رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

تعديل الإيجارات القديمة ولادة متعثرة

بوابة الوفد الإلكترونية

 

يشهد ملف الإيجار القديم ولادة متعثرة على مدار عقود طويلة، فتسود حالة من الجدل بين المالك والمستأجر، الذى ينتظر كل منهما إصدار قانون جديد لا ينحاز إلا للصواب، وينهى حالة الجدل ويسد الفجوة الكبيرة بين الطرفين، بوتيرة أسرع مما عليه الآن.

ومع تأخر صدور مشروع قانون الإيجارات القديمة للأشخاص العاديين، بينما صدر القانون الخاص بالأشخاص الاعتبارية، لتظل المطالب تعلو بسرعة إنصاف المتضررين، خاصة طرف المُلاك، وتعديل القيمة الإيجارية بما يناسب الظروف الحالية لحين تحرير العلاقة الإيجارية، وإقرار العدالة بين الأطراف.

المتظلمون من الإيجارات القديمة، يرون فى تعديل القانون السبيل الأمثل لرفع الظلم الذى استمر منذ عقود، وانتهاء ملايين القضايا أمام المحاكم التى يتنازع فيها الملاك والمستأجرون، وتحصيل مليارات الجنيهات سنويا كضرائب عامة وعقارية من الملاك، لخدمة الموازنة العامة للدولة، ومن ثم القضاء على أزمة الإسكان، بالإضافة إلى توفير إمكانية إجراء أعمال الصيانة والترميم المُطالب بها المالك لعقاره، للحفاظ على الأرواح والممتلكات.

فى عام 2017 أصدر الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء أصدر بيانه الإحصائى، كشف فيه عن أن ما يقرب من 10 ملايين وحدة سكنية فى مصر مغلقة، بينهم 935 ألف وحدة لوجود الأسرة بالخارج، و3.16 مليون وحدة مغلقة لوجود سكن آخر للأسرة، و4.86 مليون وحدة خالية مكتملة البناء والتشطيب، و580 ألف عقار قديم يحتاج للصيانة والترميم، والتى إذا أعيد النظر فيها، من خلال برنامج زمنى يحفظ حقوق الطرفين، بدراسات وإحصائيات يتم إعدادها من قبل كبار الخبراء والمسئولين، فإنها قد تورد للدولة نحو مليارات الجنيهات سنوياً.

ورغم أن جميع الحلول المطروحة، تؤكد ضرورة حصول المالك على ممتلكاته، وتعويضه عما أصابه من ضرر، نتيجة حبس أملاكه لعقود طويلة، بالإضافة لتعويض المستأجر بتوفير وحدة سكنية جديدة لائقة بسعر رمزى أو بالتقسيط فى المشروعات السكنية الجديدة التى تعكف عليها الدولة، إلا أن مشروع القانون المنظم لذلك ما زال متعثرًا داخل أروقة البرلمان.

المُلاك يطالبون بحلول تراعى كافة الأطراف سواء المالك أو المستأجر، ويراعى الجوانب الاجتماعية وأيضاً ضمن إطار المبدأ الذى ينص على التزام الدولة بتوفير سكن ملائم لكل مواطن، ولا يمانع فى ذلك بعض المستأجرين، بينما يرى البعض الآخر أن المالك قد حصل على حقه سابقًا لأن المبلغ كان مناسبًا حينها، وكان الاتفاق وقتها على ذلك.

يقول محمد على محمود، من أبناء محافظة الشرقية، إنه امتلك عقارًا مكون من 10 وحدات سكنية وصيدلية ومحلات تجارية، تم إنشاؤه فى أوائل السبعينيات من القرن الماضى، وتبلغ القيمة الإيجارية للوحدة السكنية منذ عام 1973 فقط 35 جنيهًا مصريًا، بينما تبلغ قيمة إيجار الصيدلية والمحلات 130 جنيهًا، ومنذ ذلك الحين لم يتم تعديل القيمة الإيجارية حتى الآن.

وأضاف محمد فى حديثه لـ«الوفد» أن لديه ابناً من ذوى الاحتياجات الخاصة ويتم حجزه أسبوعيًا فى إحدى دور الرعاية لمتابعة حالته الصحية بمبلغ شهرى قدره 1250 جنيهًا، وآخرين طبيبين تزوجا فى شقتين إيجار جديد قيمة كل منهما 2000 جنيه شهريًا منذ عام 2011، وابنتى طبيبة تزوجت ولديها أبناء ولا أستطيع أن أقدم لأى منهم أى مساعدة، رغم أننى محسوب على قائمة أصحاب الأملاك.

وطالب محمد بضرورة أن يلحق قانون الإيجارات القديمة للأشخاص العاديين بالقانون الخاص بالأشخاص الاعتبارية الذى صدر فى 6 مارس 2022، مؤكدًا أن فى مصر نحو 3 ملايين شقة ومحل يمتلكها الأشخاص العاديون لكنها بنظام الإيجار القديم، والتى لا يتم تحصيل منها أى قيم إيجارية تستحق، قائلًا: هذه الوحدات إن خضعت لتنظيم علاقة جديدة بين الملاك والمستأجرين، ستدر على خزينة الدولة بنحو 200 مليار جنيه سنويًا كضرائب تستفيد منها.

إبراهيم علام، أحد ملاك العقارات القديمة بالوراثة، قال: «أمتلك عقارًا قديمًا موروثًا عن الأب والجد، وهو مستغل كمسكن بنظام

الإيجار القديم، ولا أتحصل على مبالغ مناسبة لقيمته، بينما فى المقابل أتحمل مسئولية ترميم وصيانة العقار أمام الجهات المسئولة».

وأكد علام أن قيمة الإيجار فى وحدات هذا العقار للوحدة الواحدة 5 جنيهات مصرية فقط، وبالتالى ليس هناك أى اهتمام بأعمال الصيانة والترميم سواء منه كمالك أو من المستأجر المستفيد بهذا المكان، الذى أعطاه القانون حقاً مكتسباً هو فى الأصل «باطل»، إذ يسمح القانون وحكم المحكمة الدستورية العليا، بأن يورث المستأجر العقار عند موته لأقاربه من الدرجة الأولى لمرة واحدة فقط فى 2002.

ويرى «علام» أن الحل يكمن فى سعى الدولة لتوفيق الأوضاع بين المالك والمستأجر، ومحاولة تحرير العلاقة بينهما على مراحل زمنية يكون فيها العقد قائماً على مبدأ الرضا والتراضى وتحقيق المنفعة المتبادلة، وذلك لإنهاء حالة النزاعات والتقاضى، بالإضافة إلى بدء العمل فى أعمال الترميم والصيانة وتوقيع العقوبات اللازمة تجاه المقصرين، وسن تشريعات قوية وتحديث القديم بما يتوافق مع التغيرات الاقتصادية والاجتماعية التى طرأت على المجتمع.

وأوضح «علام» أن تلك التشريعات الجديدة ستسهم فى التنمية الاقتصادية للدولة، إذ تمكن من تحصيل الضرائب من مالكى العقارات، الأمر الذى يدعم الثروة العقارية وميزانية الدولة بمصادر تمويلية جديدة، فضلاً عن تفعيل قرارات الإزالة للعقارات ذات الخطورة الداهمة للحفاظ على الأرواح والممتلكات العامة والخاصة.

لم يخالف هذا الرأى سعد معروف الموظف بجمارك الإسكندرية، وأحد المستأجرين بمنطقة الهانوفيل، قائلاً: «قوانين الإسكان افتقدت تحقيق العدالة، ومنظومة الإيجار القديم فى حاجة إلى التعديل بما يضمن حماية الطرفين، إذ إن الدولة ملزمة بحماية الممتلكات والحقوق من خلال تشريعات تحيل بين أطماع المستأجر وبطش المالك».

وأشار «معروف» إلى أن هناك أماكن غير سكنية شاملة للوحدات الإدارية والمحال التجارية فضلاً عن الأماكن المؤجرة للدولة وشخصيات اعتبارية، إذ أن الملكية الخاصة أهم دعائمها أن يكون الانتفاع بها ممكنًا وميسورًا لأصحابها واستمرار قانون الإيجار القديم للعقارات القديمة على هذا النحو هو غصبًا لها يحيل أصلها عدمًا، ويمثل أسوأ صور العدوان عليها لاتخاذ الشرعية القانونية انحرافاً عن قصدها، فلا تكون الملكية الخاصة التى يكفل الدستور صونها إلا سرابًا ووهمًا.

وأضاف «معروف»: نحن جميعاً لا نرغب سوى فى تحقيق السلام الاجتماعى القائم على العدل وتحقيق تكافؤ الفرص بين طرفى العلاقة الإيجارية بين أفراد المجتمع، وهو سلام لا يتحقق إلا بأن تكون جملة التشريعات المنظمة لشأن واحد قد راعت فى أحكامها التفصيلية، تباين معدلات التغير فى مكونات هذا الشأن وضوابطه بنحو عادل بين الطرفين.