عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

 

 

حينما تبصر المستقبل, تستشرف التحديات, ويتربص بك الأعداء, ويتحين لك الشامتون, فتتخطى الهمم وتجتاز الظنون, تتخطى الصعاب وتنجز المستحيل, لتتجمع لديك أسباب القوة والتحدى, العزيمة والإصرار. أحداث وأخبار تحليل وتوقع,.. أمور كثيرة تزاحمت فى عقلى, لحظة افتتاح الرئيس/عبدالفتاح السيسى «قناة السويس الجديدة» للملاحة العالمية. فالآن نستطيع أن نقولها لهؤلاء الهائمين على وجوههم, النادبين لخدودهم, المشككين حتى فى أبصارهم, لقد جفت الأقلام و رفعت الصحف, فها هو الإنجاز على الأرض, ها هو المشروع بين يدى العالم, وها هم الحضور شهود على «قناة السويس الجديدة» هدية مصر للعالم. تلك القناة التى نرى من خلالها التاريخ والجغرافيا, وهذا الشريان الذى يجرى فى أجسامنا كما يجرى على أرضنا.      

فقبل أن نسترسل فى الحديث عن «قناة السويس الجديدة», يجب أن نوضح بعض الأحداث التى سبقت الإعلان عن المشروع بوقت ليس بقليل, فقبيل ثورة 25 من يناير طالعتنا بعض مراكز الأبحاث العالمية مروجة لقرب انتهاء عصر قناة السويس, وأخذت فى الترويج لمشاريع عملاقة, قد تكون بديلا عن قناة السويس, وحينها أخذت الصحف المصرية والمراكز البحثية فى الرد تحذر من الآثار التى قد تترتب على إقامة أي من تلك المشروعات, ومن آثارها المدمرة التى قد تلحق بقناة السويس, ومع اندلاع ثورة يناير, أخذتنا دوامة الأحداث المتلاحقة نحو نسيان الحدث. ولكن وبعد ثورة 30 يونية, وبعد أقل من شهرين من تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى مقاليد الدولة, باغت العالم بمشروع «قناة السويس الجديدة» مباغتة تشبه فى تفاصيلها مباغتات أجهزة المخابرات العالمية, وكأننا نقول للعالم الأصدقاء قبل الأعداء, ما مفاده أن» مهما وضعتم أمام الدولة المصرية من صعوبات, ومهما حيكت وحبكت لها من مؤمرات, فإن أعين الدولة ساهرة على مقدراتها, قادرة على إنجاز ما يتطلع له المصريون بتحد وبإصرار».

ولنا أن نتذكر ما قد بشر به  الكيان الإسرائيلى من اقتراب  تدشين» قناة البحرين» التى ستربط خليج العقبة بالبحر الأحمر (ميناء إيلات) حتى البحر المتوسط (ميناء أشدود) مرورا بالبحر الميت, وحويت تفاصيل المشروع ما كان له أن يعود بالضرر على قناة السويس, حيث ذكر أن أعماق «قناة البحرين» سوف تجذب الناقلات العملاقة التى لا تستطيع المرور من قناة السويس وتدور حول القارة الإفريقية, فضلا عن خط للسكك الحديدية سيربط ما بين إيلات وأشدود, وهو مشروع إن كان قد تم للحق بقناة السويس أضرار أقلها فقدانها لجزء ليس بالقليل من دخلها. وذلك فضلا عن طريق «الحرير الجديد» الذى يربط الصين بدول آسيا الوسطى ومنها إلى القارة الأوروبية عبر السكك الحديدية, مع الأخد فى الاعتبار أن المنتجات الصينية التى تعبر للاسواق الأوروبية من خلال قناة السويس تصل نسبتها  35% من التجارة المارة بالقناة.   

وإن كانت الأهمية الاقتصادية لمشروع «قناة السويس الجديدة», وما يعود به على الدولة من الناحية الاقتصادية بالأمر المهم والعظيم, إلا أن عظمة المشروع تأتى فى المرحلة الأولى منه, التى تتمثل فى قدرة الدولة فى إنحاز مثل هذه المشروعات العملاقة, ومواجهة التحدى الملقى على كاهلها, والثقة العالية التى استطاعت الدولة أن تنالها من الشعب, ووقوفه خلف دولته, لإنجاز المشروع بداية من مساهمته بأكثر من 70% من تكلفة البناء عن طريق شراء سندات القناة من ودائعه لدى البنوك, أو ما استطاع ادخاره فى بيته لمواجهة صعاب الأيام, ثم هذه المثابرة من العامل المصرى وتحديه للزمن والمكان لإنجاز المشروع فى ميعاد التحدى, الذى التزم به أمام رأس السلطة, إنها لأمثله نحتذى ونفخر بها أمام العالم, متمنين تكرارها على كافة المستويات التنفيذية بالدولة.

أعلم أن المتبقى من القول حول مشروع «قناة السويس الجديدة» قد كتب وقرأ كثيرا, فمصدر فخر عظيم لنا, ليكون نموذجا أمام العالم,  فالقناة الجديدة قد قللت من زمن الانتظار للمرور من 11 ساعة إلى 3 ساعات, واختصار زمن المرور من 18 ساعة إلى 11 ساعة, مما سيزيد من عدد السفن العابرة للقناة بأكثر من 35%, فضلا عن جذب الناقلات العملاقة ذات الغاطس الذي يتعدى 20م والتى كانت تدور حول القارة الإفريقية فى طريق رحلتها من الصين وآسيا إلى أوروبا وأمريكا, ومن المتوقع أن يصل نصيب قناة السويس من التجارة العابرة لها إلى 30% فى عام 2030 بدلا عن 11% حاليا خاصة بعد زيادة نصيب الصين من التجارة العالمية لأكثر من 35%.

أخيرا وإجمالا يمكن القول بأن «قناة السويس الجديدة» سوف تقام حولها العديد من المشروعات: الإنتاجية من تعدينية وتصنيعية وتحويلية, بالإضافة للمشروعات اللوجستية, أى أنها ستكون قادرة على حل العديد من المشكلات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التى تواجهها الدولة فى مسألة خلق مئات الآلاف من فرص العمل, وإعادة التوزيع السكانى.

فخلاصة القول: إن «قناة السويس الجديدة» ومشروعات «محور القناة» و«شرق التفريعة» تمثل المدخل الأمثل نحو مستقبل يليق بمصر الحضارة, وبالمواطن المصرى الذى يستحق أن ينال قسطا من التقدير جراء معاناته السابقة, وبمستقبل يليق بقيمه الإنسان المصرى.