاسية بل والعادية لرئيس الجمهورية ونقلها الى مجلس الوزراء ومجلس النواب ورئيسه بل انه قد تم اخضاع الرئيس للمحاكمة بمحكمة خاصة وبعقوبات يحددها القانون.

وفي ذات الوقت قررت أحكام الدستور طرح الثقة بالرئيس بأغلبية برلمانية خاصة وباجراءات تنتهي بعزله واجراء انتخابات مبكرة!!

وفي حدود مساحة هذا المقال لم نتعرض للنصوص الدستورية الاخري التي اتبعت ذات النهج بالنسبة لاختصاصات رئيس الجمهورية وهذا النهج لاشك يحقق عدم التوازن بين السلطات الثلاث للدولة وبسلب السلطات الرئاسية السيادية لرئيس الدولة ويعطل اداءه الدستوري بصفته رئيس السلطة التنفيذية.

وقد خلقت مواد الدستور منظومة دستورية لا يطيقها النظام الرئاسي ولا النظام البرلماني الكامل ذلك بالتناقض مع الدساتير السابقة منذ دستور سنة 1923 الذي قرر مباشرة رئيس الدولة «الملك» للسلطات الرئاسية التي سحبت بمواد الدستور الحالي واحيلت الى مجلس النواب ورئيس المجلس.. الخ وقد أهدرت بذلك مواد الدستور الحالي القواعد الاساسية للنظام وتحقيق مركزية السيادة وحصرها في رئيس الدولة بينما يقوم النظام السياسي الاساسي في مصر منذ عهد الفراعنة على أساس ان رئيس الدولة سواء أكان فرعوناً أو ملكاً أو دستوريا أو سلطانا أو رئيس جمهورية منذ سنة 1952 يجب أن يمارس سلطات السيادة الرئاسية بما يحقق التوازن السياسي والتشريعي للسلطات الثلاث في الدولة.

وتأسيساً على ما سبق ذكره فإنه من الحتمي والضروري تعديل الاحكام الاساسية سالفة الذكر من الدستور، مع غيرها من النصوص الغامضة وسيئة الصياغة ومستحيلة التطبيق وعلى سبيل المثال المادة 156 التي حددت مدة خمسة عشر يوماً تالية لانتخاب مجلس النواب لمراجعة واقرار أو تعديل أو رفض القرارات بقوانين التي صدرت في عهد الرئيس المؤقت عدلي منصور والرئيس المنتخب السيسي، ويتحتم التعديل لهذه المواد بالدستور لكي يتحقق التوازن بين السلطات الثلاث بالدولة وتعود السلطات الرئاسية والسيادية الى الرئيس ويزول التناقض والخلل في توزيع السلطات الدستورية على سلطات الدولة.. المشكلة الخطيرة التي تواجه الشرعية الدستورية الواجب تحقيقها ضيق الوقت الذي يسبق الانتخابات البرلمانية من جهة وحتمية ان يكون مجلس النواب موجوداً بعد انتخابه لا مكان لاتخاذ اجراءات التعديل الحتمي الواجب في احكام الدستور طبقاً لاحكام المادة 226 من الدستور وذلك تحقيقاً لارادة الشعب الذي التزم بمبادئ ثورتي 25 يناير و30 يونية ولتصحيح ما انزلقت اليه لجنة الخمسين من تجاوزات عديدة للمبادئ الدستورية العامة الحاكمة للنظام الدستوري للدولة المدنية الديمقراطية.. والله ولي التوفيق.

رئيس مجلس الدولة الأسبق