رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز

لحوم العيد فوق طاقة الغلابة

شادر لحوم (صورة أرشيفية)
شادر لحوم (صورة أرشيفية)

تشهد أسواق اللحوم في مختلف المحافظات ارتفاعاً ملحوظاً في الأسعار مع قرب حلول عيد الأضحي المبارك وشمل تحول الأسعار كافة انواع اللحوم الحمراء والضأن والجملي وكذلك الخراف الحية والمستوردة.

وقد كشفت جولتنا في الأسواق وكبري محلات بيع اللحوم ارتفاعات واضحة في أسعار اللحوم وتشير إليها ايضا أحدث تقارير الغرف التجارية والتي توقعت ارتفاع أسعار اللحوم بنسبة 10٪، والغريب أن هذه الموجة من الارتفاعات في أسعار اللحوم تزامنت مع الإعلان عن استيراد لحوم للأضاحي بـ 150 مليون دولار.
وأكدت جولتنا علي الاسواق تحرك أسعار اللحوم الأسبوع الحالي، حيث يتراوح سعر كيلو الكندوز البلدي الطازج ما بين الـ 65 والـ 70 جنيها بعدما كان يباع بـ 60 و65 جنيها في معظم المناطق الشعبية وتعدي الـ 100 جنيها في بعض الأحياء الراقية وفقاً للقطعية، ووصل سعر كيلو البفتيك لاكثر من 70 و75 جنيها، كما وصل سعر كيلو الضأن لـ 50 و 55 جنيها ووصل سعر الخروف القائم ما بين الـ 1500 جنيها إلي 2500 جنيها بزيادة تراوحت ما بين 2 و 3 جنيها للكيلو مقارنة بالعام الماضي، حيث تراوح سعر الكيلو القائم ما بين 30 و 35 جنيها، وكان يباع بـ 22 و 23 جنيها العام الماضي.
وكشفت جولتنا أيضا أن الارتفاع في أسعار اللحوم لم يفرق بين المستورد والمحلي، وحتي اللحوم الجملي تشهد ارتفاع في الاسعار، كما لوحظ خلال جولتنا اختفاء نوعي للحوم البلدية أو السودانية بالتحديد من بعض المجمعات الاستهلاكية والتي تحركت بدورها الأسعار من 38 جنيها لكيلو الكندوز لتصل لـ 40 و45 جنيها، كذلك ارتفعت اسعار اللحوم المبردة والمجمدة من 22 جنيها لكيلو المفروم البرازيلي إلي 25 جنيها والكبدة من 13 جنيها إلي 18 و20 جنيها وكباب الحلة من 30 جنيها إلي 33 و 35 جنيها.
كما لوحظنا خلال جولتنا انتشار مهرجانات للعروض الخاصة للحوم المستوردة ليصل سعر الكيلو لـ 25 جنيها نحو أن كان سعره يتراوح ما بين 30 و35 جنيها مما جعل المستهلكين يتشككون في انها لحوم مهرمنة.
وقد شهدنا ذلك في كبري محلات السوبر ماركت الشهيرة جدا بالدقي والهرم وفيصل. جولتنا علي الأسواق أكدت معاناة المواطنين من ارتفاع أسعار اللحوم، في حتي يحقق التجار أرباحا مضاعفة.
أما جمعيات حماية المستهلك فتطالب بمقاطعة اللحوم، خبراء التغذية ومنهم الدكتور أحمد خورشيد المدير السابق لمعهد تكنولوجيا الأغذية، يطرحون بدائل  كثيرة ورخيصة للحوم ويمكن الاعتماد عليها كالدواجن والاسماكن والالبان ومنتجاتها والبروتين النباتي في البقوليات.
الجزارون من جانبهم رفضوا اتهامهم بالجشع مؤكدين ارتفاع تكاليف الانتاج والتربية والنقل بدءا من العمالة ونهاية بالاعلاف، وفي المقابل ترجع رابطة منتجي الجاموس 75٪ من أسباب ارتفاع الاسعار لمبالغة الجزارين في اسعار اللحوم، كما جاء علي لسان الدكتور سعد الحياتي رئيس الرابطة، مشيرا إلي أن المزارع أو مربي الماشية، في وقت حصوله علي 20٪ من الارباح بعد فترة تربية تتراوح من 12 إلي 17 شهراً يحصل الجزار علي ارباح تصل لـ 15 جنيها للكيلو خلال 5 أيام فقط، فكيلو اللحم القائم تصل تكاليف انتاجه لـ 2 جنيها ترتفع بعد الذبح إلي ما يقرب من الـ 40 جنيها، ومع ذلك يبالغ الجزار في رفع أسعاره مما يستلزم تدخلا فوريا للأجهزة الرقابية.
يؤكد الحياتي ضرورة وضع آليات لضبط السوق وحماية المربي أيضا من الاستيراد غير المنظم، خاصة مع تفاقم حجم ما نستورده، مع العمل علي تحسين السلالات المحلية من الجاموس والابقار دون الاستغناء عن السلالات الأصلية المقاومة للامراض، مع اعطاء اعفاءات ضريبية لتشجيع مشروعات الانتاج الحيواني.
علي سبيل المثال، بينما في أمريكا يصل لـ 100 كجم وفي غانا لـ 17 كجم مما يكشف، ويؤكد النقص الخطير في كميات البروتين الحيواني التي يحصل عليه للكثير من المواطنين وما ينجم عن ذلك من مخاطر صحية!
ويبقي تعليق
بدلاً من المصارحة ومحاولة البحث عن البدائل المحلية لسد الفجوة ما بين الانتاج والاستهلاك والمتزايدة، تفضل الحكومة اللجوء إلي الاستيراء، ولكن للحوم مريضة، هندية أو اثيوبية أو حتي استرالية والنتيجة تدمير يصيب الثروة الحيوانية بعد طوفان من الامراض والفيروسات في صورة شحنات اللحوم المستوردة ومن ثم انتشار للحمي القلاعية والسل والبروسيلا ومن قبلهما جنون البقر والساركوسست وأخيرا الطاعون والابقار الاسترالية المهرمنة وفوق كل ذلك ارتفاع جنوني لاسعار اللحوم المحلية والمستوردة علي حد سواء!!


الحكومة تكذِّب نفسها.. بالأرقام!
60٪ فجوة اللحوم الحمراء والحكومة تزعم تحقيق 80٪ اكتفاء ذاتيًا!!


الفجوة بين إنتاج اللحوم الحمراء وبين الاستهلاك تتسع وتتزايد سنوياً، وبدلا من أن تواجهها حكومة ما بعد 25 يناير بالمصارحة والمكاشفة، ومحاولة وضع حلول لهذه الفجوة فإنها تسير علي نفس السياسات المخادعة لحكومات الحزب الوطني المنحل.
فلا يزال هناك تضارب ما بين الواقع وما تعلنه الجهات الرسمية بشأن تلك الفجوة وما تم تحقيقه فعلياً للحد منها أو خفضها.. فالحل الجذري لأي مشكلة ومنها انخفاض إنتاجية اللحوم يبدأ بإعلان الرقم الحقيقي لما ننتجه وما نستهلكه وما نستورده.. إلا أن هذا لا يحدث.
الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء أعلن زيادة إنتاج اللحوم الحمراء إلي 992 ألف طن عام 2009/2010 مقابل 980.27 ألف طن عام 2008/2009 بنسبة زيادة 1.2٪ وذلك خلال اليوم العالمي للغذاء.
ووفقاً لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء الصادرة في مارس 2012 يتضح أن نصيب الفرد السنوي من استهلاك اللحوم الحمراء في مصر منذ عام 2007 إلي 2010 بلغ علي التوالي 16.9، 16.6، 14.8. 10.4 كيلو جرام وأن نسبة الاكتفاء الذاتي لنفس الأعوام من 2007 إلي 2010 بلغت علي التوالي 73.9٪, 67.2٪، 89٪، 83.9٪، وهو ما يخالف الواقع والدراسات واحصاءات رسمية أخري جميعها تؤكد خلاف ذلك وبما فيها بيانات أخري لجهاز التعبئة العامة والاحصاء والتي تؤكد أن مستهلكي اللحوم في مصر بأسعارها الحالية لا يزيدون علي 24.6٪ من عدد السكان، وهو ما يؤكده أيضا بيانات مركز المعلومات بمجلس الوزراء من خلال دراسة، عن أوضاع الفقراء في مصر صدرت في مارس 2010، وأوضحت أن نسبة إنفاق الأسر التي يقل دخلها عن 2000 جنيه سنويا تصل إلي 55.4٪ علي الغذاء. وان اعتماد المصريين الأساسي في التغذية علي الحبوب والبقوليات كمصدر رئيسي للسعرات الحرارية توفر وحدها 66٪ من احتياجات الجسم وهو يعد غذاء غير متوازن، في حين تمد اللحوم المواطن المصري بـ 2.3٪ فقط من الطاقة التي يستمدها من غذائه رغم أنه ينفق علي اللحوم 28٪ من إنفاقه علي الطعام،  ومن ثم دخول الأفراد لا تسمح لهم بشراء اللحوم وعند شرائهم لا يشترونها بالكميات الكافية صحياً لإمدادهم بالبروتين الحيواني اللازم للتغذية السليمة.

الفجوة بالأرقام
من واقع بيانات دراسة حكومية أعدها الدكتور مدحت منير رئيس قسم بحوث اقتصاد الإنتاج بمعهد بحوث الاقتصاد الزراعي بوزارة الزراعة، تقدر جملة إنتاج مصر من اللحوم الحمراء من مصادرها المختلفة «أبقار- جاموس- أغنام- ماعز- إبل» بنحو 920 ألف طن عام 2009 بدلاً من 520 ألف طن عام 1990 بنسبة زيادة نحو 54.62٪، وأن متوسط الاستهلاك السنوي من اللحوم الحمراء هو 898.9 ألف طن خلال الفترة من 1990 إلي 2009 وأن متوسط نصيب الفرد من اللحوم الحمراء في مصر حوالي 14.03 كيلو جرام سنويا خلال نفس الفترة. وكشفت الدراسة عن حجم الفجوة الغذائية في إنتاج اللحوم الحمراء في مصر وقدرتها بنحو 11.5٪ مما ينعكس بدوره علي متوسط نصيب الفرد من اللحوم الحمراء والذي يقل كثيرا عن المعدل العالمي. وأكدت الدراسة أن زيادة عدد السكان بمقدار 1٪ يؤدي إلي زيادة الكمية المستهلكة من اللحوم الحمراء بمقدار 2.2٪ كما أن زيادة أسعار اللحوم الحمراء بنسبة 1٪ تؤدي إلي نقص الكمية المستهلكة منها بمقدار 0.08٪ وأن زيادة أسعار الدواجن والأسماك بنسبة 1٪ تؤدي إلي زيادة الكميات المستهلكة من اللحوم الحمراء بمقدار 0.21٪ ومن ثم فإن زيادة الدخل للفرد بنسبة 1٪ تؤدي إلي زيادة الكميات المستخدمة من اللحوم بنسبة 0.15٪

حلم الاكتفاء الذاتي
كما أشارت الدراسة إلي تعويض تلك الفجوة بالاستيراد من الخارج ولتتراوح الكمية المستوردة خلال نفس الفترة ما بين 1990 و2009 ما بين 77 زلف طن لـ 387 ألف طن وبمتوسط سنوي 180.89 ألف طن. ومن ثم قدرت الدراسة قيمة الإنتاج الحيواني بنحو 50.7٪ جنيه خلال نفس الفترة بما يعادل 6.2٪ من قيمة الناتج القومي ونحو 36٪ من قيمة الإنتاج الزراعي، حيث بلغ صافي الدخل الحيواني 27.9 مليار جنيه وبما يعادل 26.9٪ من صافي الدخل الزراعي.
وطالبت الدراسة بتعديل التركيب المحصولي لصالح تغذية الحيوانات طوال العام من خلال استخدام السياسات السعرية المشجعة ليتحول الزراع من الاستمرار في زراعة البرسيم إلي زراعة الفول والشعير ومخاليط الأعلاف للتغذية أو لعمل الدريس أو السيلاج إلي جانب الاهتمام بالمنتجات الثانوية كأحطاب وعروش المحاصيل الحقلية في صناعة أعلاف غير تقليدية وأهمها حطب الذرة الشامية والرفيعة وقش الأرز وحطب القطن والسمسم والترمس وزعازيع قصب السكر ومخلفات حاصلات الخضر والمخلفات الحيوانية، كذلك العمل علي زيادة جملة إنتاج اللحوم الحمراء في مصر من مصادرها المختلفة بنحو 8٪ سنوياً عن معدلات الزيادة الحالية ويؤدي إلي تحقيق اكتفاء ذاتي في عام 2012 وهو ما لم يحدث حتي كتابة هذه السطور.
وفقا لبيانات وزارة الدولة للتنمية الاقتصادية والخطة الخمسية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية 2007/2008، 2011/2012، فإن الحكومة المصرية توقعت أن حجم الاستهلاك سيصل عام 2011 إلي مليون ومائتين وتسعة عشر ألف طن وأن الانتاج سيصل إلي 950 ألف طن بينما في عام 2010 لم يتجاوز حجم الانتاج 670 ألف طن فقط بفارق يقل عن المستهدف بـ 280 ألف طن، بالاضافة إلي العجز المتوقع عند استهداف الخطة التي عجزت الحكومة عن تحقيقها وقدره 269 ألف طن، وبالتالي وصلت جملة الفجوة بين الانتاج والاستهلاك أكثر من 550 ألف طن وهو ما حدث منذ عام 2010 وهو ما أكد فشل السياسة الحالية في مجال الانتاج الحيواني وأدي للفشل الذريع في الحفاظ علي الثروة الحيوانية المصرية وجعلت متوسط الاستهلاك السنوي للحوم الحمراء في مصر لا يتجاوز الـ 14.9كجم عام 2006.

مستوردو اللحوم يفترسون «البتلو»
اللحوم والماشية المستوردة وراء تدمير الثروة الحيوانية والتربة الزراعية!!
السل والبروسيلا والحمي القلاعية والديدان.. دخلت مصر بصحبة شحنات اللحوم


في السبعينيات كان سعر كيلو اللحم الأحمر الطازج بـ 68 قرشاً، وكنا نستورد من دول أوروبا وبالتحديد أفخاذ الأبقار والزنود من فرنسا تخزن في شركة جيركو لتبريد بمنطقة غمرة ويتم تشفيتها وتباع بسعر 60 قرشاً للحوم العادية وبـ 68 قرشاً للحوم الممتازة وبـ 75 قرشاً للفتلو والعرق.
كذلك استوردنا في تلك الفترة أيضا لحوما طازجة مبردة من السودان، حيث كان يجري ذبحها في مجزر أم درمان الآلي بالسودان وكانت العجول تأتي مبردة ومقطعة إلي أربعة اجزاء، وكانت تستوردها الشركة المصرية للحوم والدواجن.
وفي مظاهرات يناير 1977 بعد أن رفع السادات الدعم وارتفعت اسعار كل السلع، خرجت الجماهير في مظاهرات تهتف ضد سيد مرعي رئيس مجلس

الشعب - مرعي بيه يا مرعي بيه كيلو اللحمة بقي بجنيها!!.
وفي عام 2010 قفز سعر كيلو اللحم إلي 100 جنيها للطازج المحلي ولما بين الـ 30 و 45 جنيهاً للطازج والمجمد المستورد بالقطاعين العام والخاص علي حد سواء، وكان في الكثير من الاحيان يتم استيراد اللحوم من دول لا تراعي القواعد الصحية، تحت سمع وبصر الأجهزة الرقابية، وغياب تام لضمائر مستوردين للحوم اما مهرمنة أو مسرطنة بل ومدمرة للثروة الحيوانية، وأدت لانتشار العديد من الامراض للماشية وللإنسان بالتبعية!.
المسئولون من جانبهم يؤكدون تمسك الجهات الرقابية بشروط الصلاحية والأمان، أما المستوردون فيرفضون اتهامهم باغراق السوق بلحوم فاسدة.. في حين يري والخبراء أن الحل في احياء مشروع البتلو وضماناً لسلامة ما يتداول في الاسواق من لحوم خاصة من عدم احتلال مصر للاجهزة الحديثة للكشف عن الكثيرة من امراض اللحوم المذبوحة والرؤوس الحية!!.
استيراد للأوبئة
وفق بيانات - رابطة منتجي الجاموس - بلغ عدد رؤوس الجاموس والابقار في مصر عام 2000 نحو 6.90 مليون رأس وصلت لـ 8.55 مليون رأس عام 2006 وفي نفس العام فقدت مصر نحو 900 ألف رأس من الابقار والجاموس بسبب انتشار الحمي القلاعية وسوء الرعاية البيطرية وعدم الكشف الدقيق علي الابقار الحية المستوردة من بلدان موبوءة في أفريقيا ومن جميع دول العالم خاصة الفقيرة، لتصبح ثروتنا الحيوانية في مهب الريح بسبب استيراد ليس فقط اللحوم وانما لكافة الفيروسات والميكروبات الممرضة بدءا من جنون البقر والحمي القلاعية والسل ونهاية بالبروسيلا ونهاية باكتشاف بؤرة للطعاون في الاسماعيلية.
وتتمثل خطورة تلك اللحوم فيما يصاحبها من أمراض وفيروسات، فوفقا لكلام الخبراء والمختصين، يصاحب هذه اللحوم اكثر من 180 مرضاً مشتركاً بين الإنسان والحيوان، مما يزيد من فرص انتقالها من الحيوان للإنسان عن طريق اللحوم أو تلوث البيئة بمخلفات الحيوانات أو مخالفة المصاب منها، ومن هذه الأمراض السل والحمي القلاعية والبروسيلا والابتكسو بلازما والسالمونيلا وجنون البقر،وتصل خطورتها في بعض الأحيان لوفاة الحيوان والإنسان، وقد لا ينتقل بعضها للإنسان إلا عن طريق الاجزاء المصابة في الحيوان مما يستلزم إعدام الاجزاء المصابة والتي غالبا ما تتركز في الجهاز التناسلي والهضمي والرئة وبعض الغدد الليمفاوية، وأخطر انواع تلك الامراض التي تنتقل للإنسان هي جنون البقر والسل لتأثيرهما مباشرة علي المخ لذلك يعادل السل البقري في خطورته سل الإنسان.
الفقراء يدفعون الثمن
ويواجه ملايين المصريين من الفقراء ومحدودي الدخل، أخطار هذه الأمراض، لاعتمادهم بشكل رئيسي علي اللحوم المستوردة بل وعلي الحيوانات الحية المهربة والتي كان أخرها من اسرائيل، حيث طالبت الهيئة العامة للخدمات البيطرية في مذكرة رسمية للقوات المسلحة، بضرورة التصدي لعمليات تهريب الحيوانات الحية من وإلي قطاع غزة مما يهدد بدخول فيروسات تدمر صحة المصريين، خاصة مع وجود شكوك قوية حول دخول فيروس الحمي القلاعية من اسرائيل عبر قطاع غزة، وهو ما أدي لنفوق أكثر من 20 ألف رأس ماشية في ابريل ومايو الماضيين وكذلك التهريب عبر السودان والنتيجة، كما يؤكدها الدكتور عادل عبدالعظيم أستاذ الأمراض المعدية بطب بيطري القاهرة، تتمثل في انتشار واسع للحوم الفاسدة غير الصالحة للاستهلاك الادمي والمصابي بالأمراض والتي أدت لانتشار أمراض الحمي القلاعية والبروسيلا والطاعون، بالاضافة إلي استيراد أبقار استرالية مهرمنة.
ويري الدكتور عبدالعظيم أن تهريب اللحوم في مصر أصبح أخطر من تهريب المخدرات، فالمخدرات تضر فئة معينة من الشعب أما اللحوم الفاسدة تضر كل الأمة.. ويؤكد د. عبدالعظيم أن تلك اللحوم ومنتجاتها إذا ما لجأ مستوردوها لإعطائها مضادات حيوية وأدوية لمواجهة ما بها هرمونات أو ميكروبات قبل طرحها للأسواق لا فإن بقايا تلك الأدوية قد تصيب الإنسان الذي يتناولها بالسرطان وتليف الكبد!.
ضغوط علي الحكومة!
الدكتور فتحي النواوي - استاذ الرقابة الصحية علي اللحوم بطب بيطري - القاهرة يؤكد أن الحكومة اضطرت تحت ضغط المستوردين، لقبول شحنة الابقار الاسترالية المهرمنة، وذبحها وطرحها في الاسواق بعد انخفاض معدل الهرمون طبيعي وأن هناك دول تسمح بالمهرمن من اللحوم وأخري تمنعها وفي الحالتين هناك من التشريعات ما ينظم هذا وذاك.
ويؤكد د. النواوي أن ما حدث في شحنة اللحوم الاسترالية وسيتكرر طالما الحكومة تقع تحت ضغوط المستوردين الذين سينقلون حاجة الدولة لسد ما يكفي احتياجات المواطنين خاصة في المواسم ومن ثم فمستوردو مصر يستوردون ما يحلو لهم بل ويفرضونه علي الدولة وعلي حساب صحة المواطنين ولذلك - والكلام للدكتور النواوي - ولحين تحقيق اكتفاء نوعي ذاتي من اللحوم، فعلي الدولة سن تشريعات لا تسمح بالهرمونات في اللحوم والماشية الحية القادمة للبلاد وأيضا تجهيز المعامل لاجراء الفحوصات التي تكتشف مثل هذه الأمور والبدء فوراً في دعم مشروع البتلو!! وتفعيل قانون 53 لسنة 66 بتنظيم عملية ذبح الحيوانات.
مشروع النجاة
تنمية الثروة الحيوانية، سلاح فعال ضد المستغلين.. من هذا المنطلق كان حديثنا مع الدكتور خالد منصور، رئيس معهد بحوث الانتاج الحيواني ومسئول مشروع البتلو بوزارة الزراعة والذي كشف استيرادنا لـ 60٪ من احتياجات السوق المصري للحوم وأن الانتاجية علي المستوي المحلي لا تكفي إلا بتلبية الـ 40٪ الأخري وللوصول لحد الأمن الغذائي أن تقلب هذه النسبة للعكس، وهو ما دفع الدولة لمشروع البتلو منذ التسعينيات ولا يزال الدعم مستمراً، رغم ضآلة الـ 15 مليون جنيها المخصصة حاليا للمشروع.
ويوضح د. منصور أنه بصدد تقديم مذكرة لوزير الزراعة لزيادة تمويل البتلو لتغطية عدد أكبر من المربين طوال شهور السنة، خاصة وزن اللحوم وتوفيرها يتطلب مراعي وهو ما ينقصنا، ولذلك يجري حاليا تشجيع التربية الحيوانية من خلال منح قروض ميسرة للمربين لزيادة معدلات التربية.
وبالتالي فلابد من زيادة سقف القروض المقدمة لمراحل التربية المختلفة، بعد التأكد من خلال لجان متابعة من القطاع ومكتب الوزير ومديريات الانتاج الحيواني من صرفها في عمليات تربية الماشية، وإذا حدث خلاف ذلك يتحول القرض لتجاري.
وينهي خالد منصور كلامه بأنه منذ عام 1993 حتي الآن لم يتعد الانتاج المليون رأس منهم 27 ألف فقط العام الماضي وهو لا يوفر أي حد أدني للأمن الغذائي!.
حاولنا الاتصال برابطة المستوردين وخاصة السيد علاء رضوان للرد علي الاتهامات الموجهة لمستوردي اللحوم الممرضة والفاسدة للسوق المصري.. ولم يستجب لنا تارة التليفونات لا ترد وأخري غير موجودة من يرد علي استفساراتنا!.
قصة البتلو
في بداية الثمانينيات خرجت فكرة مشروع البتلو من محافظة المنيا علي يد الدكتور حيدر عون مدير الطب البيطري بمحافظة المنيا معتمدا علي عدم ذبح عجول الجاموس وزن أقل من 200 كيلو.
المشروع انطلق رسميا عام 1986 بصدور القرار الوزاري رقم 517 لسنة 1986 بمنع ذبح عجول الذكر الجاموسي حتي يصل وزنها إلي 200 كيلو.
المشروع كان يهدف لزيادة إنتاجية الجاموس إلي 10 أضعاف وزنها.. وخلال الخطة الخمسية الثانية للمشروع كان المستهدف أن يصل عدد الحيوانات التي يتم تسميتها إلي 500 ألف رأس في العام، وهو ما لم يحدث حتي كتابة تلك السطور.
ومع تفاقم مشكلات الاستيراد وضغوط المستوردين ودمار الثروة الحيوانية والتربة الزراعية وانتشار العديد من الامراض والاوبئة، بدأت الجهود من جديد لدعم وتوسيع قاعدة مشروع البتلو وإحيائه من خلال عدة امتيازات وحوافز لتشجيع المربين والعمل علي زيادة القروض المتاحة للمربين علي المراحل الثلاث للمشروع بهدف الوصول إلي انتاج محلي بنسبة 60٪ مقابل  40٪ للاستيراد.