رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

 

 

رغم كل الشرور والجرائم التي يقدم عليها اليمين الاستعماري الامريكي من مؤامرات لتدمير دول الشرق الأوسط الى جرائم انشاء منظمات إرهابية مثل داعش وتزويدها بالمال والسلاح، رغم كل ذلك توشك شمس الامبراطورية الامريكية على الغروب ولا يستطيع زبانية اليمين الامريكي إيقاف الغزو الزاحف، وأمامنا في هذا المقال الذي نشره موقع إنفورميشن كليرنج هاوس في 22 يونيو للكاتب الامريكي الشهير مايكل ويتني عرض متعمق لما يدور على الساحة العالمية من صراع بين العملاق الصيني الصاعد والاستعمار الامريكي الذي توشك شمسه على الغروب.

يقول ويتني إن الصين تصل الى أعماق الجزيرة العالمية في محاولة لإعادة صياغة شاملة لأساسيات السياسة للقوة الدولية، فخطتها ذات الخطوتين موضوعة لبناء بنية تحتية عبر القارات لاندماج الاقتصادي لدول الجزيرة العالمية من داخلها، بينما تحشد القوة العسكرية لعملية جراحية تكسر فيها الحصار الأمريكي للصين وسياسة الاحتواء لها، فإذا نجحت الصين في ربط صناعاتها الصاعدة بالموارد الضخمة الطبيعية لدول قلب أوراسيا «أوربا وآسيا» فمحتمل تماماً أن تصبح الامبراطورية العالمية.

وترد هيلاري كلينتون على ذلك قائلة: إن مستقبل السياسة سيتقرر في آسيا ليس في أفغانستان أو العراق، وستكون أمريكا في وسط هذا المشهد، وسيكون هذا القرن هو القرن الأمريكي في المحيط الهادي.

ولكن الصعود الصاروخي للصين يقلق أمريكا تماما، ليس بسبب أن الصين تمثل تهديداً لجيرانها أو تهديداً لمصالح الأمن القومي الامريكي، ولكن لأن نفوذ الصين ينتشر في كل المنطقة الآسيوية، فالصين تنشئ المؤسسات التي تحتاجها لتمويل نموها وعلى رأسها بنك دول البركس «البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا»، كما تقوم ببناء البنية التحتية التي يحتاجها ربط القارات عن طريق القطار السريع جداً المسمى طريق الحرير الجديد، كما تقوم باجتذاب الحلفاء والشركاء التجاريين الذين يريدون المشاركة في مشروعاتها التنموية، وهذا هو ما يقلق أمريكا جداً، فقط طورت الصين نفسها الى قوة اقتصادية ضخمة لا تتفق مع معايير الليبرالية الأمريكية للمحافظين الجدد، لقد خرجت الصين من نطاق الامبراطورية الأمريكية ورسمت طريقها الخاص، وهذا هو سبب التحرش الأمريكي المفتعل بالصين بحجة نشاط الصين في بناء جزر صناعية في بحر الصين الجنوبي التي لا تؤثر في مصالح أمريكا، ولكن أمريكا تعتقد أنها تستطيع الانتظار عسكرياً فيما فشلت فيه سياسياً واقتصاديا.

وتقوم أمريكا واليابان بمناورات منفردة مع الفلبين بالقرب من المنطقة المتنازع عليها في بحر الصين الجنوبي، وقد بدأت المناورة السنوية مع الفلبين الاثنين الماضي بجوار الشاطئ الشرقي لجزيرة بالاوان وتستمر حتى 26 يونية، وتقوم البحرية اليابانية والفلبينية بمناورات حول نفس الجزيرة.

وقد ساندت أمريكا دول جنوب شرق آسيا وضمنها الفلبين لتصاعد التوتر مع الصين بسبب النزاع على الحقوق المتعارضة في بحر الصين الجنوبي، وتقدم اليابان زوارق الدوريات للفلبين، وتشترك البارجة الحربية الأمريكية فورث وورث وسفينة الانقاذ سيفجارد وطائرات استطلاع، وستقوم المناورات اليابانية والفلبينية بالقرب من جزر سبارتلي حيث أنشأت الصين اكثر من ألفي هكتار من الجزر الصناعية في مياه تنازعها عليها الفلبين وفيتنام وبروناي وماليزيا وتايوان، وسترسل اليابان مركباً مضاداً للغواصات الى المنطقة.

وهذه المناورات لاستعراض القوة هدفها إزعاج الصين وتخديرها وليس لها هدف آخر، تريد أمريكا تركيع الصين لرغباتها وإثنائها عن انشاء مؤسساتها الجديدة وفتح أسواقها لبضائع الشركات الأمريكية العملاقة، وإطلاق يد أمريكا في وضع قواعد التجارة الدولية، هذا هو ما تريده امريكا، وهو سبب عزل وزير الدفاع الامريكي المعتدل شاك هاجل ووضع الصقر المتطرف آشتون كارتر مكانه، فسماسرة القوة الامريكيين يريدون وزير دفاع عدوانياً يدمي أنف الصين ويريها من هو صاحب الكلمة. وكارتر هو الشخص المناسب لذلك.

ويعطينا المعلق بيترلي الصورة التالية لكارتر قائلا: إنه لا يلعب دور الشرطي الشرير في مواجهة الشرطي الطيب أوباما بل يريد أن يكون صاحب القرار مما يسعد أنصار وضع السياسة الخارجية في أيدي العسكريين، ونحن سعداء أن الناس بدأوا يشعرون أن وزارة الدفاع قد استولت على السياسة الخارجية، فكارتر هو صاحب القرار حالياً في سياسة أوربا وآسيا، ويعتقد لي أنه لو انتخبت هيلاري كلينتون رئيسة قادمة لامريكا فسيتعزز مركز كارتر، فهى صاحبة تعبير أن القر ن الحالي سيكون قرناً أمريكيا في منطقة المحيط الهادي.

وأضافت: إن امريكا تنسحب من أفغانستان وهي في قمة القوة فعلى مدى السنوات العشر الماضية قضت على خطرين داهمين في أفغانستان والعراق ودفعت لذلك موارد بشرية ومالية هائلة، وخلال السنوات العشر التالية على أمريكا أن توجه كل مواردها الدبلوماسية والاقتصادية والاستراتيجية لمنطقة آسيا والمحيط الهادي.

وتهدف هذه السياسة الامريكية الى عرقلة نمو آسيا، فهو أمر حيوي لاستراتيجية أمريكا الاقتصادية وفتح أسواق آسيا للاستثمار الامريكي وإغراق المستهلك الآسيوي ببضائعها، فالمنطقة المذكورة تنتج أكثر من نصف انتاج العالم وحوالي نصف التجارة العالمية، فالوضع ببساطة أن الطبقة المتوسطة الأمريكية التي استمرأت الكسل دفعت نخبتها الى الإبحار نحو الصين بشركاتها العملاقة عابرة القارات والاستيلاء على أسواقها في حماية الاسطول الامريكي، وهذا هو الدور الحقيقي لكارتر وزير الدفاع.

ولكن آخر ما يمكن أن يخاطر به أوباما هو حرب مع الصين، لأن لدى الصين القدرة على رد الهجوم وليس بالسلاح فقط، فالاعتماد الاقتصادي المتبادل بين أمريكا والصين ليس له مثيل في التاريخ، فقبل سنة 1970 لم يتصور أحد أن يصل الاعتماد المتبادل بينهما لهذه الدرجة المذهلة، فالصين حالياً تدين أمريكا بـ 1.3 تريليون دولار، ولا تستطيع أمريكا توقيع عقوبات اقتصادية عليها كما تفعل مع روسيا مثلاً، والصين تدرك ذلك جيداً، ولذلك ستستمر في أجندتها بعنف مع عمل ما تستطيع للتخفيف من عداء أمريكا لها. فجمهورية الصين الشعبية مازالت متمسكة بالتطور السلبي، وعداء أمريكا هو أحد عدة عقبات على الصين أن تتغلب عليها حتى تحقق خطتها في دمج دولة وسط آسيا في قلب أكبر كتلة تجارية مزدهرة في العام، ولنرى هذه العبارة لألفريد ماكوي عن «الجيوسياسة للتراجع الأمريكي العالمي»، يقول ماكوي: «بدأت قيادة الصين في التعاون مع الدول المجاورة في مشروع عملاق لدمج خطوط السكك الحديدية في سلطة عابرة للقارات منذ سنة 2008، وقد اشترك الألمان والروس مع الصين في إنشاء هذا «الجسر الأرضي» بين أوربا وآسيا بخطين من الشرق للغرب على مسار سكة حديد سيبريا القديمة مع خط جنوبي على مسار طريق الحرير القديم عبر كازاخستان لربط أوروبا بآسيا.

وقد أعلن رئيس الصين في أبريل عن انشاء هذا الخط الحديدي العملاق من غرب الصين الى مينائها الجديد جوادار في باكستان لتطويره مستقبلاً الى قاعدة بحرية في بحر العرب الغني بالنفط، وانشاء البنية التحتية لقواعد عسكرية في جنوب الصين وبحر العرب، وبذلك تكون لديها القدرة مستقبلاً على كسر حصار أمريكا العسكري حولها ومن خلال عقدين على الأكثر ستستطيع الصين كسر الحصار الامريكي تماما دون أن تضطر لمواجهة القوة العسكرية الامريكية الضخمة، مما سيضيع قيمة البحرية الأمريكية الضخمة من حاملات طائرات وبوارج وغواصات.

فإذا نجحت الصين في ربط صناعاتها الصاعدة بالموارد الطبيعية الضخمة في أوراسيا فإن «الامبراطورية العالمية» ستخرج الى الوجود.

سيكون الأمر بمثابة نهاية الإمبراطورية الامريكية وبداية الامبراطورية الصينية، ولذلك لن يقامر قادة الصين في إهدار مواردهم الضخمة في حرب عالية التكلفة ولا معنى لها ضد امريكا حتى يتحقق لها اكتمال طريق الحرير العملاق.

وإلى هنا ينتهي هذا العرض التفصيلي المتعمق الذي يقدمه ويتني لصراع العمالقة بين الصين وأمريكا، والمحتوم أن أمريكا ستخسره ما لم تغامر بشن حرب عالمية قد تفني الطرفين في سبيل إجهاض التطور الصيني نحو القطبية الأولى في العالم.

ونذكر في هذا المجال ما ذكره مجرم الحرب جورج بوش في مذكرته الشهيرة للكونجرس في 20 سبتمبر سنة 2002 عن استراتيجية الأمن الامريكي للقرن الحادي والعشرين، وفيما يهدد الصين صراحة بأن امريكا لن تسمح لها بالتسلح الى درجة تهديد وضع أمريكا كقطب أوحد.

ولكن عندما نرى أنه قد مضى ثلاثة عشر عاما منذ 20 سبتمبر 2002 والصين في تصاعد صاروخي اقتصادياً وعسكرياً، ومع ذلك لم يجرؤ مجرم الحرب جورج بوش ومن خلفوه في قمة السلطة في أمريكا على تنفيذ تهديدهم للصين، فهل ينفلت الأمر في لحظة يأس لدى قمة السلطة في أمريكا وتغامر بالهجوم النووي على الصين؟ لا نظن ذلك أبداً وسنرى الشرير الامريكي يتراجع تدريجيا ويقنع في النهاية بضياع سطوته العالمية كما قنعت الأقلية البيضاء في جنوب أفريقيا بضياع السلطة السياسية منها وتسليمها للأغلبية الأفريقية عندما عجزت عن الاحتفاظ بها.

 

الرئيس الشرفي لحزب الوفد