رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

تجار الموت.. السوق السوداء وراء نقص أسطوانات الأكسجين

بوابة الوفد الإلكترونية

30 شركة تنتج «إكسير الحياة» ونصف مليون لتر معدل الاستهلاك اليومى للمستشفيات

 

رئيس شعبة المستلزمات الطبية: ارتفاع الأسعار من 2700 إلى 4000 جنيه بسبب تجار الأزمات وتكالب مرضى العزل المنزلى والتخزين

 

د. أحمد كريمة: المتاجرة بالأكسجين حرام شرعاً

 

مع الموجة الثانية لكورونا وتزايد حالات الإصابة بها، وفى وقت يتألم فيه الجميع ورائحة الموت تزكم الأنوف، وصار البحث عن مصل يعالج هذا الفيروس حلمًا يراود كل عالم وحكومة حول العالم، وفى الوقت نفسه من يستغل الأزمة لتحقيق مصالح ومكاسب حرام دون النظر لأرواح الناس، والدليل ما يشهده السوق المصرى من انتعاش جديد للسوق السوداء لأسطوانات الأكسجين التى يحتاجها مرضى كورونا، وأصحاب الأمراض المزمنة، وبسبب ذلك تذهب سدى مجهودات الدولة المضنية لتوفير الأكسجين.

حالات من الصراخ والعويل، على مستوى الأفراد وبعض المستشفيات والوحدات الصحية هنا وهناك تتزايد بسبب نقص أسطوانات الأكسجين التى زادت حدتها مع تزايد حالات الطلب عليها خلال الأيام الماضية، خاصة مع تزايد المرضى المعزولين منزلياً، وفى وقت كشفت فيه الدكتورة هالة زايد وزيرة الصحة والسكان عن وصول معدل الاستهلاك اليومى بالأكسجين السائل فى المستشفيات لـ«نصف مليون لتر يومياً» بمعدل استهلاك يومى ارتفع من 400 ألف لتر إلى 500 ألف لتر بعد زيادة فى الإنتاجية بمعدل 70 ألف لتر كاحتياطى للمرحلة القادمة.. إلا أن معاناة بعض المستشفيات من نقص أسطوانات الأكسجين ما زالت تتزايد ومعها أصبح نقص الأكسجين مشكلة كبيرة بعدما أصبح يهدد حياة ليس فقط مرضى المستشفيات بل وحياة المعزولين منزلياً، وقبل هؤلاء مرضى الأمراض المزمنة والتى دائماً ما تكون الأشد احتياجاً للأكسجين لكونه علاجًا ضروريًا وحيويًا لها.. تلك الأزمة اغتنمها تجار الأزمات، وخلقوا سوقاً سوداء للأكسجين ووصل سعر الأسطوانة لها بين 4000 و5000 جنيه بعدما كان سعرها يتراوح ما بين 1700 جنيه و2700 جنيه.

وكشفت جولة «الوفد» بين عدد كبير من المستشفيات أن بعض المستشفيات ليس بها شبكات للأكسجين، وبعضه يعتمد على أسطوانات الأكسجين مثلهم مثل المرضى المعزولين بالمنازل، فمستشفى الحامول مثلاً يعتمد فى عمله على 80 أسطوانة أكسجين كان قد تبرع بها الأهالى.

ونقص أسطوانات الأكسجين حقيقة لا يمكن إنكارها، والأجدى البحث عن أسبابها، وكانت الأزمة وراء إطلاق بعض الجمعيات الخيرية لمبادرات لشراء الأسطوانات والتبرع بها لإنقاذ حياة المرضى، إلا أن من المفارقات التى شهدناها أيضاً أن القائمين على تلك المبادرات ومنهم «سهام على» مسئولة إحدى الجمعيات المدنية يعانون من عدم وجودها فى السوق والتى إن وجدت فبأسعار مغالى فيها جداً.

يحدث كل ذلك رغم تأكيدات وزيرة الصحة الدكتورة هالة زايد بأنه قد جرى التعاقد مع عدد من الشركات المنتجة لأسطوانات الأكسجين لإمداد جميع المستشفيات به، كذلك العمل على زيادة السعات التخزينية للأكسجين والتنسيق مع الشركات لتوفير سيارات لنقل الأكسجين بالمحافظات، وأيضاً العمل على رفع كفاءة شبكات الغازات ومراجعتها بمختلف مستشفيات العزل والحميات والصدر والمستشفيات العلاجية.

 

حقيقة.. ولكن

نقص أسطوانات الأكسجين حقيقة لا يجب إنكارها تستدعى محاسبة تجار الأزمات وتجار المرض وتجار الموت، وهم المسئولون عن انتعاش سوق سوداء لأنابيب الأكسجين، إضافة إلى أصحاب المصانع والشركات المستغلة بدورها للأزمة برفع أسعار أسطوانات الأكسجين على وجه الخصوص.. مما يفاقم من صراخ وعويل ليس فقط المواطنين بل وبعض المستشفيات والتى معها أيضاً بدأنا نقرأ على السوشيال ميديا إعلانات عن بيع أو تأجير أسطوانات الأكسجين وبأفضل سعر كمساعدة للحالات المحتاجة وهو ما يطرح تساؤلًا حول مدى جواز استخدام تلك الأداة الطبية دون متابعة طبيب.. وهنا يحذر الدكتور نبيل الدبركى استشارى أمراض الصدر والحساسية، من خطورة استخدام أسطوانة الأكسجين فى العزل المنزلى عند الشعور بضيق التنفس لمريض الكورونا دون الرجوع لطبيب مختص، ليقيس أولاً نسبة الأكسجين والتى يجب ألا تقل عن 92٪ من خلال جهاز مخصص لقياس نسبته للشخص المريض ولوجود أنواع مختلفة من الأكسجين منه «فيس ماسك» وقسطرة أنفية، كما أن لكل مريض درجات مختلفة من الأكسجين، حسب حالته الصحية، وكذلك هناك خطورة لعدم الوعى الكافى بالاستخدام السليم.

 

نقص.. ولكن

الدكتور محمد إسماعيل عبده، رئيس شعبة المستلزمات الطبية بغرفة القاهرة التجارية، ينفى تماماً مزاعم وجود نقص بأنابيب الأكسجين فى مصر.. مؤكداً على وجود 30 شركة تعمل فى مجال تعبئة تلك الأسطوانات وبحجم إنتاج يكفى حاجة المواطنين،

ورغم تفاقم أزمة الموجة الثانية من كورونا خاصة أنه إنتاج يعتمد فى الأساس على استخلاصه فى الجو و«هواء ربنا» والذى لا يمكن أن يحدث فيه نقص، مع ضمان استمرارية استيراد الأسطوانات الفارغة نفسها فى الصين.. ومن ثم وبحسب رؤية رئيس شعبة المستلزمات الطبية فإن أى شكوى من نقص الأكسجين إن حدثت فقد يكون لخطأ إدارى أو فنى بعدم ملء الخزانات فى مواعيدها وبما يؤثر على كميات الأكسجين عبر الأنابيب، وليس نقصًا فعليًا كما يروج له لأن من أهم وأول شروط بناء أى مستشفى ومنح الترخيص

له يتطلب بناء شبكة من الأكسجين ومن خلال أنابيب يتم توصيلها بشكل مباشر فى جميع الغرف مع أسرة المرضى ويتم فتحها وتوصيلها ليدخل الأكسجين عبر أنابيب رفيعة إلى المرضى المحتاجين.. ولذلك وكما قرأنا فخزان مستشفى الحسينية مثلاً كان به أكثر من 500 لتر من الأكسجين وكذلك يتصل بشبكة الأكسجين 24 أنبوبًا بجانب الأسطوانات الاحتياطية.

وينهى الدكتور محمد إسماعيل كلامه بالتنويه إلى أن ما يشهده السوق من ارتفاع فى أسعار الأسطوانات ليس لنقصها وإنما لقيام مواطنين بشرائها احتياطياً للعزل المنزلى سواء فى حالات الإصابة الفعلية أو تحسباً للإصابة ومن ثم ارتفع السعر للأسطوانة من 2800 جنيه إلى 4000 جنيه.. أى بزيادة حوالى 1500 جنيه فى فترة وجيزة جدًا.

ويؤكد رئيس الشعبة مجددًا على عدم وجود أى نقص فى أنابيب الأكسجين فى المستشفيات الحكومية والجامعية وخلاف ذلك فهى شائعات مضللة، فى اشارة منه إلى أنها متاحة للبيع فى محلات مخصصة لها فى منطقة قصر العينى إلى جانب وجود 100 محل فى منطقة العباسية و200 محل فى منطقة شبرا الخيمة.

الدكتور خالد أمين، الأمين العام لنقابة الأطباء، يرى أنه لا يوجد أزمة أكسجين وأنه قال حتى الآن معدلات إنتاجه كافية وما يجرى مجرد صناعة لأزمة وحتى مع ارتفاع الأسعار بنسبة حتى 20٪ إلى 30٪ فإن الأزمة الحقيقية تكمن فى تخزين الناس للأسطوانات فى منازلهم لشعورهم بذعر غير مبرر، ورغم مخاطر استخدام الأكسجين بمعرفة المواطنين دون وجود مختص وهو ما قد يؤدى إلى حدوث انفجار بالرئة بادخال الأكسجين لها بضغط زائد وغير مناسب للمريض.. وأضاف بعض التجار يخزنون أسطوانات الأكسجين أملاً فى تحقيق ربح أعلى رغم أن أسعارها ارتفعت من 1200 إلى 4 آلاف جنيه ولذلك فإن من الضرورى إحكام الرقابة على الأسطوانات المتداولة منعا للتلاعب بها.

ما سبق يعنى ويؤكد أن انتعاش السوق السوداء لأسطوانات الأكسجين ليس له أى علاقة بمسألة العرض والطلب وإنما بالمتاجرة بآلام الناس من خلال تجار الأزمات وتجار الموت.. وهو حرام وجشع يستدعى الضرب بيد من حديد، ولذلك وبحسب كلام الدكتور أحمد كريمة أستاذ الفقه والشريعة، وما يجرى يعد من البيوع والمعاملات المحرمة، احتكار ويعنى حبس سلعة مهمة لحياة الناس ومعيشتهم ومن ثم ما يحدث مع هذه الأسطوانات يدخل فى التحريم.

و«المحتكر» بحسب التحذيرات النبوية ووفقاً لكلام الدكتور «كريمة» فهو ملعون وخاطئ، ولذلك فعلى الدولة حماية المرضى والمواطنين والضرب بيد من حديد على تجار الأزمات - تجار الموت.

 

وتبقى كلمة

المتاجرة بأسطوانات الأكسجين، تؤكدها ضبطيات مديريات التموين والتجارة الداخلية ومنها الحملة المكبرة مؤخرًا من مديرية التموين بالغربية برئاسة المهندس محمد أبوهاشم وكيل الوزارة، وضبط مصنع لتعبئة الأكسجين لا يعلن عن أسعار البيع بل وبيعها بأسعار مغالى فيها وتم تحرير محضر رقم 39991 لسنة 2020.

حملة ضبط أيضاً بالغربية لـ34 أسطوانة و25 منظمًا مجهول المصدر بغرض الغش.. نماذج على سبيل المثال وليس الحصر تستدعى إحكام الرقابة بل وتوحيد جهة تكون مسئولة عن توزيع ما ينتج من أسطوانات منها للتلاعب والسوق السوداء وكذلك استكمال خطط عمل شبكات للمستشفيات التى لا تزال تعتمد على الأسطوانات وليس التنكات وهو ما يزيد من الطلب مقارنة بالمعروض مع تفاقم أعداد المصابين بكورونا وغيرها.