رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

رأس «نفرتيتى» تفتح ملف الآثار المهربة

الآثار المصرية المهربة
الآثار المصرية المهربة تغزو متاحف العالم

26 ألف قطعة نادرة فى متحف واحد بأمريكا

 

القطع الأثرىة خرجت بـ3 طرق أبرزها بعثات الاستكشاف

 

زاهى حواس: استعدنا بعض كنوزنا المهربة بـ«الدراع»

 

فى كل متاحف العالم، تجد «آثارًا» مصرية، هى الأكثر جذبًا للجمهور، بسبب سحرها وروعتها، وارتباطها بحضارة كانت فجرًا للتاريخ.

وبقدر السعادة التى تغمر كل مصرى بسبب نظرات الانبهار بالآثار المصرية فى الخارج، تثور عدة تساؤلات حول كيفية خروج كل تلك الآثار من مصر، وإمكانية استردادها مرة أخرى.

وحسب الخبراء، فإن الكثير من الآثار الفرعونية خرجت من مصر بشكل رسمى من خلال البعثات التى جاءت إلى مصر قديمًا لتكتشف المقابر الفرعونية، مقابل الحصول على 50% من الآثار المكتشفة، فضلًا عن أن تجارة الآثار بمصر كان مسموحًا بها لسنوات طويلة، كما أن ملوك مصر كانوا يرسلون قطعًا أثرية كهدايا لأمراء وملوك العالم.

وجاء قانون الآثار عام 1983، ليضع حدًا للاتجار بالآثار، ويعاقب من يتاجر فيها، ولكن بقى الحفر خلسة بابًا من الصعب إغلاقه، وتبقى أغرب معلومة حول ملف الآثار المصرية بالخارج تخص منظمة اليونسكو نفسها، فرغم أن هذه المنظمة العالمية هى المعنية بحماية التراث الأثرى فى كل بقاع العالم، فإنها ترفض إعادة الآثار المصرية لمصر إلا إذا كانت مسجلة فى السجلات المصرية، وهو ما يصعب إثباته مع الآثار المهربة دون تسجيلها فى مصر!

يؤكد خبراء الآثار أنه لا توجد إحصائيات دقيقة حول حجم الآثار المصرية المنهوبة، كما أن رصدها يعتبر أمرًا فى غاية الصعوبة، مشيرين فى الوقت ذاته إلى صعوبة حماية الآثار والمقتنيات الدفينة الموجودة فى صحارى مصر الواسعة، التى ينقب فيها تجار الآثار بحثًا عن المقتنيات الثمينة لبيعها فى السوق السوداء، مستعينين بوسائل حديثة مثل «الجيوسونار» المتوفر للبيع على الإنترنت، أو الاستعانة بمن يطلق عليهم «الشيوخ» الذين يحددون مواقع الحفر ومكان الآثار، بسبب اتصالِهم كما يدعون بعالم «الجن».

والمثير أنه ظهر عدد من مواقع الإنترنت وصفحات التواصل الاجتماعى فى الآونة الأخيرة لعرض الآثار المصرية المنهوبة للبيع بشكل علنى، كما يقوم البعض بالإعلان عن وجود قطع أثرىة أو مقابر أو زئبق أحمر لديهم، مشيرين إلى أنهم يبحثون عن مشترين لها!

توجد قائمة طويلة من الآثار التى تم اكتشافها فى مصر ثم اختفت وظهرت من جديد فى متاحف عالمية، وفى مقدمتها حجر رشيد، الذى تم اكتشافه فى 19 يوليو عام 1799 على يد مجموعة من جنود الحملة الفرنسية قرب مدينة «رشيد» بمحافظة البحيرة، وتمكن العالم الفرنسى «شامبليون» من فك رموزه، وبعد فشل الحملة الفرنسية على مصر عام 1801، استولت عليه القوات البريطانية وتم نقله إلى بريطانيا، ويعرض حاليًا فى المتحف البريطانى بـ«لندن».

وهناك أيضاً «رأس نفرتيتى» فى متحف بالعاصمة الألمانية «برلين»، ولوحة «الزودياك» الموجودة حاليًا فى متحف «اللوفر» بفرنسا، وتمثال «حم ايونو» وزير الملك «خوفو» والمهندس المعمارى المسئول عن بناء الهرم الأكبر، ويوجد حاليًا فى متحف «رومر بيليزيوس» بمدينة «هيلدسهايم» الألمانية، وتمثال «عنخ حا أف»، مهندس هرم «خفرع»، الذى يعرض حاليًا فى متحف «بوسطن للفنون» بالولايات المتحدة، وقناع «كا نفر نفر» هو قناع مصنوع من الذهب والزجاج والخشب والجص والكتان والراتنج، وهو قناع جنائزى فريد يخص سيدة تدعى «كا نفر نفر»، ويعود تاريخه إلى عصر الأسرة التاسعة عشرة الفرعونية، وتم التنقيب عنه خلال الفترة ما بين عامى 1951 و1952 فى منطقة «سقارة»، وهو حاليًا فى حيازة متحف «سانت لويس للفنون» بولاية «ميزورى» الأمريكية.

كما يوجد فى روما 8 مسلات مصرية قديمة على الأقل، التى تم الاستيلاء عليها ونقلها إلى روما خلال الغزو الرومانى لمصر.

ويضم متحف «ميتروبوليتان» بولاية «نيويورك» الأمريكية أكثر من 26 ألف قطعة أثرية وتاريخية، وحصل المتحف على أكثر من نصف تلك القطع خلال فترة الـ35 عامًا من بدء عمليات التنقيب عن الآثار فى مصر، عام 1906، وهى الفترة التى تزامنت مع زيادة اهتمام الغرب بالحضارة المصرية القديمة.

ويتكون القسم الخاص بالآثار المصرية فى متحف «ميتروبوليتان» من 39 غرفة تضم كل منها مجموعة من القطع الأثرىة التى تعكس واقع الحياة اليومية للمصرى القديم؛ ومن أبرز القطع المعروضة بالمتحف تماثيل للملكة «حتشبسوت» التى تنتمى للأسرة الـ18.

الدكتور سيد حسن- خبير الآثار الفرعونية- قال إن الآثار الفرعونية المتواجدة بالخارج، خرجت بثلاث طرق مختلفة، الأول منها خرج بشكل رسمى، حيث إن البعثات الأجنبية التى كانت تأتى لمصر لاكتشاف المقابر والبحث عن الآثار كانت تضع شروطًا مجحفة، ومنها أن تحصل البعثة على 50% وأكثر من حجم الاكتشافات التى كان يتم العثور عليها.

والنوع الثانى من الآثار المصرية، المتواجدة بالخارج، خرج بشكل رسمى فى صورة هدايا، فمصر حتى عهد الخديو سعيد عام 1849 كانت تمنح الآثار الفرعونية هدايا أينما أرادت وكان القانون المصرى يسمح بذلك.

أما النوع الثالث من الآثار الفرعونية فخرج بطرق غير شرعية، عبر تجار الآثار وعمليات التهريب التى تحدث منذ قديم السنين وحتى الآن، لافتًا إلى أن مصر تواجه صعوبة بالغة فى استعادة الآثار المهربة، لكون أن القانون الدولى يشترط بأن تكون الآثار المصرية مسجلة حتى تتم استعادتها، مؤكدًا أنه أستطاع بجهوده استعادة لوحات أثرية عام 2010، مضيفًا أن الآثار المهربة تحتاج إلى جهود دبلوماسية فى عودتها، لكونها غير مسجلة بالوثائق الأثرىة المصرية.

وأكد أن رأس نفرتيتى المعروض فى متحف برلين، خرج من مصر مغلفًا فى قميص من الجبس، وتم تهريبه ثم تكسير الجبس، مشيرًا إلى أن الآثار المصرية متواجدة بالعديد من دول العالم، خاصة إنجلترا وفرنسا وألمانيا وهى الدول التى كان لها السبق فى علم الآثار وكانوا يرسلون البعثات لمصر للاكتشاف والبحث عن الآثار، مقابل الحصول على 50% من الاكتشافات، كما أن المتاحف العالمية جميها بها قسم للآثار الفرعونية.

وحول ما يتردد عن أن هناك آثارًا فرعونية معروضة فى أحد متاحف دولة الإمارات، أكد أن هناك آثارًا فرعونية كثيرة فى الأسواق العالمية خارج مصر، تتحكم فيها مافيا تجار الآثار الدولية، ويتم شراؤها وبيعها، وهنا الأموال يكون لها دور، والكثير من الدول تدفع لكى تحصل عليها.

وأكد أن وزراء الآثار السابقين والوزير الحالى، يعملون جاهدين على استعادة الآثار المصرية بالخارج، ومنع

خروج أى قطعة آثار مرة أخرى.. وقال «التنقيب خلسة يضر بالأثر، فضلًا عن التقليل من قيمته المادية، وأيضاً من الناحية العلمية فإنه لا يعطى الفرصة للمتخصصين والباحثين لدراسة هذا الأثر، نتيجة تهريبه للخارج بطرق غير شرعية ما يضيع معلومات تسرد وتوثق وتضيف معلومات جديدة لتاريخ قدماء المصريين».

وأضاف: نابشو القبور الفرعونية يلجأون إلى التنقيب فى الجبال، وبعيدًا عن المناطق المأهولة حتى يكونوا فى مأمن من عيون الناس ويعطوهم وقتًا أكبر للبحث بحرية، لافتًا إلى أن الآثار تغرى الكثيرين فى الحفر أو الاتجار أو التهريب للخارج أو سرقتها، كونهم يعتقدون أنها «مغارة على بابا» والسبيل الوحيد للغنى الفاحش فى وقت قياسى.

وقال الدكتور زاهى حواس، عالم الآثار، إنه يجب تغيير قوانين منظمة اليونسكو، لكى نستطيع استعادة الآثار المصرية التى تم تهريبها، لافتًا إلى أنه لا توجد قوانين دولية تمنحنا حق استعادة الآثار المهربة، وكل الآثار التى عادت جاءت بـ«الدراع»، مؤكدًا أنه يعمل على وثيقة سوف يوقع عليها كل مثقفى مصر والعالم، لاستعادة رأس نفرتيتي.

وأشار إلى أن المشكلة المتعلقة بصالات المزادات تكمن فى عدم إعلانهم عن مصدر القطع الأثرىة المعروضة، مما يمثل مشكلة كبيرة كان آخرها بيع تمثال توت عنخ آمون فى لندن، موضحًا أنه سيتم اللجوء للقضاء فى القانون الجديد للآثار لملاحقة القطع الأثرىة المصرية التى تباع فى الخارج برفع دعاوى ضد المهربين.

وعن الآثار المهربة بالخارج، أكد أن الآثار المصرية كانت تباع بصفة رسمية حتى عام 1983، لافتًا أنه أستطاع إعادة 6 آلاف قطعة أثرية كانت مهربة، ولكن لا يمكن حصر الآثار المسروقة، خاصة أنه فى الفترة من 2011 وحتى 2013 تمت سرقة آثار كثيرة لا يمكن حصرها، كما أن البعثات الأجنبية التى كانت تكتشف الآثار المصرية كان لها نصف ما كان يتم اكتشافه، بخلاف الهدايا التى تخرج بشكل رسمى، أما عن الآثار المهربة التى نطالب باستعادتها سواء كانت مسجلة أو غير مسجلة التى يصعب استعادتها إلا بالجهود الدبلوماسية، لكونها غير مسجلة بمصر، مضيفًا أنه لا يمكن لأى معرض عرض آثار مسروقة ومهربة بشكل غير مشروع، وفى حال حدث هذا نتحرك لاستعادتها فورًا.

وأوضح «حواس»، أنه تم تهريب قطع أثرىة كثيرة للخارج بعد الحفر خلسة خلال فترة الفوضى الأمنية بمصر عام 2011، موضحًا أن لجنة الآثار طالبت صالات لندن، بالأوراق التى تثبت شرعية خروج الآثار المصرية المعروض بها، حيث إن مجلس النواب وافق على قانون مهم خاص بالآثار، وهو يتيح رفع دعاوى ضد أصحاب المزادات، وهذا الأمر سيحد من بيع الآثار فى المزادات.

وقال غريب سنبل، الخبير الأثرى، إننا بحاجة لتحسين أخلاق بعض المصريين، لكى نوقف نزيف تهريب الآثار المصرية للخارج، لافتًا إلى أن هناك آثارًا تم تهريبها من خمسين عامًا وأكثر، مضيفًا أنه فى السنوات الأخيرة تم غلق باب تهريب الآثار المسجلة، ولكن مازال الحفر خلسة، حيث إن كثيرًا من المواطنين يقومون بالحفر فى الظلام وفى بيوتهم بعيدًا عن الأعين، ويتم تهريب ما يكتشفونه دون أن يكون لها أى إثبات فى السجلات المصرية، وفى تلك الحالة لا نستطيع أن نطالب بتلك الآثار الفرعونية رغم أنه معلومة للجميع أنها مصرية ولكن ليس لدينا إثبات أنها خرجت من مصر بطريقة غير شرعية.

وأوضح أن مصر عدلت قانون الآثار عام 1983، ووضعت عقوبات رادعة لمن تسول له نفسه سرقة وتهريب الآثار المصرية، كما أنه تم تعديله العام الماضى، وتمت دراسة التعديلات بدعوة من كل خبراء الآثار، وتم تعديلة بصورة أقوى وحازمة فى نقطة تهريب الآثار دون أى وجود عوار فى تلك القانون، ولكن يبقى العوار الأخلاقى الموجود لدى بعض المواطنين الذين يقومون بالحفر خلسة فى بعض الأماكن النائية، رغم ترصد وزارة الآثار والداخلية لكل من يقوم بالحفر خلسة، كما أن وزارة الآثار قامت بإنشاء إدارة، تحت مسمى إدارة الآثار المستردة، تقوم باسترداد جميع الآثار المسجلة التى تم تهريبها فى السابق، كما أنها تقوم بمحاولات دبلوماسية لاسترداد الآثار المصرية المهربة دون تسجيلها بالسجلات المصرية.