عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

بدأ هذا القرن بخروج مسميات جديدة, تتخطى النظام الإقليمى العربى, كمحور الاعتدال ومحور الممانعة وغيرهما, وتضم تلك المحاور بعض الدول العربية وأخرى غير العربية من دول الجوار بمنطقة الشرق الأوسط, حيث جمعها وجود بعض التفاهمات لمواجهة دول أخرى فى المنطقة أيضاً, وذلك تعبيراً عن الواقع العربى الداخلى الملىء بالمتناقضات والمصالح المتضاربة, متخطياً مستوى النظام العربى الإقليمى إلى مستوى آخر وهو النظام الشرق أوسطى, الذى يتسع ليشمل دولاً كإيران وتركيا وإسرائيل.

كما سعت أمريكا لإدخال إسرائيل قبل ذلك فى شراكات اقتصادية منفردة فى تلك المنطقة, فى محاولة لاختراق النظام العربى الإقليمى, لدعم إسرائيل اقتصادياً وسياسياً, ولجأت الدولتان مع دول غربية أخرى لمخطط «الربيع العربى» لتفتيت المنطقة إلى كنتونات, وللوصول فى النهاية إلى هذا التهميش العربى للقضية المحورية «فلسطين».

وفى ظل هذا الوضع القائم, يتبادر إلى أذهاننا سؤال ملح حول مستقبل القيادة فى منطقة الشرق الأوسط, ولكن دعونا أولاً نقترب من القيادة فى مفهومها الدولى, حيث ترتكز على مدى مقدرة دولة ما على تحديد قواعد تفاعل, تضمن للنظام الاستقرار والاستمرارية, مع فرض احترام هذه القواعد، ويرتبط ذلك بمدى قوة الدولة (سياسياً - اقتصادياً - عسكرياً - ثقافياً و......)، ولكى نقول على دولة ما إنها دولة قائدة فلابد أن تكون مستقرة سياسياً وأمنياً.. ولها تاريخ قيادى، ولها أيضاً من النفوذ الرمزى «الثقافى والدينى».. وأن تتمتع بالقبول من الدول الأخرى فى الإقليم، وألا تكون قوتها مطلقة تجاه باقى الدول, حتى تتوافر للقيادة معناها, وإلا فإنها تسمى بعلاقة تبعية، إضافة لمدى تبنيها للقضايا المحورية فى المنطقة، ويجب الإشارة هنا أيضاً إلى طبيعة علاقتها مع القوى العظمى, وتعد تلك نقطة من أهم النقاط حيث إن العامل الخارجى هو الطاغى دائماً على العلاقات الإقليمية.

ونتناول هنا الدول المرشحة للعب دور القيادة فى منطقة الشرق الأوسط, وهي مصر والسعودية «كدول عربية» وإيران وتركيا وإسرائيل «كدول غير عربية». 

فمصر تشكل حالياً الشرعية الشعبية بعد ثورتى 25 يناير و30 يونية, وتحاول استعادة دورها الإقليمى, ففى تحليلنا أن السياسة الخارجية فى عهد الرئيس عبدالفتاح السيسى ذاهبة إلى نمط مختلف عن سابقيه, حيث تسعى مصر إلى استقلالية أكثر عن الحليف التقليدى الأمريكى, وذلك بتوطيد علاقاتها مع حلفاء آخرين كروسيا والصين, بالإضافة إلى تمتين علاقاتها مع السعودية ودول الخليج, كل ذلك يعزز توفير هامش مناورة أكبر، وأما على المستوى الداخلى فإنه مازال يعوزنا الاستقرار الأمنى وأيضاً الاقتصادى، ولذا نرى أن الوضع الحالى لمصر لن يمكنها من أخذ دور القيادة حالياً فى المنطقة.

وأما السعودية وهى المنافس الآخر لمصر كدولة عربية, والمعتمدة على الموارد المالية والنفطية الضخمة وهو ما يجعل لها تأثيراً نسبياً قوياً, كما تعتمد أيضاً على الدين الإسلامى, وذلك بحكم إدارتها للأماكن المقدسة, إلا أن المنافسة السعودية – الإيرانية على النفوذ فى الخليج العربى والوضع فى اليمن, إضافة إلى المظلة الأمنية الأمريكية التى تعيق استقلالية القرار الأمنى والاستراتيجى السعودى, وكذلك طبيعة النظام السياسى المغلقة للبلاد, كلها عوامل تقف عائقاً أمام السعودية فى تبوء مكانتها كقائد إقليمى للمنطقة.

ونأتى إلى إيران فنجد أنها وبعد توقيع الاتفاق النووى مع أمريكا, ارتفع معدل احتمال صعودها الإقليمى بشكل كبير, فنحن لا نعلم ما تم من اتفاقات تحت الطاولة!.. ولكنها فى كل الأحوال ستصب فى مصلحة إيران الإقليمية بدون أدنى شك, هذا مع وجود تأثير كبير لها فى الحرب السورية, والدور الذى تقوم به فى العراق, وقوتها على التأثير بحلفائها فى كل من لبنان واليمن, إلا أن محددات القوى الإيرانية لمكانها الجغرافى المتميز على الخليج العربى, يتحول إلى معوق, حيث إن القواعد الأمريكية تحيط بها من كل جانب (دول الخليج, باكستان, أفغانستان....), كما أنها متهمة من قبل العديد من الشعوب والأنظمة العربية بتغذية النعرات الطائفية والنزاعات ضد السنة فى العراق وسوريا والبحرين ولبنان واليمن, ما يشكل عائقاً لها فى تولى دور القيادة.

وأما تركيا فإن الخطأ التركى يكمن فى إقحام تركيا لسياستها الخارجية فى المشاكل بالعراق وسوريا «مشكلة الأكراد», كما أن تداعيات السياسة الداخلية التركية أدت إلى سقوط النموذج الديمقراطى الإسلامى الذى سعت تركيا لتصديره إلى العالم العربى, وبذلك سقطت صورتها كقائد إقليمى محتمل للمنطقة.

وأخيراً إسرائيل فهناك إجماع على استحالة قيادتها للمنطقة, إذ إن من أهم المحددات هو قبول الأطراف لهذه القيادة.

ومن هذا نخلص إلى أنه أى من هذه الدول لا تمتلك القوة ولا القدرة الكافية لصعودها إقليمياً, فمتطلبات المنطقة والمنافسة واستمرار التأثير الأمريكى, كلها معوقات لعدم تبوء أى منها دور القيادة, وعليه فالتوازنات فى المستقبل المنظور غير موجودة, ولا يمكن البناء عليها, وستستمر الهيمنة والنفوذ الأمريكى, وسيكون له التأثير الأكبر فى منطقة الشرق الأوسط, وتقوم كل دولة على حدة بدورها المرسوم مسبقاً, فتقسيم العمل الإقليمى أصبح واقعاً يقاومه البعض, وأن هذه المقاومة ستترتب عليها نتائج أخرى.