الجفاف يهدد أوروبا.. الأنهار تتبخر وحركة الاقتصاد فى خطر
تشهد قارة أوروبا أسوا موجة جفاف قال العلماء إنها لم تحدث فى القارة العجوز منذ نحو خمسة قرون.
يمكن الآن فى فرنسا عبور نهر اللوار سيرًا على الأقدام كما أصبح نهر الراين الذى يمر عبر سويسرا، وفرنسا، وألمانيا، سطحا لا يسمح للمراكب بمروره بسبب ضحالة مياهه وانخفاض منسوبها، وفى إيطاليا، ينخفض مؤشر نهر "بو" بمقدار مترين عن المحاصيل العادية التى أصيبت بالشلل، وفى نهر الدانوب الذى يمر بعشرة بلدان فى أوروبا، أظهر الجفاف حطام سفن حربية المانية كانت غارقة فيه خلال الحرب العالمية الثانية.
يأتى ذلك بدافع الانهيار المناخى، وأدى فصل الشتاء والربيع الجافان بشكل غير عادى ، متبوعَين بدرجات حرارة قياسية فى الصيف وموجات حر متكررة ، إلى نقص تجديد الممرات المائية الأساسية فى أوروبا وزيادة سخونتها بشكل متزايد.
وفى جميع أنحاء القارة العجوز، يعمل الجفاف على تقليل الأنهار محولًا إياها إلى "قطرات صغيرة"، وهو ما من شأنه أن يغير ملامح القارة ليس على مستوى المسطحات فقط، بل بما يصطحب معه عواقب وخيمة محتملة على الصناعة والشحن والطاقة وإنتاج الغذاء.
ومع عدم تسجيل هطول أمطار غزيرة لما يقرب من شهرين فى جميع أنحاء غرب ووسط وجنوب أوروبا وعدم وجود توقعات فى المستقبل القريب ، يقول خبراء الأرصاد الجوية أن الجفاف قد يصبح الأسوأ فى القارة منذ أكثر من 500 عام.
جفاف نهر لوار فى فرنسا
تقلصت المياه بشكل كبير فى نهر لوار بـ فرنسا بسبب الجفاف القياسى حيث إن المراكب السياحية ذات القاع المسطح هذا العام بالكاد تستطيع التنقل فى المياه.
ووفقًا لوكالة "رويترز"، على بعد حوالى 100 كيلومتر من حيث يفرغ نهر اللوار فى المحيط الأطلسى، تمتد الضفاف الرملية الآن على مد البصر، وتتصل الجزر الكبيرة بالشاطئ وفى أماكن يمكن للناس عمليًا المشى من جانب واحد من النهر إلى الجانب الآخر.
وبالنسبة لأسماك النهر، فإن مستويات المياه المنخفضة كارثية، حيث تفقد المياه الضحلة الأكسجين مع ارتفاع درجة حرارتها وتجعلها فريسة سهلة لطيور البلشون والحيوانات المفترسة الأخرى.
الجفاف يقتل أطول أنهار إيطاليا
فى إيطاليا، انخفض تدفق نهر بو، وهو أطول أنهار البلد، إلى عُشر معدله المعتاد، وانخفضت مستويات المياه عن المعدل الطبيعى بمقدار مترين، ومع عدم استمرار هطول الأمطار فى المنطقة منذ نوفمبر، تضرر إنتاج الذرة وأرز الريزوتو بشدة.
يمثل وادى بو ما بين 30% و40% من الإنتاج الزراعى فى إيطاليا، لكن مزارعى الأرز على وجه الخصوص حذروا من أن ما يصل إلى 60% من محاصيلهم قد تُفقد بسبب جفاف حقول الأرز وتفسدها مياه البحر التى يمتصها النهر المنخفض.
فى الأراضى الرطبة المحمية فى دلتا النهر، بالقرب من البندقية، أدت درجات الحرارة المرتفعة والتدفق البطيء إلى خفض محتوى الأكسجين فى الماء إلى حد أن ما يقدر بنحو 30% من المحار الذى ينمو فى البحيرة قد تم القضاء عليه بالفعل.
كما تم الكشف عن سفينة من الحرب العالمية الثانية (وقنبلة غير منفجرة من تلك الحقبة) فى نهر بو.
نهر الراين الألمانى يحتضر
يبدأ نهر الراين فى جبال
ظهرت أجزاء من قاع النهر فوق سطح الماء، مما يعنى أن السفن التى تحاول اجتيازه يجب أن تنسج حول سلسلة من العوائق، مما يؤدى إلى إبطاء العملية برمتها.
ويمكن تخيل مدى حجم الجفاف فى نهر الراين إذا عُلِمَ أن أنواعًأ معينة من الصخور تسمى أحجار الجوع، ظهرت على طول النهر حيث توجد هذه الأنواع من الصخور تقليديًا فى أوروبا الوسطى، مع نقوش لإحياء ذكرى المجاعة وغيرها من المصاعب.
التواريخ الظاهرة على أحدث الأحجار المكتشفة تشمل 1947 و 1959 و 2003 و 2018. ويقال إنها تعمل كتحذيرات منخفضة المستوى للمياه للأجيال المقبلة.
وقالت وثيقة اطلعت عليها "رويترز" إن الحكومة الألمانية قلقة بشأن مشاكل محتملة فى إمدادات الفحم لمحطات الطاقة فى الخريف والشتاء بسبب انخفاض منسوب المياه على نهر الراين وإمدادات النفط فى الأجزاء الشرقية من البلاد.
وأضافت الوثيقة، فى إشارة إلى ولاية بادن فورتمبيرغ الجنوبية الغربية، موطن مشغل محطة الطاقة "EnBW"، "مواقع التخزين الإضافية التى تم شراؤها ويجرى شراؤها فى جنوب ألمانيا ربما لن يتم ملؤها بحلول الشتاء".
واستشهدت بمستويات مياه نهر الراين المنخفضة التى قللت من حجم الفحم الذى يمكن نقله بواسطة المراكب النهرية.
ظهور أثر قديم فى تحت المياه فى إسبانيا
أظهر الجفاف عن أثرًا قديمًا تحت المياه يسمى "Dolmen of Guadalperal" وأطلق عليه أيضًا "ستونهنج الإسبانية"، وهو تجمع دائري مكون من 150 حجرًا كبيرًا من الجرانيت.
سويسرا والنرويج فى مرمى الخطر
فى سويسرا، كشف ذوبان الأنهار الجليدية عن المزيد من الأسرار المروعة، بما فى ذلك مجموعتان من بقايا بشرية مجهولة الهوية على طريق قديم يعبر نهر شيسجين الجليدى فى جنوب كانتون فاليه.
كما قالت وزارة البيئة السويسرية، الأربعاء، إن بعض البحيرات الأكثر شهرة فى البلاد فى أدنى مستوى لها على الإطلاق لشهر أغسطس بعد عام جاف حتى الآن فى عام 2022.