رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

 

تحت هذا العنوان نشرت مجلة الشئون الخارجية الأمريكية فى 26 مايو بقلم إليزابيث ويشذك هذا المقال الذى يحمل نذر شؤم كبيرة لإمبراطورية الشر الأمريكية، والذى ميزته الكاتبة بعنوان فرعى هو: «استعراض قوة الدول العظمى فى شرق البحر المتوسط»، تقول الكاتبة: فى 21 مايو أنهت روسيا والصين عشرة أيام من المناورات البحرية المشتركة فى شرق البحر المتوسط والتى استخدمت فيها الذخيرة الحية، ومع أن العسكريين فى الدولتين زعموا بأن هذه المناورات مقصود بها فقط تحسين الأداء المشترك فإن وجودها فى البحر يحمل معانى سياسية شديدة العمق.

فلعدة سنوات اشتركت روسيا والصين فى تدريبات ثنائية وجماعية فى آسيا كان معظمها مع دول منظمة تعاون شنغهاى وهى كازاخستان وقرغيزستان وطاجيكستان وأوزبكستان، ولكن هذه هى المرة الأولى التى تقوم فيها القوات البحرية الروسية والصينية بتدريبات تكتيكية مشتركة فى أوروبا والمناورة الكبيرة الأولى للصين فى هذه المياه البعيدةعنها.

وصرح كارلوس باريا مذيع رويترز بأن ضباط البحرية الصينية يستعدون لوصول المدمرة البريطانية دارينج إلى الجانب الشمالى لنهر هوانجبو فى نشغهاى، وكان ذلك فى 10/12/2013.

وقد وقعت هذه المناورات فى أعقاب زيارة الرئيس الصينى جنينج لموسكو فى 9 مايو لحضور الاحتفال بالانتصار الروسى على النازيين، وبدأت المناورات بإبحار ثلاث سفن صينية وست سفن روسية من الميناء الروسى نورفوروسسك على البحر الأسود وكانت قمة المناورة تدريباً بحرياً مشتركاً لسنة 2015، وطبقاً لتصريح الأميرال فكتور كوتشمازوف الذى قاد السفن الروسية المقاومة للتخريب والغواصات فإن مناورات الدفاع الجوى قد أجريت كجزء من عملية تأمين الملاحة فى المناطق البعيدة من محيطات العالم، وقد صرح المسئولون الصينيون والروس بأن مناورات البحر المتوسط تعكس حاجتهم للاستعداد لمهام أمنية غير تقليدية وتحسين مستوى الأمن الملاحى، صحيح أن السفن الروسية والصينية قد اشتركت بجانب سفن من أمريكا ودول أخرى لمقاومة القرصنة خاصة فى خليج عدن، وكانت السفن الصينية الثلاث قد اشتركت فى مهام لمقاومة القرصنة، كما اشتركت الفرقاطة الصينية «لينى» فى المهمة الصينية الثانية فى المنطقة فى مارس لإجلاء ستمائة صينى مدنى وعدة مئات من الأجانب من اليمن وقدكانت أول مهمة إنقاذ صينية فى البحر المتوسط قدتمت سنة 2011 نتيجة الاضطرابات فى ليبيا وتضمنت جهود الإجلاء 38500 عامل صينى، واستخدمت فى المهمة سفن ركاب وسفن شحن مستأجرة تحت إشراف القطع الحربية الصينية، ومنذ ذلك الوقت تواجدت السفن الحربية الصينية فى هذه المنطقة بكثرة، وقامت بزيارات لموانئ مصر وحيفا واسطنبول سنة 2012، وفى الوقت نفسه أبحرت السفن الروسية إلى ميناء طرطوس بسوريا لإظهار حماية المصالح الروسية بها، وبعد ذلك بسنتين فى يناير سنة 2014 اشتركت فرقاطة صينية فى قوة بحرية دولية مهمتها نقل الأسلحة الكيميائية من سوريا، وبعد هذه المهمة فى أواخر يناير سنة 2014 اشتركت سفينة روسية وأخرى صينية اشتركت فى هذه المهمة من قبل اشتركتا فى أول مهمة تدريبية مشتركة فى شرق البحر المتوسط لتطوير مستوى التنسيق بينهما، وقررت البحريتان الروسية والصينية عقب ذلك عقد مناورات بحرية كبيرة بين البحريتين سنة 2015.

تجد كل من الصين وروسيا فرصاً فى إضعاف جنوب أوروبا، ولكن المناورات الصينية الروسية سنة 2015 كانت فرصة جيدة التوقيت لمواجهة مناورات حلف الناتو فى أوروبا المسماة «عملية التصميم الأطلنطى» وكذا مواجهة بعض مناورات أمريكا مع جورجيا وحلفائهما فى آسيا، وكما حدث فى المناورات السابقة حققت المناورة الروسية الصينية هدف التسويق للأسلحة الروسية لصانعى السلاح الروسى الباحثين عن أسواق الصين، وقد زادت مبيعات السلاح الروسى للصين فى الفترة الأخيرة بعد فترة هدوء، وقد كانت الصين مؤخراً أول دولة أجنبية تشترى الصاروخ الروسى S - 4 بنظامه الدفاعى المضاد للطائرات، وفى الوقت نفسه ألقت الصين الضوء القوى على تكنولوجيتها المتطورة، أملاً فى بيعها لروسيا، فقدكانت سفينتان من السفن الصينية المشتركة فى المناورات من طراز «جانجكاى» الذى يحمل الصواريخ الموجهة وهى السفن التى تحاول الصين بيعها لروسيا، وقد أعلن المحلل العسكرى الروسى ألكساندر موزجو فوى أن السفن الصينية قد تساعد روسيا فى سد الفجوات فى أسطولها الحربى حتى يسمح الوقت لروسيا بإنتاج عدد كاف من فرقاطات ماركة «سيرجى جورشكوف» وفضلاً عن ذلك فقد كانت هذه المناورات البحرية استعراضاً لقوة دولية وانعكاساً لاهتمامات الصين الاقتصادية فيما وراء آسيا، فكل من روسيا والصين تبحث عن فرص فى أوروبا جنوبية ضعيفة، ففى سنة 2008 استثمرت الشركة الصينية الملاحية Cosco 4٫3 مليار يورو لإدارة إحدى المحطات الثلاث فى الميناء اليونانى بيريه، وأعادت بناء محطة ثانية فى الميناء، وهى مغامرة تعطى طريق الحرير الصينى البحرى مخرجاً مهماً فى البحر المتوسط وتجعل من الميناء اليونانى منفذاً رئيسياً للتجارة الصينية، والشركة الصينية الملاحية المذكورة هى شركة مملوكة لحكومة الصين، وتسعى للحصول على حصة أغلبية فى ملكية الميناء اليونانى بافتراض أن مشروع خصخصة الميناء سيستمر فى ظل الحكومة اليونانية اليسارية الجديدة، كما تسعى الحكومة الصينية لتمويل خط حديدى فائق السرعة يربط ميناء بيريه مع بلجراد وبودابست سينتهى إنشاؤه سنة 2017 فى هذه الأثناء فإن الشركة الحكومية الروسية «جازبروم» تعمل على تطوير خط غاز جديد عن طريق تركيا واليونان متجنباً أوكرانيا، وفى ديسمبر سنة 2014 أعلن الرئيس الروسى بوتين فجأة أنه سيلغى الخط الجنوبى الذى كان مفروضاً أن ينقل الغاز الروسى لبلغاريا ويستبدله بخط جديد عن طريق تركيا متصلاً بخط اليونان.

وقد عارض مسئولو الاتحاد الأوروبى هذا الخط الجنوبى الذى كان يضمن لروسيا استمرار السيطرة على سوق الغاز الأوروبى، ورغم أن الخط المقترح عبر تركيا فرصة لاجتذاب استثمارات لليونان فإن أمريكا تحرض اليونان على تأييد مشروع خط جديد عبر بحر الأدرياتيك لنقل غاز أذربيجان إلى ألبانيا واليونان وتركيا وبالنسبة لروسيا فإن أهم استثمار فى أوروبا وكذا التدريبات العسكرية بين روسيا والصين فى البحر المتوسط هو تذكير أمريكا وأوروبا أن روسيا مازالت قوة عالمية سواء رضوا أم أبوا، وقد صرح وزير خارجية روسيا لافروف بأن أهم نتيجة خرج بها من زيارة وزير الخارجية الأمريكى لسوتشى فى 12 مايو ومقابلته للرئيس الروسى هى أن حل العديد من المشاكل المستعصية المعاصرة يتوقف على الجهد المشترك على المسرح العالمى.

ليس هناك شك فى أهمية الصين لأوروبا، فالصين ثانى أكبر شريك تجارى للاتحاد الأوروبى بعد أمريكا، ودول الاتحاد الأوروبى هى أكبر شريك تجارى للصين وكما تؤكد خطط الشركة الملاحية الصينية بالنسبة لميناء بيريه اليونانى فإن طريق الصين الحريرى البحرى ذو تأثير حالى على أوروبا، والأزمة الاقتصادية الحالية فى أوروبا تقدم فرصاً جديدة للاستثمارات الصينية، ولهذا السبب حاول المسئولون الصينيون بشدة تأكيد أن المناورات العسكرية الصينية الروسية ليست موجهة ضد طرف ثالث، ورغم ذلك فبينما سيطرت أحداث أوكرانيا والعراق وبحر الصين الجنوبى على اهتمام الإعلام فإن من المهم الالتفات لجنوب أوروبا كذلك.

وإلى هنا ينتهى عرض الكاتبة فى مجلة الشئون الخارجية الذى يوضح بجلاء أن القطب الأمريكى لم يعد سيد العالم، وأن البحر المتوسط لم يعد بحيرة أمريكية ترتع فيها أساطيل أمريكا وأتباعها وحدها، فالقطب العالمى الصاعد عسكرياً واقتصادياً الذى يمثله المحور الروسى الصينى وحلفاؤه فى دول بركس ووسط آسيا قد وضع نهاية حزينة لاحتكار الاستعمار الأمريكى للقوة والنفوذ فى العالم عليه أن يقبلها ويتعايش معها، أو يرفضها ويجر العالم إلى دمار ستكون أمريكا أكبر ضحاياه.

 

الرئيس الشرفى لحزب الوفد