رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

 

استمراراً لمسلسل الشر والجريمة الذي أرسله مجرم الحرب جورج بوش في 20 سبتمبر 2002 للكونجرس تحت عنوان: «استراتيجية الأمن الأمريكي للقرن الحادي والعشرين» وذكر فيه بالحرف الواحد أن أمريكا لن تسمح لأي دولة أن تناوئ أو حتي تنافس سيطرتها علي العالم كقطب أوحد. نشر البنتاجون الأمريكي 1/7/2015 وثيقة استراتيجية أمريكا العسكرية. نقلها إلينا الكاتب4 الأمريكي الشهير مايك ويتني كما يلي:

يقول ويتني إن وثيقة البنتاجون الواقعة في 24 صفحة عن الاستراتيجية الوطنية العسكرية لحكم العالم بالقوة العسكرية. وبينما كانت لغة الوثيقة أرقي من وثيقة بوش وأقل فجاجة فإن تصميم أمريكا منفردة علي رعاية مصالحها عن. طريق العنف الشديد يظل هو صلب الوثيقة الجديدة. فلن يجد القارئ أي ندم في الوثيقة الجديدة عن الدمار الهائل والقتل المفرط الذي قامت به أمريكا لدول لم تسبب أي خطر علي مصالح أمريكا القومية. وبدلا من ذلك تعكس الوثيقة الإصرار الحديدي لواضعيها وللنخبة التي يمثلونها علي استمرار القتل وسفك الدماء حتي يتم إفناء منافسي أمريكا المحتملين وحتي تشعر واشنطن بالثقة بأن سيطرتها علي العالم لا يمكن تحديها.

وكما توقعنا فإن الوثيقة تخفي نواياها العدوانية خلف قناع كاذب اسمه الأمن القومي. تقول إن أمريكا لا تخلق حروبا عدوانية ضد دول تملك مصادر ثروة طبيعية ضخمة. ولكنها مجرد مقاومة للتحديات الأمنية التي تواجهها لحماية الوطن.. ورعاية مصالحه. فكيف يجد أحد خطأ في ذلك؟ ألم تكن أمريكا تحاول إدخال السلام والديمقراطية في أفغانستان والعراق وليبيا. والآن في سوريا؟!!

في مقدمة الوثيقة يقول الجنرال مارتن دميس تمهيدا لإعداد الشعب الأمريكي لمستقبل من الحروب التي لا تنتهي:

«إن النزاعات المستقبلية ستحدث بسرعة وستطول مدتها ويكون مضمونها مسارح لمعارك حربية وتحديات عالية التقنية. ويجب أن نستطيع التأمل السريع للأخطار الجديدة بينما نحافظ علي تفوقنا في الأسلحة التقليدية. فاستعمال القوة العسكرية ضد تهديدات آتية من دول يختلف تماما عن استعمال القوة العسكرية ضد تهديدات من كيانات ليست دولا. ويحتمل جداً أن نواجه معارك طويلة المدي وليس صراعات يتم حسمها سريعا. فالسيطرة علي التصعيد أصبحت أصعب وأهم».

وبمعني صريح يبشرنا الجنرال بحرب مستمرة، فهذه هي رؤية البنتاجون للمستقبل. وبعكس روسيا والصين اللتيان لديهما خطة لدمج اقتصاد الاتحاد الأوروبي ودول آسيا (طريق الحرير) التي ستزيد فرص العمالة وتطور البنية الأساسية الحيوية وترفع مستوي معيشة الشعوب. فإن أمريكا لا تري إلا الموت والدمار في المستقبل. فواشنطن ليست لديها استراتيجية للمستقبل. أو رؤية لعالم أفضل، فليس لديها إلا الحرب الميدانية والتكنولوجية والحرب الاستباقية فالطبقة السياسية الأمريكية بأكملها ونخبتها التي تديرها تؤيد بالإجماع فكرة حكم العالم بالقوة العسكرية. فهذا هو المعني الوحيد لهذه الوثيقة. فهي تعني بوضوح أن أمريكا تنوي الحفاظ علي هيمنتها علي العالم عن طريق الاستخدام الكامل لأهم مواردها وهو القوة العسكرية. وهي رأس الحربة في القوة العسكرية؟ دعونا نقرأ معا مقتطفات من المقال المنشور في مجلة «أخبار الدفاع»:

«الاستراتيجية تحدد بصفة خاصة إيران وروسيا وكوريا الشمالية كتهديد عدواني للسلم العالم. وتذكر كذلك الصين ولكنها تبدأ هذه الفقرة بالقول إن إدارة أوباما تريد مساندة صعود الصين وتشجعها لتصبح شريكا في الأمن العالمي». وبذلك يستمر الخيط الواصل بين الصين كحليف اقتصادي والصين كمنافس إقليمي. وتستطرد قائلة: «لا نعتقد أن أيا من هذه الدول يحاول صداما عسكريا مباشرا مع أمريكا أو حلفائها. ومع ذلك فإن كلا منها يمثل خطورة أمنية يحاول المجتمع الدولي مواجهتها بمجهود موحد».

هل لاحظتم الفقرة الأخيرة؟ «ليس بين هذه الدول من يحاول المواجهة العسكرية المباشرة مع أمريكا أو حلفائها. ومع ذلك فهي تمثل خطورة أمنية».

وبعبارة أخري فإن أيا من هذه الدول لا يريد محاربة أمريكا ولكن أمريكا تريد محاربتها. وأن أمريكا تشعر بأنها معذورة في شبه الحرب علي هذه الدول لأنها إما أنها تسيطر علي موارد ضخمة أو لديها قدرات صناعية ضخمة أو أنها تشغل مساحة من الأرض تهم أمريكا من ناحية الجغرافيا السياسية. أو لأنها دول تريد الحفاظ علي سيادتها، وهذه طبعاً جريمة، فطبقا للجنرال دميس فإن أيا من هذه الأعذار كافية لتبرير النزاع معها، لأنها «تمثل تهديدا أمنيا خطيرا لأمريكا، أي أنها تعوق دور أمريكا كقوة مسيطرة وحيدة.

وتخصص الوثيقة تركيزا خاصا علي روسيا كعدوة أولي لأمريكا لأنها جرؤت علي الدفاع عن مصالحها القومية بعد الانقلاب الذي دبرته أمريكا في أوكرانيا المجاورة لها. ولذلك يتعين معاقبة روسيا، فتقول الوثيقة: «بعض الدول تحاول تغيير النظام الدولي. وتتصرف بطريقة تهدد مصالح أمننا القومي، فبينما تعاونت روسيا معنا في بعض مجالات الأمن مثل محاربة المخدرات والإرهاب، فإنها أظهرت مرارا أنها لا تحترم سيادة جيرانها وأنها مستعدة لاستخدام القوة لتحقيق أهدافها، فأعمال روسيا العسكرية تزعزع الأمن الإقليمي مباشرة أو بالوكالة عن طريق قوي عميلة لها. وهذه الأعمال تخالفه اتفاقيات عديدة وقعتها روسيا والتزمت فيها بالتصرف طبقا لقواعد القانون الدولي».

أي أن روسيا شريرة لانها ترفض أن تقف صامتة بينما تسقط أمريكا حكومة أوكرانيا وتضع مكانها عملاء في كييف. وتشعل حربا أهلية بين مختلف القوي في أوكرانيا وتضع نازيين جدداً في قمة السلطة في أوكرانيا، وتدفع اقتصادها للإفلاس والتحطم وتفتح مكتبا للمخابرات الأمريكية في العاصمة الأوكرانية لإدارتها. ولذلك تكون روسيا بلداً شريراً تجب معاقبته. ولكن هل يعني ذلك أن أمريكا تفكر جديا في حرب مع روسيا؟

دعونا نر هذه المقتطفات من الوثيقة توضح الأمور:

«طوال الحقبة الأخيرة فإن حروبنا العسكرية كانت أساسا عمليات ضد تنظيمات عنيفة متطرفة. ولكن اليوم وللمستقبل المنظور علينا أن نوجه اهتماماً أكبر لتحديات من دولة أخري ضدنا. فهي دول تزداد قدرتها علي تحدي الحرية الإقليمية للحركة وتهدد بلدنا. ونذكر بقلق خاص انتشار الصواريخ النووية وتطوير القدرة علي إصابة الأهداف. وتطوير الأنظمة الآلية، والقدرة المتطورة في الفضاء وأسلحة الدمار الشامل المطورة لمواجهة واشنطن قد اتخذوا قرارهم بأن روسيا هي العدو، ولذا يتعين هزيمتها. وإلا فكيف يمكن مواجهة دولة «تهدد أمننا القومي»؟

وتقدم الوثيقة قائمة تبريرات لشن الحرب ضد أعداء متوهمين لأمريكا. والحقيقة أن البنتاجون يري أشباحا حولنا في كل ركن. سواء كان الموضوع تكنولوجية جديدة أو خلافات ثقافية، فكل ذلك منظور له كخطر محتمل علي مصالح أمريكا. خاصة إذا تعلق الأمر بالمنافسة علي الموارد. وفي هذا الخصوص نستطيع رؤية تبرير غزو العراق علي أساس أن سيطرة صدام علي موارد البترول الضخمة بالعراق يمثل تحديا مباشرا للهيمنة الأمريكية. ولذلك تعين طبقاً إزاحة صدام وقتل أكثر من مليون إنسان لتعديل الميزان وإعادة الأمور إلي وضعها السابق في العالم. فهذا هو الرأي السائد في استراتيجية الأمن العسكري الأمريكي. فما تفعله أمريكا هو الصواب دائماً لأنها أمريكا!!

لا يجب أن يتوقع القارئ شيئا جديدا في هذه الوثيقة، فهي نبيذ قديم معبأ في زجاجات جديدة. فالبنتاجون قام بتحديث وثيقة بوش القديمة مع تهذيب اللغة بعض الشيء. ليست هناك حاجة لإرهاب الناس بالحديث عن القطب الأوحد أو الضربة الاستباقية أو تجاهل القانون الدولي أو العدوان دون استفزاز، ورغم ذلك فالكل يعلم أن أمريكا ستفعل كل ما تريد للاحتفاظ بامبراطوريتها، ووثيقة الأمن القومي العسكري طبعة 2015 تعزز هذه الحقيقة المحزنة مع الأسف.

وإلي هنا ينتهي تشريح ويتني التفصيلي للنوايا الأمريكية الشريرة نحو العالم. كل العالم، وعزاؤنا أن نوايا الأشرار لن تتحقق. وكما سقط مخطط الشرق الأوسط الجديد بفضل مصر. سيسقط مخطط العدوان علي آسيا بفضل الصين وروسيا وباقي دول البريكس. وسيري العالم الذئاب المسعورة تنفجر من الداخل وتموت كمدا وغيظا.

 

الرئيس الشرفي لحزب الوفد