لبن الأطفال أزمة تبحث عن حل

مواطنون.. نشترى الألبان من جروبات « الفيس بوك « بأضعاف ثمنها

على الرغم مما تبذله وزارة الصحة و القائمون عليها من جهد كبير تجاه تطوير المنظومة الصحية، خاصة فى مراكز طب الأسرة و الوحدات الصحية، فإن القلة من القائمين على بعض الإدارات و الوحدات الصحية المنوط بها صرف لبن الأطفال المٌدعم للمستحقين، لم يتحروا الدقة فى صرف الألبان للمستحقين و أعطوا فرصة لتجار السوق السوداء الذين يقومون بصرف الألبان مستغلين معارفهم ونفوذهم داخل الوحدات ولكى يكون الصرف شرعيًا يعتمدون فى استكمال الأوراق على بعض شهادات الميلاد و صور تحقيق الشخصية لمن يقومون بالرضاعة الطبيعية للحصول على المخصص الشهرى للأطفال وبيع العلبة للمرحلة الأولى بمبلغ وقدره 30 جنيها للعلبة الواحدة.

 

البداية كانت من الوحدة الصحية بالطالبية و هى أحد المراكز الرئيسة فى محيط نطاق شارع الهرم و التى تخدم مئات الأسر بشكل يومى من رعاية صحية وفحوصات وتشخيص و طب أسرة و أمراض نساء و خدمات تحديد النسل و كذا تقديم خدمة اللبن المدعم للمستحقين و الذى نحن بصدد الحديث عنه فى السطور القادمة، وإلى نص التحقيق

 

مدينة الجيزة.. الأحد الأول من أغسطس 2021 عقارب الساعه تشير إلى التاسعة صباحًا كافة الأقسام الخدمية و العيادات الخارجية داخل مركز صحة الطالبية مزدحمة الجميع يترقب وينتظر الدورأصوات ضجيج و صراخ وبكاء الأطفال تسيطر على أماكن الانتظار الممتلئة عن بكرة أبيها نظرًا لطول الانتظار.

 

للوهلة الأولى وبمجرد دخولك مركز صحة الطالبية تشعر وكأنك داخل أحد المجمعات الاستهلاكية طوابير الانتظار منذ بداية ساعات العمل وحتى انتهائه لا تنتهى تذاكر الفحوصات الطبية، و كذا اللبن المدعم للأطفال كل هذه الخدمات وأكثر تقوم بدفع خدماتها مقدمًا عبر شباك واحد.

 

لا يوجد تباعد اجتماعى لا أحد يلتزم بارتداء ماسك الوجه « الكمامة « داخل وحدة صحية تتبع وزارة الصحة المنوط بها الصحة العامة للمواطنين و التى يتوجب عليهم أن يكونوا أكثر حرصًا على تطبيق نظام التباعد الاجتماعى.. الوقت يمر ننتظر ونتابع مشاهد عابثة بين المواطنين و الممرضات و القائمين على سير العمل داخل المركز شد و جذب بين متلقى الخدمة ومقدميها لا أحد بمقدوره أن يعارض حتى وإن كنت على صواب، بعد انتظار فى طابور شباك التذاكر ما يقرب من ساعة وربع حصلنا على تذكرة « عيادة النساء « لإجراء الفحص الطبى و الكشف للتأكد أن « الحالة تستحق صرف اللبن المدعم لرضيعها « لنذهب إلى طابور انتظار آخر فى المكان المخصص للعيادات لتصدم بواقع مرير آخر أماكن الانتظار المخصصة عبارة عن « مصاطب « يرتكن عليها المتواجدون جنبا لجنب دون ترك مسافات آمنة فى ظل أجواء فيروس « كوفيد – 19 « و بعد انتظار دام ما يقرب من ساعة ونصف، حان وقت دخول الحالة للفحص.

 

تروى السيدة « مروة – م « للوفد عقب خروجها من غرفة الكشف وهى فى حالة لا يرثى لها قائلة : لا أعلم من أعطى الحق لهؤلاء كى يقرروا مصير ابنى الرضيع، رفضو صرف اللبن المدعم من المركز بحجة أن الحصة الموجودة لا تكفى سوى لعدد المستفيدين والمنتفعين فى الوقت الحالى وعلى أن أتوجه إلى مكتب صحة « الكونيسة « لإجراء الفحص مرة أخرى و التقديم هناك على حصة لبن مدعم للطفل.

 

وأضافت « مروة « لا أصدق ما تقوله الطبيبة الموجودة أختى نفس العنوان و محل إقامتنا واحد « إزاى أصرف من الكونيسة « و أنا مقيمة على بعد خطوات من المركز و انهارت فى البكاء، إبنى أقوم بشراء عبوات لبن أطفال مدعم من السوق السوداء عن طريق جروبات موقع التواصل الاجتماعى « فيس بوك « وندفع فى العبوة مرة 30 و مرة 35 حضرتك ده يرضى مين هما كده بيشجعوا السوق السوداء على مص دم الغلابة.

 

تتدخل أمام مركز الصحة « مسنة « حضرتك بنتى عندها نفس المشكلة بس لما جبنا واسطة « قاموا بصرف اللبن « لبنتى و أخدت فى المرحلة الاولى 8 علب كل شهر بس ده يعنى بعد ما كلمنا "أمة محمد" عشان نصرف للطفل حقه.

 

تهرول فتاة ثلاثينية هى وزوجها وبحوزتهما أكياس بلاستيكية كبيرة لأخذ صرفية مرحلة ثانية، ويقف الزوج منتظرا صرف الألبان من الصيدلية لنقترب و بسؤاله عن ما اذا كان هناك مشكلة فى الصرف أو نقص فى الحصة المقررة، وكانت إجابته لا.. الحمدلله كله تمام ولكن الأمر مرهق كما ترى زحاما مستمرا ولكن ما باليد حيلة لا أقدر على شراء اللبن الصناعى من الصيدلية فأقل علبة بـ85 جنيها تقريبًا فى الوقت الحالى.

 

انتهى يوم العمل بالمركز لنتحرك و نبدأ رحلة البحث عن اللبن المدعم « حق الأطفال المسلوب « نقتحم جروبات مواقع التواصل الاجتماعى و المدون عليها علنًا « بيع و شراء لبن أطفال مدعم « نتواصل مع أحد تجار « اللبن المدعم مرحلة أولى egy 1 « والذى قام بإنشاء منشور يعلن فيه أن لديه لبن أطفال مرحلة أولى بكميات و السعر 30 جنيها للعلبة الواحدة، الأمر الذى يدعو للغرابة كيف حصل على تلك الكمية و بأية

وسيلة.

 

مركز صحة الطالبية نموذج للروتين الفج ويكشف الوجه الآخر لفتح أبواب خلفيه لغير المستحقين للحصول على تجارة غير مشروعة بكسب الربح السريع العلبة المدعمة من الدولة داخل المركز خمسة جنيهات بينما يحصل عليها الفرد من السوق السوداء بمبلغ وقدره من ثلاثين جنيه إلى خمس وثلاثين للعلبة الواحدة نتيجة لرفض بعض المكاتب إعطاء المستحقين لبن لأطفالهم حال إذا ما ثبت من الفحص المبدئى أن هناك تنقيطًا من ثدى المرأة أو أن اللبن ضعيف هنا تصرف نصف الكمية و آخرون يرفض إعطاء الأم اللبن ليبقى الرضيع تحت رحمة الأسواق السوداء التى تعطش السوق وتغرقه وفقًا لأهوائهم الشخصية، فهناك من يرفض البيع سوى بكمية أقلها عشرة عبوات.

 

تواصل محرر « الوفد « مع التاجر عبر تطبيق فيسبوك، ليتفق على لقاء و كذا السعر المحدد ليشترط التاجر الحضور إليه فهو لا يقطع مسافات قريبة كانت أو بعيدة وأنت المحتاج هكذا كان الحوار وإن كنت ترغب فى شراء غذاء طفلك عليك الحضور إلى محطة عدلى منصور.

 

بينما يقوم آخر بالإعلان عن توافر لديه 8 علب لبن مدعم مرحلة أولى و السعر 30 للعلبة و الاستلام فى محيط منطقة الهرم، وآخر يعلن عن توافر 19 علبة مرحلة أولى والسعر 30 و 20 علبة مرحلة ثانية ايجى 2 و السعر للعلبة 45 جنيها أرباح تتخطى مكاسب تجار المخدرات وأقل مخاطر فلا يوجد رجل أمن يستوقفك لمجرد أن بحوزتك لبن أطفال.

 

عشرات المعلنين عبر وسائل التواصل الاجتماعى البيع علنًا لا أحد يخشى العقاب و كأن الأمر مباح رغم كونه جريمة فى حق الأطفال و يعاقب عليها القانون.

 

حساسية ألبان الأطفال.. المُضطر ينزل السوق السوداء

 

ورغم ما تم سرده فى السطور القليلة السابقة إلا وأن هناك فئة أخرى تضطر للبيع و البدل وهذا أيضًا سوق آخر موازٍ لكنهم بالفعل مجبرون، وإعتبرها البعض تجارة مشروعة.

 

الأمر الذى أكدته هند مأمون ربة منزل قائلة : أن رضيعها بعد أن تم صرف مستحقاته من مكتب الصحة من اللبن المدعم، اكتشف الطبيب المعالج أن لدى الطفل حساسية ألبان، واضطرينا لتغيير اللبن المدعم و استبداله بنوعية أخرى وفقًا لتوصية الطبيب و هنا العلبة فى الصيدلية يصل سعرها مبلغ وقدره 85 جنيها وفى المراحل المتقدمة تتعدى المائة جنيه الأمر الذى يدفعنى لبيع لبن الصحة و أكمل باقى المبلغ المستحق للصيدلى لكن معاذ الله أن أتخذها تجارة أو بغرض الربح.

 

وأضافت هند « بيصعب عليا بعض الأسر وهما فى أمس الاحتياج للبن المدعم لأنى جربت وعانيت شهرًا كاملًا وابنى كان بيجوع لو ملقناش على جروبات بيع لبن الأطفال لحد ما صرفنا من الصحة بعدها جاله حساسية من اللبن و اضطريت استلمه و ابيعه عشان اكمل فلوس و اشترى اللبن اللى نصح به الطبيب.

 

وطالبت « هند « الدكتورة هالة زايد وزيرة الصحة بضرورة النظر فى ألبان الأطفال وتوفير بعض الأنواع الموازية لفئة الأطفال من أمراض « حساسية الألبان « نظرًا لارتفاع أسعارها فى الصيدليات بشكل مبالغ فيه.

 

وكانت وزارة الصحة، قررت صرف ألبان الأطفال المدعمة، عن طريق البطاقات الذكية، بدءًا من أول أغسطس 2016 بجميع المحافظات، وتقتصر عملية صرف الألبان المُدعمة، بعد تطبيق المنظومة، على صرف 8 علب لبن مُدعم لكل طفل شهريًا، بـ 5 جنيهات للعلبة الواحدة، على أن يقل عدد العلب المُنصرف إلى 5 علب من الشهر السادس بـ 26 جنيهًا للعلبة الواحدة.