رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

تطالعنا باستمرار وسائل الإعلام بالعديد من التقارير الإخبارية واللقاءات التي تُغطى عددا مهولا من الاختراعات العظيمة والتي ستنقذ العالم والبشرية أجمع من الأمراض الفتاكة وغيرها، اختراعات للأسف في أغلبها مزيفة ووهمية يقدمها أطفال صغار.

نعم، تقرأ وتشاهد باستمرار مخترعين من الأطفال أو أكبر قليلًا يتحدثون عن اختراعهم الأسطورة!! والذي لم يتكلم عنه العالم بل والأدهى أنه لم يُنشر في احدى الدوريات العلمية المتخصصة.

والاختراعات كثيرة، وحدث بلا حرج، فمنهم من اخترع جهازًا، وادّعى أنه يعالج كل الأمراض، ولا تندهش أو تتعجب، نعم أكررها على مسامعك، كل الأمراض، ففي الوقت الذي ينتفض فيه العالم، ولا يهدأ أو ينام لإيجاد علاج لمرض السرطان الفتاك باعتباره أقسى الأمراض وأعتاها، يخرج علينا مخترعنا الصغير بمنتهى البساطة والجرأة غير المحسوبة ليؤكد لنا اكتشافه المبهر في علاج كل الأمراض من الصداع إلى السرطان.

وليس ذلك فقط، بل من المدهش حقًا بالنسبة لي أن ترى الطالب أو الطفل يُفند لك مبررات تسميته بالمخترع كي تصدق ما يقول وتطمئن لما يعرضه عليك من هراء ووهم علمي، فتجده ينسب لنفسه ألقابًا علمية، كالمخترع الصغير أو العَالِم الصغير، وللأسف يردد هذه الألقاب المزيفة ويرددها خلفه الصحفي أو المذيع والتي لا أساس لها من الصحة.

ولم يكتفِ بإلصاق هذه المسميات العلمية لنفسه فقط، بل يُردد علينا الطالب أيضًا أنه حاصل على المراكز الأولى في مسابقات دولية علمية متخصصة، وإن أمعنت البحث قليلًا فيما يدّعي فلن تصل لشيء أبدًا، غير أن ذلك كله وهم وادعاء ويساهم بقوة في تعميم ظاهرة عدم الأمانة العلمية.

وللأسف الشديد، يدل هذا الحال المؤسف على اعتداء صارخ على قيمة البحث العلمي، وينم عن حالة من عدم التقدير أو الاحترام له من الأساس، مع عدم إعطائه الأولوية أو الميزانية الكافية لتطويره.

ولا ألوم على هؤلاء الطلبة أو من يسميهم الإعلام بالمخترعين الصغار، ولكن ألوم وبشدة على من لم يُعلمهم أساسيات ومهارات البحث العلمي السليم، من لم يُطلعهم من الأساس على أساليب المنهج العلمي الحديث، على من لم يُعلمهم الفروقات بين الفكرة والبحث، من لم يُنبههم بالاختلافات بين النموذج القابل للاختبار وبين الاختراع.

ألوم بالطبع على من لم يوفر لهم الأدوات أو المعامل المؤهلة تأهيلًا علميًا وتكنولوجيًا سليمًا لعمل التجارب التي توفر لنا نتائج عالية الدقة، يُعتد بها ويُمكِن من الاستفادة منها.

ألوم على مسئولين كبار لم يُمهدوا الطريق لعمل بنية تحتية قوية لمجتمع علمي حديث وبيئة علمية سليمة في هذا البلد.

ولا أقصد بكلامي هنا إشاعة موجة من الإحباط للطلبة أو الأطفال الذين وجدوا في أنفسهم قدرات ممتازة في البحث أو الدراسة البحثية، لا، أبدًا، ولكني آمل أن يتم استثمار قدراتهم وتوظيفها توظيفًا علميًا سليمًا، وإرشادهم إلى الطرق الدراسية والعلمية السليمة والمعترف بها دوليًا لتعظيم قيمة أبحاثهم لتصل لمرحلة التجربة ثم تنجح وتصل بعدها لمرحلة الاختراع.

فعرض الفكرة التي لم تُختبر وإظهارها بالخطأ على أنها اختراع في وسائل الإعلام ينشر حالة من السذاجة والتسطيح وعدم الموضوعية تلتصق بالوسيلة الإعلامية والتي تعرض وهما وتُسميه حقيقة علمية.

لذلك أطلب من المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام أن يقوم بمنع نشر أو إذاعة أو عرض ما يُسمى كذبًا بالاختراعات للطلبة في وسائل الإعلام، إلا بشرط أن يقوم الطالب بتوثيق بحثه في جهة بحثية مصرية يُعتد بها، أو نشره في دورية بحثية علمية متخصصة معترف بها دوليًا، ولا يتم إطلاق لفظ اختراع أبدًا على فكرة أو بحث أو ما شابه.

فالاختراع يا سادة له أصول وأعراف من المستحيل اختراقها أو تزييفها، وكفانا استهزاءً بالعلم وقواعد المنهج العلمي الحديث.

[email protected]