رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز

الإخلاص لله في العمل

احمد حسين منصور مفتش
احمد حسين منصور مفتش وزارة الاوقاف ومدير مسجد السيدة زينب

الإخلاص أن نقصد بعبادتنا وأعمالنا وأقوالنا وكلِّ ما نتقرَّب به إلى الله ربِّنا - وجهَه سبحانه؛ رغبةً في ثوابه، وخشيةً من عقابه، وطلبًا لمَرضاته، فلا نصرف منها شيئًا لغيره، ولا نُشرك فيها معه أحدًا من خلقه، ولا نبتغي بها رياءً ولا سمعة ولا شهرة، ولا نفعًا دنيويًّا من مال أو تعظيم أو تقديس أو رفعةِ شأن عند الناس، الذين تغرُّهم المظاهر الخادعة التي لم تكن في سلفهم الصالح.

 

وقد أُمرنا الله بالإخلاص والحِرص عليه؛ حتى لا يَحبَط عملنا ونكون من الخاسرين.

قال الله تعالى: ﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ﴾ [

وقال تعالى: ﴿ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ﴾

وقد روى أبو داود والترمذي رحمهما الله بسند حسن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((مَن أحبَّ لله وأبغضَ لله، وأعطى لله ومنَع لله؛ فقد استكمل الإيمان)).

 

وقد روى البخاري ومسلم رحمهما الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سُئل: الرجل يقاتل شجاعةً ويُقاتِل حميةً، ويُقاتل رياءً، أيُّ ذلك في سبيل الله؟ فقال عليه الصلاة والسلام: ((من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله)).

 

 بهذا بدأ احمد حسين منصور مفتش وزارة الاوقاف ومدير مسجد السيدة زينب :وأضاف ان

هذا يفسر لنا لماذا لم يَنتصِر الذين يقاتلون أعداء الله تحت راية الاشتراكية أو القومية أو العلمانية مثلًا؟ لأنهم لم يقاتلوا لتكون كلمة الله هي العليا، ولينصروا دين الله، والله عز وجل لا ينصر إلا من نصر دينه؛ ﴿ وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ﴾

 

وقد يدرك الإنسانُ بإخلاصه في قصده وصدقه في نيته من الأجر ما لا يستطيع أن يدركه بعمله.

فقد روى أبو داود والترمذي رحمهما الله عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه قال: كُنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك فقال: ((إن بالمدينة لَرِجالًا، ما سرتُم مسيرًا ولا قطعتم واديًا إلا كانوا معكم؛ حبَسَهم المرض)) وفي رواية: ((إلا شرَكوكم في الأجر)).

 

وقد يَضيع على الإنسان عملُه الذي لم يكن مخلصًا فيه مَهمًا بذل فيه من جهد ومشقة؛ فقد يعمل اثنان عملًا واحدًا ويَبذُلان فيه جهدًا متساويًا، فيُثاب أحدهما لإخلاصه في عمله وابتغائه ثوابَ الله، ويعاقَب الثاني لعدم إخلاصه في عمله وابتغائه ثوابَ الدنيا؛ ويُبيِّن ذلك ويوضحه ما رواه البخاري ومسلم رحمهما الله عن عمر رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا يُصيبها أو امرأة يَنكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه)).

 

فالفعل واحد؛ وهو الانتقال من مكة المكرمة إلى المدينة النورة، والقصد مُختلف؛ فالأول قصده الهجرة إلى الله ورسوله، فهجرته مقبولة، والثاني قصده الدنيا أو المرأة المسلمة التي هاجرت مع المسلمين، وكان يحبها ويريد الزواج منها، فهِجرتُه مردودة؛ لأنها فقدَت الإخلاص الذي هو أحد سبَبَي قبول الأعمال.

 

والنية الخالصة التي يراد بها وجه الله تَنقل العادات - بل الشهوات - إلى عباداتٍ يُثاب عليها فاعلُها؛ ففي الصحيحين عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إنَّك لن تنفق نفقة

تبتغي بها وجه الله إلا أُثِبتَ عليها، حتى اللقمة تجعلها في فِي امرأتك))؛ أي: في فمها.

 

 وأوضح احمد حسين منصور مفتش وزارة الاوقاف ومدير مسجد السيدة زينب قائلا :

 

كما أن إرادة غير وجه الله بالعمل الصالح يجعل عمله سيئًا يُحرَم صاحبُه من الأجر؛ فقد روى الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجه رحمهم الله حديثَ أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من تعلَّم علمًا مما يُبتغى به وجهُ الله لا يتعلَّمه إلا ليصيب عرَضًا من الدنيا، لم يجد عَرْفَ الجنَّة يوم القيامة))؛ يعني: ريحها.

 

وروى الترمذي رحمه الله من حديث كعب بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من طلَب العلم ليُماريَ به السفهاء، أو يجاريَ به العلماء، أو يصرف به وجوه الناس إليه أدخله الله النار)).

 

وروى الإمام أحمد رحمه الله من حديث أبيِّ بن كعب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((بَشِّر هذه الأمة بالثناء والعزِّ والرفعة والدِّين والتمكين في الأرض، فمن عمل منهم عملَ الآخرة للدنيا لم يكن له في الآخرة من نصيب)).

 

فهل يتذكر ذلك العلماءُ الذين يجاملون في فتاويهم يُرضون بها الناس؟!

 

وهل يتذكر ذلك القراءُ الذين يُساومون على أخذ الأجرة على قراءة القرآن؟!

 

فليتقوا الله الذي علَّمهم ما لم يكونوا يعلمون، والذي إذا

شاء سلب منهم كل شيء، ﴿ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [البقرة: 269].

 

وإذا كان الإسلام يأمر بالإخلاص لله في الأقوال والأفعال والقصد، فإنه ينهى أشد النهي عن الشِّرك فيها أو الرياء أو حبِّ السُّمعة والشهرة أو ثناء الناس عليه؛ وذلك لأن الشرك محبط للأعمال، ويحرم صاحبه من دخول الجنة ومغفرة الله؛ قال الله تعالى: ﴿ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ ﴾ [المائدة: 72].

 

وقال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا ﴾ [النساء: 116].

 

وقد روى مسلم رحمه الله عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((قال الله تعالى: أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملًا أشرك فيه معي غيري تركتُه وشِركَه))؛ أي: إن الله لا يقبل هذا العمل الذي جعل لله فيه شريكًا، فالله هو الغني الحميد، والناس كل الناس فقراء إليه.

وقال احمد حسين منصور مفتش وزارة الاوقاف ومدير مسجد السيدة زينب ان الرياء كذلك محبط للأعمال، ومُضيِّع للثواب، وموجب للعقاب، وهو الشرك الخفي، ومِن أوصاف المنافقين؛ قال الله تعالى: ﴿ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا ﴾

وقد توعد الله الذين يُراؤون في أعمالهم بالعذاب في وادٍ مِن وديان جهنم تستعيذ منه جهنم؛ قال الله تعالى: ﴿ فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ * الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُونَ * وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ ﴾ [ا

روى الطبراني عن ابن عباس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن في جهنم لواديًا تستعيذ جهنم من ذلك الوادي في كل يوم أربعَمائة مرة، أُعدَّ ذلك الوادي للمُرائين من أمة محمد؛ لحامل كتاب الله، وللمُصَّدِّق في غير ذات الله، وللحاج إلى بيت الله، وللخارج في سبيل الله))؛ ذكره ابن كثير في تفسير سورة الماعون، وضعفه الألباني.

وقصد السمعة أو الشهرة أو المحمَدة بالأعمال مُحبِط لها كذلك، ومضيِّع لثوابها، وسبب في تعجيل العقوبة لمن هذا قصده، وسيفضحه الله يوم القيامة على رؤوس الأشهاد.

روى البخاري ومسلم رحمهما الله عن جندب بن عبدالله رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((مَن سمَّع سمَّع الله به، ومَن يُرائي يرائي الله به)).

وفي الحديث الذي رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن أول الناس يُقضى يوم القيامة عليه رجل استُشهد فأُتي به فعرَّفه نعمته فعرفها، قال: فما عملتَ فيها؟ قال: قاتلتُ فيك حتى استشهدتُ، قال: كذبتَ، ولكنَّك قاتلتَ لأن يُقال: جريء، فقد قيل، ثم أمر به فسُحب على وجهه حتى ألقي في النار...))، وتكرر مثلُ ذلك مع العالم والقارئ للقرآن والغنيِّ الذي آتاه الله حظًّا من المال، فهؤلاء الثلاثة الذين ابتغوا بأعمالهم الذِّكرَ والثَّناء عليهم بما عملوا هذا حظُّهم مما عَملوا، ويوم القيامة لهم عذاب أليم.

فالإخلاص في الأعمال سبيل إلى قبولها، ولا يقبل عمل بدونه، رزقنا الله الإخلاص في الأعمال، والصدق في الأقوال وحُسْن النيات بمنِّه وكرَمِه.