رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ما إن انتهينا من ماراثون الانتخابات الرئاسية، وبعد أن تقلّد الرئيس السيسي حكم البلاد في فترة رئاسية ثانية، حتى وجدنا صيحات تعديل الدستور تعلو وتتزايد، فنسمع أصواتاً تهاجم دستور 2014 بل وتطالب وللمرة الثانية بتعديل مادة فترة حكم الرئيس، وإني لأتساءل بل وأعودُ قليلاً معكم إلى الوراء لكى أتذكر وأُذكركم جميعاً بما سمعناه في السابق من الساسة والقانونيين في فضل وقيمة دستور 2014.

نعم سأردد على مسامعكم ما قيل في الماضي القريب عن دستور 2014، ألم يُقل إنه من أفضل دساتير الدولة المصرية؟ وأنه دستور نُضاهى به دساتير دول العالم المتقدم، وأنه مكتسب هام لثورتين قوميتين، آه، وأنه حامى الحقوق، ويتخذ من الديمقراطية منهجاً راسخاً، ويُعظم من مبدأ سيادة الشعب، أما احترام حقوق الإنسان فهو من بين أهم أولوياته، وهو الضامن الوحيد للحقوق والحريات.

أليست هذه الشعارات قيلت من قبل في وصف دستور 2014، ألم يصفه الصفوة والساسة والقانونيون بأنه فلتة؟ وأنه دستور يليق بمصر والمصريين، ألم نُهلل جميعاً بأن أخيراً أصبحت لدينا مادة دستورية مصونة بقوة القانون تحدد فترة حكم الرئيس في مدة زمنية واضحة ومفصلة دستورياً؟ ألم نسمع وقتها أن فترتين رئاسيتين كل فترة أربع سنوات كافية جداً لرئيس الجمهورية لكى ينفذ خططه وبرنامجه الإصلاحي؟ ألم نرفع شعارات تحترم الديمقراطية؟ أم نقل إننا بصدد بناء دولة حديثة ديمقراطياً تحترم الدستور والقانون؟ ألم ننسف مصطلح دولة الرئيس ونستبدله بمصطلح دولة المؤسسات؟

الآن تغيّرت الكلمات وتبدلت الشعارات وتناسينا أهداف ثورتنا، ما كنا نراه بالأمس القريب مُبهر ورائع وتحدى وصلنا له بالإصرار والعزيمة وأيضاً بالثورة، الآن وعلى النقيض تماماً نجد من يذكرنا دوماً أننا لم يكن يحالفنا الصواب حينما وافقنا على هذا الدستور وخاصة مواد حكم الرئيس.

وأتساءل أين كانت هذه المبررات والاستنتاجات قبل الموافقة على الدستور؟

لماذا يتم ذلك الآن؟ ألا يؤثر ذلك على صورة مصر أمام العالم بالعودة إلى عصور تفصيل الدساتير وفقاً للأهواء والمصالح؟ هل سيتقبل الشعب ذلك التعديل دون أن يُسئ الظن؟ هل سيهتم الشعب أساساً بالنزول للتصويت؟ 

أليس من الأولى الانشغال بمتابعة تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد والتي نص عليها الدستور؟ أليس من المفترض، مثلاً أن نسعى لتنفيذ المادة الدستورية الخاصة بالقضاء على الأمية الهجائية والتي نص عليها أيضاً الدستور ولم تضع لها الحكومة حتى الآن خطة واضحة المعالم؟

أليس من الأهم مثلاً أن نسعى لتنفيذ المادة الدستورية الخاصة بأن يكون لكل مواطن حق في الرعاية الصحية المتكاملة وفقاً لمعايير الجودة؟

أليست تلك أموراً تستحق المتابعة بل والسعي للتنفيذ على أرض الواقع؟ أليست تلك القضايا المصيرية العاجلة أولى بالانشغال من أي قضايا أخرى؟

أليس إجراء استفتاء شعبي على تعديل الدستور أمراً يكلف الدولة المليارات؟ كم فرحتُ أنا شخصياً بوجود مادة تسمح بتعديل الدستور في دستور 2014 كسابقة لم تحدث في دساتير مصر من قبل، وكم أفخر بأننا نمتلك حق التعديل في الدستور، بالإضافة أو الحذف بطرق شرعية معتبرة دون الحاجة إلى القيام بثورات كما في العهد البائد، ولكن كنا نقصد وقتها بالتعديل هو إضافة نصوص دستورية تضمن الحقوق وتحمى الحريات أو إضافة نصوص تزيد من نسبة الإنفاق الحكومي على الصحة والتعليم والبحث العلمي، ولكن هل من المعقول أن تكون أول بادرة في تعديل نص دستوري هي زيادة فترة حكم الرئيس؟

[email protected]