رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز

اللحوم الحمراء.. لمن استطاع إليها سبيلاً!!

بوابة الوفد الإلكترونية

 

الأعلاف وجشع التجار وأسعار الدولار.. ثالوث حرمان المصريين من البروتين

 

مواطنون أعلنوا المقاطعة.. والأسعار تتزايد باستمرار

 

30 مليون طن مخلفات زراعية كفيلة بحل مشكلة الأعلاف بشرط اهتمام الحكومة

 

شهدت الفترة الأخيرة ارتفاعاً كبيراً فى أسعار جميع السلع والخدمات، إلا أن ما حدث مع اللحوم سواء كانت بيضاء أم حمراء أثار الرأى العام فى مصر كلها، فقد شهدت ارتفاعات متتالية حتى أصبحت فوق قدرة ملايين المصريين من أبناء الطبقة الوسطى. الخبراء أكدوا أن السبب الرئيسى فى هذا الارتفاع يرجع إلى ارتفاع أسعار الأعلاف التى يتم استيراد مكوناتها من الخارج، وزاد «الطين بلة» جشع بعض التجار والمربين، ما جعل العديد من المواطنين يعلنون مقاطعة اللحوم والبحث عن بدائل لها، ومع ذلك ما زالت الأسعار على حالها، بينما اكتفى المواطنون بالشكوى والدعاء لله ليرفع عنهم الغلاء.

جولة «الوفد» فى الأسواق كشفت عن حالة الغضب الشديد التى يعيشها المصريون بعد ارتفاع الأسعار بهذا الشكل الكبير، حيث أكد محمد السيد، موظف، أن الجميع يعيش فى أزمة اقتصادية لا يعلم أحد متى تنتهى، والكثير من المواطنين أصبحوا عاجزين عن التكيف مع هذه الأوضاع، لافتاً إلى أنه اضطر إلى الاستغناء عن الكثير من الأشياء التى كانت أساسية بالنسبة له ولأسرته بسبب ارتفاع أسعارها، موضحاً أن دخله لا يتعدى 3 آلاف جنيه شهرياً، ولا يكفى لمنتصف الشهر، لذلك اضطر إلى الاستغناء عن اللحوم الحمراء والبيضاء معاً، ومع ذلك فهو يلجأ إلى الاقتراض من زملائه حتى يستطيع توفير نفقات أسرته.

وأضافت سماح حسن، ربة منزل، أنها قللت من استهلاكها من اللحوم الحمراء، لأنها تستهلك القدر الأكبر من مصاريف المنزل، وتعد معظم الأطعمة دون لحوم أو دواجن.

وقالت علياء حمدى، أم لثلاثة أطفال، إن أسعار السلع الغذائية ارتفعت بشكل كبير، ما دفعها إلى شراء أغلب احتياجاتها اليومية من المواد الغذائية من العروض التى تقدمها بعض المحال الكبرى، مشيرة إلى أن الأسعار ارتفعت أيضاً فى منافذ وعربات الحكومة المتنقلة، فمثلاً فى منافذ ميدان رمسيس وصل سعر اللحم السودانى والبرازيلى المستوردة إلى 160 جنيهاً للكيلو بدلاً من 60 جنيهاً، و«الكبدة» تباع بـ120 جنيهاً.

التقطت كريمة فهمى، ربة منزل، 50 عاماً، أطراف الحديث قائلة: إن كل السلع الغذائية ارتفعت أسعارها فى الأسواق وليس اللحوم فقط، ففى منطقة مدينة نصر وصل سعر اللحوم البلدية إلى 260 جنيهاً ما دفعنى إلى التوجه إلى منطقة السيدة عائشة لأفاجأ بأن سعر الكيلو يصل إلى 220 جنيهاً، بينما يباع البوفتيك بـ240 جنيهاً، و«الكبدة» بـ250 جنيهاً.

أما منال مصطفى، من قاطنى منطقة المقطم، فتؤكد أن كيلو اللحم وصل إلى 240 جنيهاً، والبوفتيك و«الكبدة» 260 جنيهاً، واللحم المفروم 200 جنيه، حتى الكوارع وصلت إلى 200 جنيه للرجل الواحدة، بينما وصل سعر كيلو اللحم الجملى إلى 195 جنيهاً، ما دفعها إلى التوجه لمنطقة السيدة زينب للشراء من منفذ أمان التابع لوزارة الداخلية، حيث يباع اللحم به بـ150 جنيهاً، واضطرت إلى الوقوف فى طابور طويل للحصول على ما تريد.

الأعلاف هى السبب

أما محمد عبده، تاجر مواشى وجزار، بمنطقة دار السلام، فأرجع ارتفاع أسعار اللحوم إلى ارتفاع أسعار الأعلاف، وهو ما أدى إلى تراجع الإقبال على شراء اللحوم بعد أن وصل سعرها إلى أكثر من 200 جنيه للكيلو.

وقالت هالة السعيد، من تجار منطقة المدبح، إن ارتفاع الأسعار طال الجميع، ولكنها فى المدبح أقل من أى مكان آخر، بل إنها تختلف من تاجر لآخر، فسعر الكوارع يصل إلى 120 جنيهاً، بينما «الكبدة» تباع بـ150 جنيهاً، و«الكرشة» بـ40 جنيهاً و«الفشة» بـ60 جنيهاً، و«الممبار» يبدأ من 60 حتى 80 جنيهاً، والمفروم بـ120 جنيهاً، والهامبورجر بـ90 جنيهاً، ولحمة الحواوشى بـ90 جنيهاً.

وفى منطقة شبرا، سجل سعر كيلو اللحم الكندوز ما بين 150 و170 جنيهاً للكيلو، وبلغ سعر الفلتو الكندوز 170 جنيهاً، وسعر الروستو الكندوز 170 جنيهاً، كما بلغ سعر لحم الضأن 145 جنيهاً، و«الكبدة» البقرى 145 جنيهاً للكيلو، وتراوح سعر كيلو اللحم الجملى ما بين 120 و140 جنيهاً للكيلو، وسعر الكيلو البلدى 190 جنيهاً.

منع الاستيراد

وتعليقاً على ذلك قال محمود العسقلانى، رئيس جمعية مواطنون ضد الغلاء لحماية المستهلك، إن صندوق النقد الدولى سيأخذنا إلى طريق الهلاك بسبب شروطه، لافتاً إلى أن مصر تستطيع تخطى الأزمة عن طريق غلق أبواب الاستيراد والاتجاه إلى الإنتاج المحلى، وعمل اقتصاد وتنمية ذاتية، مشيراً إلى أن يتوقع امتناع التجار عن استيراد اللحوم المجمدة، لارتفاع تكلفة الاستيراد، فإذا استوردها التاجر بـ 130 جنيهاً للكيلو، فسيبيعها فى السواق بما لا يقل عن 160 جنيهاً، وبالتالى لن تجد من يشتريها.

وأشار العسقلانى إلى أن المقاطعة ليست هى الحل، فهناك سلع ليست لها بدائل، ومنها اللحوم التى ارتفعت كل أنواعها، موضحاً أن البلد به إمكانيات وخبرات وقدرات تستطيع التوجه إلى الإنتاج المحلى، ولكن الأزمة تكمن فى جبل البيروقراطية الذى يجب إزالته وهدمه، بالإضافة إلى دور التجار الذين يحققون أرباحاً وفوائد بسبب الغلاء، مشيراً إلى أن بعضهم حقق مكاسب قدرت بـ2 مليون جنيه يومين فقط بسبب العلف، فمن أمن العقاب أساء الأدب، لذا يجب تفعيل دور جهاز حماية المستهلك ومفتشى الرقابة بوزارة التموين، فنحن أمام أزمة تحتاج إلى تحرك مختلف.

مافيا الأعلاف

وطالبت جمعية «مواطنون ضد الغلاء» بضرورة مواجهة مافيا تجارة الأعلاف ومستوردى مستلزمات الإنتاج، ومصادرة الكميات التى جرى الإفراج عنها من الموانئ وبيعها بالسعر العادل، لافتاً إلى أن الحكومة تعرف أسماء وعناوين ومخازن ومصانع العشرة الكبار المحتكرين لاستيراد مستلزمات إنتاج الأعلاف وصناعتها وتجارتها، فهم يشكلون مافيا يقومون بمص دماء المواطنين، مؤكداً أن صناعة اللحوم الحمراء والبيضاء على وشك الانهيار نتيجة هذا العبث، محذراً من استمرار حملة المقاطعة أكثر من أسبوع فى حال نجاحها، وهو ما قد يؤدى لتكدس القطيع فى المزارع، ومن ثم النفوق الجماعى، وبالتالى يتسبب هذا فى خسائر فادحة لهذه الصناعة يصعب تداركها، مشدداً على حتمية مواجهة السماسرة والموزعين لأنهم أحد أهم أسباب ارتفاع الأسعار فى الفترة الأخيرة.

روشتة

ومن جانبها، قالت ندى صابر، باحثة فى علوم إدارة المنزل واقتصاديات الأسرة، إن زيادة الأسعار أصبحت كالمرض الذى يتفشى وينتشر بسرعة فائقة فى جسد المجتمع المصرى، مع صعوبة توفير علاج وخاصةً بعد القفزات المتتالية لقيمة الدولار الأمريكى مقابل الجنيه المصرى، وهذا الارتفاع شمل جميع أنواع السلع والخدمات التى يحتاج لها المواطن، ما دفع البعض للاستغناء عن بعض السلع.

وتابعت «صابر» أن من أهم السلع الضرورية التى ارتفعت أسعارها فى الآونة الأخيرة هى اللحوم، وهى من السلع التى لا غنى عنها لما تحتويه من نسبة عالية من البروتين، لذا يتساءل الكثير من المواطنين اليوم عن كيفية التغلب على موجة ارتفاع الأسعار الحالية، لذلك يمكن وصف روشتة للتعامل مع هذه المشكلة، تبدأ بالامتناع عن شراء اللحوم فى الوقت الحالى ومقاطعتها، وهو ما قد يدفع التجار لخفض الأسعار نتيجة انخفاض الطلب،

وأضافت أنه يمكن شراء اللحوم

بأسعار مخفضة من منافذ البيع التابعة للدولة التى تبيع اللحوم بأسعار منخفضة للمواطنين، بالإضافة إلى استبدال البروتين الحيوانى بالبروتين النباتى المتوافر فى البقوليات والحبوب، حيث تحتوى هذه المواد على نسبة عالية من البروتين، مع الخلط بين أنواع البروتين النباتى والحيوانى: وهى الطريقة الأفضل للحصول على الاحتياجات اليومية من البروتين، التى تضمن حصول الجسم على احتياجه اليومى من البروتين اللازم لبناء العضلات وتعويض الأنسجة التالفة فى الجسم، مثل تناول الكشرى المصرى أو الكشرى الإسكندرانى مع البيض المحمر، فهى وجبة بسيطة وغير مكلفة.

وأكدت الباحثة فى علوم إدارة المنزل أن المواطن يجب أن يتعرف على بدائل السلع، حتى إذا زاد سعرها يمكنه شراء البديل، فبدائل اللحوم تتمثل فى: القمح، الأرز، الشوفان، الكينوا، الفول، العدس، الحمص، فول الصويا ومنتجاته، البازلاء، الفاصوليا بأنواعها، البروكلى، السبانخ، فطر عيش الغراب «المشروم»، البيض، الحليب ومنتجاته، المكسرات، التونة، الأفوكادو، وجميعها مصادر غنية بالبروتين يمكنها أن تسهم فى سد احتياج الجسم منه فى حالة الامتناع عن تناول اللحوم أو الحد منها.

وأضافت أنه يجب على المواطن ترشيد الإنفاق والاستهلاك، وسرعة الإبلاغ عن حالات التجاوز التى يراها من قبل بعض التجار للتيسير على الأجهزة الرقابية فى ضبط هؤلاء المخالفين.

كما طالبت ندى صابر بتفعيل دور الدولة فى السيطرة على ضبط الأسواق سواء بتوفير السلع الاستراتيجية، أو إيجاد بدائل لأى نقص، والتحكم فى الارتفاعات بحيث تكون محسوبة بدقة حتى لا يصاب السوق بالفوضى.

الرقابة الفعلية وليست الوهمية

وعن التحليل الاقتصادى على المستوى الدولى والمحلى قال الخبير الاقتصادى السيد خضر إن العالم الآن يعيش فترة صعبة بسبب الحروب والانتكاسة التى تلت كورونا، وأثرت بدورها على أداء الاقتصاد العالمى، وأوضح أن الدولة قدمت بعض الحوافز والدعم المادى لتحقيق الاكتفاء الذاتى فى السلع الغذائية، وبرغم هذا فالبلاد تحتاج خلال الفترة المقبلة إلى زيادة القدرات الإنتاجية سواء على المستوى الإنتاجى أو الزراعى.

وتابع «خضر» أن الزيادة الكبيرة فى الأسعار ترجع إلى وجود أزمة فى الدولار، مشيراً إلى أن الإفراج الجمركى عن العديد من السلع والمواد الخام ومستلزمات الإنتاج، ستسهم فى تحقيق توازن فى الأسعار فى السوق خلال الفترة المقبلة، فضلاً عن وجود رقابة شديدة لتحقيق هذا التوازن، بالإضافة إلى عمل تشريع يجرم من يستغلون الأزمات لصنع الثروات بزيادة الأعباء على المواطن الذى أصبح فريسة لهؤلاء التجار.

واختتم الخبير كلامه قائلاً: «يجب تفعيل الرقابة الحكومية على أرض الواقع من وزارة التموين وحماية المستهلك، لضبط الأسواق، كما يجب على المواطن ترشيد الاستهلاك بدلاً من الدخول فى مرحلة التقشف، فلا سبيل لأى مواطن للنجاة من ارتفاع الأسعار سوى الترشيد، وهو ما يعنى وضع النفقات فى محلها للحصول على أعلى عائد منها، فترشيد الاستهلاك لا يعنى التخفيض ولا يعنى تجنب استخدام الأشياء، ولكن استخدامها بشكل معقول، لذا يجب تكاتف الجميع سواء الدولة ورجال الاعمال والتجار والصناع والمواطنين أيضاً، متمنياً العبور من تلك الأزمة وتحقيق التوازن فى الأسعار قبل بداية شهر رمضان الكريم، الذى تزداد الأسعار فيه، متخوفاً من شرط صندوق النقد فى رفع الدعم عن المواد البترولية ما سينعكس على السلع الغذائية خلال الفترة المقبلة.

والتقط أطراف الحديث الدكتور جمال صيام، أستاذ الاقتصاد الزراعى، مشيراً إلى وجود عدة عوامل أسهمت فى زيادة أسعار اللحوم، منها عدم وجود مراعٍ طبيعية، لذا يتم استيراد 50% من احتياجاتنا من اللحوم الحمراء، بالإضافة إلى زيادة سعر الأعلاف، ولا يوجد أمام الفلاحين سوى البرسيم كبديل للعلف ولكنه من الزراعات الشتوية.

وأكد «صيام» أن بديل استيراد الأعلاف هو إنتاجها محلياً عن طريق استخدام المخلفات الزراعية التى تصل إلى 30 مليون طن، وهى تتكوَّن من حطب الذرة وعروش الفول السودانى وقش الأرز الذى يبلغ 4 ملايين طن سنوياً، ورغم وجود قرار بتدوير المخلفات الزراعية وتحويلها إلى سماد عضوى، إلا أنه لا توجد سياسات تحوِّل هذا القرار إلى واقع فعلى.

ويقترح الدكتور صيام عمل مناقصة بين شركات القطاع الخاص لتدوير المخلفات، وهو ما سيدر عليها أرباحاً وفيرة، وبالتالى تتوافر الأعلاف فى السوق ونقلل استيرادها من الخارج، وبالتالى ستنخفض أسعار اللحوم، لافتاً إلى وجود شركات قامت بتحويل قشر البرتقال إلى أعلاف بعد إضافة الأمونيا إليه.

وأضاف أنه يجب أن تتكاتف وزارات الزراعة والبيئة مع التعاونيات الزراعية وتعاونيات منتجى المواشى، لتحويل هذه المخلفات الزراعية إلى أعلاف، لافتاً إلى وجود فجوة بين البحوث واتخاذ القرار، موضحاً أنه قدَّم بحثاً منذ 20 عاماً عن الطريقة المثلى لاستخدام المخلفات بشتى أنواعها عن طريق توفيرها لشركات القطاع الخاص بدلاً من حرقها وإضرارها بالبيئة، ولكن أحداً لم يلتفت إليه.