رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

شاهد الزور ما شافش حاجة

محكه
محكه

شهود زور تحت الطلب.. وقضايا الطلاق وإعلام الوراثة أكبر ميادين جرائمهم

 

هم بشر من لحم ودم، لكنهم قرروا بمحض إرادتهم أن يكونوا أعواناً للشيطان، وباعوا أنفسهم بجنيهات قليلة.. فامتهنوا «الشهادة الزور».

 

أشهر أماكن تجمعهم طرقات النيابات والمحاكم، والمقاهى القريبة من المحاكم، وتسعيرة الواحد منهم تبدأ بـ100 جنيه، ومقابل هذه الجنيهات يقسم يمين الله، وهو كاذب، ويقول كلاماً كذب فى كذب، والكارثة أن كلامه هذا يسوق البعض إلى حبل المشنقة، ويخرب بيوت كثيراً ما كان لها أن تخرب لولا الشهادة الزور، كما يضيع حقوقاً على أصحابها، ما كانت لتضيع لولا «شاهد الزور».

حبس متهم

كواليس مروعة كشفتها «الوفد» فى هذا التحقيق عن خفايا دنيا «الشهود الزور»

دينياً وأخلاقياً تعد الشهادة الزور نوعاً من أنواع الكذب المُتعمد، وهى من أشد أنواع الكذب قبحاً وأكثرها ظلماً، وهى أن يقول الإنسان ما لم يشاهده بعينه بعد تجميله وتحسينه ليظهر كأنه قول صادق فيضيف إليه شاهد الزور أشياء وينقص منه أشياء وذلك لغايات كثيرة كتحليل الحرام، ولهذا حذرت كل الأديان السماوية من شهادة الزور، واعتبرته من الكبائر التى توجب على من يرتكبها عذاباً أليماً فى الدنيا والآخرة.

 

 طرقات النيابة والمقاهى المحيطة بالمحاكم أماكن تجمعهم.. وتسعيرة الشهادة من 100 جنيه إلى 10 آلاف جنيه

 

وقانونياً حدد الباب السادس من قانون العقوبات عدداً من المواد التى تعاقب على شهادة الزور واليمين الكاذبة، وذلك بدءاً من المواد 294 وحتى المادة 301، وتصل العقوبة للإعدام إذا ما ترتب على الشهادة الزور الحكم على متهم برىء بالإعدام وتم تنفيذ هذه العقوبة.

 

ورغم تحذير كل الأديان السماوية من شهادة الزور، ورغم العقوبات القاسية التى تضمنها القانون لشهود الزور، إلا أن الواقع يقول إن شهود الزور متواجدون وبقوة ومنتشرون فى كل مكان وجميعهم تحت الطلب لمن يدفع لهم.

 

أيمن محفوظ، المحامى أكد أن سعر شاهد الزور يبدأ من 100 جنيه وهناك بـ2000 و5000 جنيه وقد يصل إلى 10 آلاف جنيه، وذلك بحسب نوع القضية التى يشهد فيها.. وقال: «هتلاقيهم موجودين فى طرقات النيابة وعلى المقاهى وبجوار المحاكم».

 

يستكمل «محفوظ» حديثه قائلاً إن هناك العديد من الألاعيب التى يقوم بها الشاهد الزور حتى لا ينكشف أمره أمام القاضى الذى يمر عليه بشكل يومى وذلك من خلال تنوع تقديم الشهادة الزور فى الدوائر المختلفة.

 

وأشار المحامى إلى أن أكبر ممارسات شهود الزور تكون داخل محاكم الأسرة، وهناك بعض محترفى الشهادة الزور الذين يمكن أن تتفاوض معهم فى أية قضية سواء مدنية أو حتى جنائية للشهادة الزور، وتلك العصابات تعمل بشكل جماعى أو شكل أحادى وهم موجودون أمام أغلب المحاكم فى جميع محافظات مصر.

وتابع: قضايا إعلام الوراثة الأكثر إقبالاً من قبل شاهد الزور، فحينما تقوم برفع دعوة الإعلام الشرعى فإنك تحتاج اثنين شهور قد تكون غير مستعد بشهودك فهناك من يعرض خدماته للوصول أمام القاضى للشهادة نظير مبلغ يتم الاتفاق عليه بينك وبين المتبرع بالشهادة الزور ويتم سماع شاهدته بعد تلقينه إياها من قبل المحامى ويصدر لك إعلاماً شرعياً بناء على هذه الشهادة.

عاصم محمود

>> فطنة القضاة تكشف ألاعيبهم.. وعقوبات قاسية لكل من يثبت كذب شهادته

 

وأضاف: قد تلجأ إلى محترف الشهادة الزور سواء من عصابات المحترفين أو من خلال شهود وهم أقارب أو أصدقاء لك يشهدون بما تنبه عليهما شهادته ويزيد الأمر خطورة حينما يتم استئجار الشهود فى قضايا جنائية سواء لإدانة متهم أو لتبرئة آخر بل قد يحدث فى بعض الأحيان أن يلجأ ورثة المجنى عليه للشهادة الزور من أجل تبرئة القاتل أملاً فى الأخذ بالثأر من الجانى وهذا ليس عيباً فى إجراءات التحقيق وإنما يكون على القاضى أن يرجح ما بين شهادة كل طرف ويثمن تلك الشهادة ليقضى بما اقتنع به القاضى من أقوال.

 

وتابع: رغم محاوله الشهود الزور من الإفلات بجرائمهم لكن فطنه القاضى قد توقع الشاهد فى ورطة وتأمر المحكمة بتطبيق نصوص القانون عليه، فالشهادة الزور جريمة كأى جريمة يعاقب مرتكبها.

 

واختتم «محفوظ» حديثه قائلاً: المشكلة فى شهادة الأقارب والمعارف فى القضايا المدنية أو قضايا الأسرة، فهذا أمر يخضع لتقدير القاضى والموازنة بين شهادة كل طرف، وعلى الطرف المتضرر إثبات شهادة شاهد الزور التى أضرت به وفى تلك الحالة سينال الجانى عقوبة قانونية رادعة.

 

من جانبه، قال القانونى عصام محمود إن الشهادة الزور هى تعمد الكذب لإخفاق الباطل أو أبطال الحق، مشيراً إلى أن قانون العقوبات المواد من 294 حتى 301 ينص على أن يعاقب شاهد الزور بالحبس لمدة لا نزيد على سنتين أما اذا ترتب على شهادة الزور الحكم على المتهم تصل عقوبة شاهد الزور إلى الحبس والسجن المشدد، وإذا ما كان الحكم على المتهم بالإعدام يحكم على شاهد الزور بالإعدام.

 

ونوه عصام إلى أن القانون صدر عدداً من المواد عن ماهية جريمة الشهادة الزور واليمين الكاذبة وسرد بعضها منها، المادة 294، التى تنص على كل من شهد زوراً لمتهم فى جناية أو عليه يعاقب بالحبس.

 

والمادة 295، تنص على أنه إذا ترتب على هذه الشهادة الحكم على المتهم يعاقب من شهد عليه زوراً بالسجن المشدد أو السجن أما إذا كانت العقوبة المحكوم بها على المتهم هى الإعدام ونفذت عليه يحكم بالإعدام أيضاً على من شهد عليه زوراً، أما المادة 296 فتنص على كل من شهد زوراً على متهم بجنحة أو مخالفة أو شهد له زوراً يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين، وتقول المادة 297 إن كل من شهد زوراً فى دعوى مدنية يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين، أما المادة 298 فتقول إنه إذا قبل من شهد زوراً فى دعوى جنائية أو مدنية عطية أو وعداً بشىء ما يحكم عليه هو والمعطى أو من وعد بالعقوبات المقررة للرشوة أو للشهادة الزور إن كانت هذه أشد من عقوبات الرشوة.

ايمن محفوظ

فإذا كان الشاهد طبيباً أو جراحاً أو قابله وطلب لنفسه أو لغيره أو قبل أو أخذ وعداً أو عطية لأداء الشهادة زوراً بشأن حمل أو مرض أو عاهة أو وفاة أو وقعت

منه الشهادة بذلك نتيجة لرجاء أو توصية أو وساطة يعاقب بالعقوبات المقررة فى باب الرشوة أو فى باب شهادة الزور أيهما أشد. ويعاقب الراشى والوسيط بالعقوبة المقررة للمرتشى أيضاً.

 

بينما تنص المادة 299 على أنه يعاقب بالعقوبات المقررة لشهادة الزور كل شخص كلف من سلطة قضائية بعمل الخبرة أو الترجمة فى دعوى مدنية أو تجارية أو جنائية فغير الحقيقة عمداً بأية طريقة كانت، وتنص المادة 300 على أنه من أكره شاهداً على عدم أداء الشهادة أو على الشهادة زوراً يعاقب بمثل عقوبة شاهد الزور مع مراعاة الأحوال المقررة فى المواد السابقة، فيما تنص المادة 301 على أنه من ألزم باليمين أو ردت عليه فى مواد مدنية وحلف كاذباً يحكم عليه بالحبس، ويجوز أن تزاد عليه غرامة لا تتجاوز مائة جنيه.

 

>> خبراء طب نفسى: الطفولة البائسة وراء ظهورهم.. ودار الإفتاء: من الكبائر

السر فى الطفولة البائسة

ما السر فى تواجد شهود زور؟.. يجيب خبراء الطب النفسى: السر فى الطفولة البائسة الدكتورة منى حمدى، استشارى الصحة النفسية، قالت إن ثمة سيكولوجية معقدة تقبع وراء هؤلاء الذين يُقدمون على شهادة الزور وخاصة من يحترفونها، فلا إنسان يُولد ملوثاً أو محتالاً أو كذاباً، لكنه يكتسب ذلك من بيئته المحيطة، فشاهد الزور يُصنف كدرجة من السيكوباتية تلك الشخصية المعادية للمجتمع التى تفعل القبح دون أدنى شعور بالذنب أو تأنيب الضمير.

 

وأضافت الدكتورة منى، أنه يندرج فى اضطرابات الشخصية تحت الصنف الشكاك الزورى الميال لحمل الأحقاد، وتوهم إساءة الآخرين إليه حتى إن لم يكن هناك أى دليل على ذلك، شاهد الزور ذلك الشخص الذى يقف أمام المحكمة ينطق بالباطل وهو يعلم تمام العلم بزوره وبطلانه ومع ذلك يفعله بكل جَرأة وجسارة وثبات انفعالى.

 

فما الدافع وراء ذلك؟ أجابت استشارى الصحة النفسية قائلة، إنها دوافع ظاهرية بينما المحرك الحقيقى الأصيل دافع نفسى صِرف، هؤلاء شهود الزور هم ببساطة أطفال قُدِمَ لهم الحب المصطنع والمشروط بطفولتهم المبكرة والمتأخرة، وتم معاملتهم بالرفض حال عدم تقديم ثمن الحب المشروط، ولأن الطفل لديه قدرة خارقة لتمييز الحب الحقيقى من المصطنع والمشروط من الإيثارى فهو يعلم ويتألم، لكنه يقبل هذا الحب من والديه وفق نظرية التعلق ويدفن ظنه وألمه باللاوعى.

 

وتابعت: وفق نظريات علم النفس يصبح محتالاً ويجيد الكذب والتلاعب ويتلذذ به انتقاماً لطفولته المجروحة ووجوده الذى لم يُمنح الحب الذى يستحقه ويعانى من ظاهرة التحول الحاقد أو الخبيث malevolent transformation، فيمارس نوعاً أو أكثر من الكذب والاحتيال والمراوغة لأنه تعلم أن يُخدع أو يُراوغ أو يتحايل عليه وهو طفل وقد آلمه ذلك كثيراً لكنه لم يكن بالقوة وما زال أن يواجه نفسه بذلك أو يوجه الانتقام والثأر من والديه، فيكون لديه طاقة عدوانية خبيثة وحاقدة يُخرجها على شكل خداع للجميع ويتلذذ بذلك كونه يشعر بذكائه.

شاهد الزور ما شافش حاجة

وأشارت الدكتورة منى إلى أن الشاهد الزور سيكوباتى مضطرب وفاقد القيم والأخلاقيات ومصدر هذا الأنا الأعلى والضمير الذى أسقطهما تلقى الزور من والديه ورؤيتهما يكذبان ويخدعان، شهادة الزور أبشع أنواع الكذب يٌكتسب من تنشئة لم تلقنه القيم ولما تمارسها أمامه وأجهضت نمو الأنا الأعلى والضمير، وهو شخص حاقد دون سبب، يفرغ حقده فى أى أحد وخاصة الضعيف، فالمحتاج لشهادة حق يكون فى موقف الضعيف، وتضييع حقه أو جلب الضرر عليه يحقق انتصاراً مريضاً مضطرباً لشاهد الزور، كما يتلذذ فى تضليل العدالة والعبث بمحاولات المحكمة أو النيابة فى تحرى الحقيقة ما يشكل عبئاً كبيراً على هيئات تحقيق العدالة.

شاهد الزور ما شافش حاجة

من الكبائر

أصدرت دار الإفتاء فتوى رقم 2004 لعام 2015 بشأن الشهادة الزور، مدللة بحديث عن النبى (صلى الله عليه وسلم) قال فيه: «ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟» قلنا «أى الصحابة»: بلى يا رسول الله، قال: «الإشراك بالله، وعقوق الوالدين»، وكان متكئًا فجلس، فقال: «ألَا وقول الزور، وشهادة الزور، ألَا وقول الزور، وشهادة الزور».

 

وأكدت الإفتاء أن شهادة الزور هى الشهادة بالكذب والباطل لإتلافِ نفسٍ، أو أخذِ مالٍ، أو تحليلِ حرامٍ، أو تحريمِ حلالٍ، أو غير ذلك.