رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز

في الوقت الذي تسعي فيه العديد من دول العالم للتخلص من آثار الأزمة الاقتصادية التي فرضتها جائحة كوفيد أواخر عام ٢٠١٩، بدأت تلوح في الأفق بوادر أزمة اقتصادية جديدة، نتيجة للعملية الروسية العسكرية في أوكرانيا، ولكن تلك الأزمة سوف تكون مختلفة كليًا عن سابقتها، فالأزمة الاقتصادية التي خلفتها جائحة كوفيد ١٩ تكاتفت دول العالم سويًا من اجل التعافي منها، بينما الأزمة التي نحن على بصددها تأتي محملة بنبرة جهورية عدائية، وهو ما يستدعي وصفها بالكارثية.

 إن استشراف مصر للمخاطر المستقبلية الكارثية التي ستحل على الاقتصاد العالمي وتحذيرها من مغبته التي ستطال الجميع، عبر بيانها الصادر  على لسان مندوبها الدائم في الأمم المتحدة، أول امس، لا شك انه كان محل إشادة وتقدير في العديد من أوساط المال والاعمال، ويظهر مدى وعي مصر بحجم المخاطر التي تهدد اقتصاديات العالم من جراء تلك الأزمة، ولا سيما في ظل  التلويح  المستمر بفرض العقوبات الاقتصادية التي تسبب اضطرابات في الأسواق العالمية، و تقوض من فرص نمو  الكيانات الاستثمارية في العديد من الدول، وهو ما سيدفع  بالعديد من المستثمرين لإعادة النظر في الأساليب التي يجب أن يتبنوها للتعامل مع تلك التغييرات الجديدة التي طرأت على الخريطة الاستثمارية العالمية، والبحث عن أسواق أكثر استقراًرا وأمانًا.    

ولا شك أن أسواق القارة الافريقية وعلى رأسها مصر  سوف تشهد نموًا كبيرًا خلال الفترة القادمة، فالملاحظ أن دول القارة الافريقية ومنها مصر تسعى للنأي بنفسها عن أي خطر يتهدد اقتصادها،كما أن الكيانات الاستثمارية أصبحت تدرك مدى وعي مصر بحجم الخطر الذي يتهدد الاقتصاد العالمي، وسعيها الجاد و الدؤب للمحافظة على ما تبقي منه، وهو ما يؤهلها لتكون الوجهة الاستثمارية الأمثل للعديد من الأفراد والكيانات الباحثة عن ملاذ آمن للاستثمار، خاصة وان الأزمة الراهنة ستخلف تداعيات اقتصادية كبيرة ستقوض من فرص نمو الاستثمارات في العديد من دول القارة الأوربية والأمريكية.

كما أن تصدر مصر رأس القائمة الجديدة لموقع  "بيزنس إنسايدر" كواحدة من أفضل 10 وجهات استثمارية في القارة الافريقية، إلى جانب دول نيجيريا، وجنوب إفريقيا، والجزائر، والمغرب، وكينيا، وإثيوبيا، وغانا، وأنجولا، وكوت ديفوار، جعل من منها وجهةً استثمارية فريدة، خاصة في ظل ارتفاع معدل نموها الاقتصادي بنسبة 9.8% في الربع الأول من العام المالي 2021- 2022، - وفقا لإحصاءات رويترز- وهو ما يوجب علينا استعراض مسببات ذلك، ووضعه في عين الاعتبار.

هذا إلى جانب انضمامها حديثًا الى مؤشر جي بي مورجان للسندات الحكومية، بعد 10 سنوات من خروجها منه، وهو  ما يؤكد أن مصر أصبحت واحدة من أغنى الدول الإفريقية من حيث إجمالي الناتج المحلي عن عام 2021، حيث تمتلك مصر ثاني أعلى ناتج محلي إجمالي في قارة إفريقيا بقيمة 394 مليار دولار.

فعلى الرغم من الآثار الاقتصادية السلبية الناتجة عن تفشي فيروس كورونا ومتحوراته، فإن الناتج المحلي لمصر قد حقق نمواً كبيراً في عام ٢٠٢١ بفضل الجهود السريعة التي بذلتها الدولة المصرية للتعافي من تلك الأزمة، حتى وصل الى مستوى مثالي أشادت به مؤسسات التقييم الدولية، فضلاً  عن تبوؤها المركز الثالث بين أكبر ٥ اقتصادات عربية لعام ٢٠٢١ بفضل برنامج الإصلاح الإقتصادي الذي تبنته،  والقرارات الاقتصادية التي اتخذتها لضمان استمرار تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر إليها، والتي جميعها تهدف إلى تسهيل الاستثمار في البلاد وتعزيز ثقة المستثمرين في أسواقها.

 باختصار؛ إذا كانت جائحة كوفيد ١٩ مثلت كارثة وخطر كبير على العديد من اقتصاديات دول العالم، إلا أنها في المقابل وفرت فرصة حقيقية اظهرت مدى قوة الاقتصاد المصري وصموده امام التحديات التي فرضتها الجائحة، وهو ما يؤكد قدرة مصر على التعامل مع المتغيرات المستقبلية التي تطرأ على الاقتصاد العالمي، فقدرتها على تحويل ازمة كوفيد ١٩ إلى فرصة ومنحة لم يكن ليأتى من دون رؤية استشرافية سديدة للمستقبل، وقيادة حكيمة لديها الوعى الكامل بحجم المخاطر التي تهدد مكتسباتها الاقتصادية، وهو ما يعزز من ثقة المستثمرين ورجال المال والأعمال في قدرة مصر على مواجهة كافة التداعيات المستقبلية التي ستطرأ على الاقتصاد العالمي نتيجة للأزمة الروسية الأوكرانية، والتي أتمنى أن تنتهي سريعًا حفاظًا على الأرواح البشرية أولاً، وتحقيق عالم يسوده الأمن والاستقرار ثانياً، ومن ثم عودة مناخ الاستثمار العالمي للحياة كسابق عهده ثالثاً.