رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

ماذا حققت إسرائيل في حرب السردية الإسرائيلية بعد السبت الأسود؟

بوابة الوفد الإلكترونية

في السابع من أكتوبر عام 2023، الذي بات يُعرف بين الإسرائيليين بـ"السبت الأسود"، شهدت إسرائيل واحدة من أكثر الهجمات المفاجئة في تاريخها العسكرى الحديث ، حينما شنت حركة حماس هجومًا عسكريا غير مسبوق وغير متوقع بشكل قوى ومنظم.

وفى المقابل ردت حكومة رئيس الوزراء الاحتلال الاسرائيلى بنيامين نتنياهو بحملة عسكرية شاملة، تتعامل معها الآن كحرب على سبع جبهات تشكل تهديداً واسعاً للاستقرار الإقليمي، هذا التصعيد الدراماتيكي كشف عن نقاط ضعف كبيرة في منظومة الاستخبارات الإسرائيلية وإسقاط مقولة الجيش الذي لا يقهر، وأدى إلى أزمة سياسية داخلية، فضلًا عن تعميق العداء مع الفصائل المسلحة في غزة ولبنان.

الهجوم الذي نفذته حماس، وأدى إلى مقتل مئات وأسر المئات، دفع الجيش الإسرائيلي إلى إعلان الحرب على غزة، بهدف القضاء على حماس وتحرير الرهائن، بحسب زعمه، إلا أن هذه الحرب، التي أطلق عليها نتنياهو "حرب القيامة"، لم تقتصر على غزة، بل توسعت لتشمل مواجهات مع حزب الله في لبنان، وصواريخ استهدفت عمق إسرائيل من عدة جبهات أخرى ، وقد أدت "نشوة النصر" التي أصابت القيادة الإسرائيلية بعد سلسلة من النجاحات التكتيكية إلى تحذيرات من أن هذا الشعور قد يدفع البلاد إلى اتخاذ قرارات متهورة قد تُفاقم الأوضاع وتجعل الحرب أكثر خطورة على الإسرائيليين.

ردًا على هذا الهجوم، كثفت حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو من عملياتها العسكرية، مُعلنة الحرب تحت شعار "السيوف الحديدية"، هذه التسمية، التي تعكس شعورًا بالاستعداد والقوة، كانت محط انتقادات واسعة باعتبارها تعبيرًا عن "جنون العظمة" في التفكير الإسرائيلي، فالكثير من الخبراء والمحللين اعتبروا أن هذه السردية تعكس رؤية ضيقة، قد تؤدي إلى اتخاذ قرارات متهورة في ظل "نشوة النصر" التي تسود القيادة الإسرائيلية.

ومع تزايد المعارضة الداخلية والانتقادات التي تواجه نتنياهو وحكومته بشأن الاستراتيجية المتبعة في الحرب، يصبح السؤال الملحّ هو: هل ستتمكن إسرائيل من الخروج من هذا الصراع بجبهة موحدة، أم أن "السبت الأسود" سيكون بداية لانقسامات داخلية وصراع طويل الأمد لا يُعرف كيف سينتهي؟

 

تستعرض الوفد فى التقرير التالي وبعد مرور عام على حرب غزة وفتح جبهات أخرى في لبنان وسوريا واليمن، هل حققت إسرائيل أيًا من أهدافها الاستراتيجية والسياسية والعسكرية أم تعيش في وهم الانتصار؟

 

ماذا حدث فى عملية لطوفان الأقصى :

في 7 أكتوبر 2023، نفذت حركة حماس عملية عسكرية أطلقت عليها “طوفان الأقصى” ضد الاحتلال الاسرائيلى ، وأدى هذا الهجوم المفاجئ إلى مقتل أكثر من 1200 إسرائيلي، معظمهم من المدنيين ، حيث تمكن نحو 6000 مقاتل من حماس من اختراق الحدود مع إسرائيل، واقتحام القرى والمستوطنات بعد التغلب على الوحدات العسكرية الإسرائيلية القليلة المتواجدة في المنطقة.

استخدم المقاتلون تكتيكات متنوعة، حيث شنوا هجماتهم من البر بواسطة شاحنات صغيرة ودراجات نارية، ومن البحر عبر الزوارق السريعة، ومن السماء باستخدام الطائرات الشراعية. وقد شكل هذا المزيج المعقد من التكتيكات العسكرية الخاصة والحرب الهجينة مفاجأة للأمن الإسرائيلي.

يتطلب تنفيذ مثل هذه العملية تدريبًا وإعدادًا دقيقين، مما أثار حيرة بعض المحللين العسكريين حول عدم علم الاستخبارات الإسرائيلية بتدريبات حماس على مثل هذه العملية.

علاوة على ذلك، كان رد فعل جيش الدفاع الإسرائيلي بعيدًا عن السرعة أو التنسيق، مما زاد من الفوضى والذعر. وتعرضت حكومة بنيامين نتنياهو لانتقادات حادة من قبل الجمهور الإسرائيلي، الذي وصف إدارتها للأمن الوطني بالفاشلة.

جيش الاحتلال في صراع مستمر بحثًا عن الأمل وتحقيق الأهداف

 

بعد مرور عام على بدء العمليات العسكرية، لا يزال جيش الاحتلال الإسرائيلي في صراع دامٍ في غزة، حيث يتكبد خسائر يومية تقارب العشرات، بينما يُحصد الآلاف من أرواح المدنيين الفلسطينيين العزل، وفي الثلاثين من مايو 2024، تمكن الجيش الإسرائيلي من السيطرة على ممر فيلادلفيا، وهو شريط أرضي يمتد بطول 14 كيلومترًا من البحر الأبيض المتوسط إلى حدود إسرائيل مع مصر.

تعتبر إسرائيل أن السيطرة على هذا الممر أمر حيوي لإحكام الخناق على حركة حماس، في إطار استراتيجيتها للحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات. ومع ذلك، أثار هذا التحرك قلقًا واسعًا في الولايات المتحدة وعدد من الدول الأوروبية، حيث اعتبروا وجود الجيش الإسرائيلي في تلك المنطقة انتهاكًا لاتفاقيات كامب ديفيد التي تم التوصل إليها عام 1978، والتي كانت تهدف إلى إرساء دعائم السلام بين إسرائيل ومصر.

يُبرز هذا التصعيد والتوتر المستمر في المنطقة تعقيد الوضع الأمني والسياسي، ويضع العلاقات الدولية لإسرائيل أمام تحديات جديدة تتطلب تحليلاً دقيقًا واستراتيجيات دبلوماسية فعّالة للتعامل مع تداعيات هذه الحرب.

 

لا توجد خطة استراتيجية لجيش الاحتلال.. 

 

مرت عام كامل على هجوم السابع من أكتوبر 2023 دون أن تحقق إسرائيل أيًا من أهدافها المعلنة، بما في ذلك القضاء على "حماس" وتدمير بنيتها التحتية أو استعادة الأسرى. هذا الأمر يعكس السياسة التي تتبعها الحكومة الإسرائيلية، والتي تركز على ضمان استمرار الائتلاف الحكومي ومصلحة بنيامين نتنياهو الشخصية.

 

وبناءً على ذلك، عملت إسرائيل على مدى العام الماضي دون وضع خطة استراتيجية واضحة تشمل جدولاً زمنياً للقتال في غزة وما بعده.

 

حتى الآن، أعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة أن الاحتلال الإسرائيلي ارتكب مجازر يومية، مما أسفر عن تصعيد مستمر منذ بدء العدوان في 7 أكتوبر. وقد ارتفع عدد الضحايا إلى 41,870 شهيدًا و97,166 مصابًا، مما يعكس تفاقم الأوضاع الإنسانية في القطاع.

 

السردية الإسرائيلية او حرب القيامة في مواجهة الحقائق المريرة

 

تطلق إسرائيل على الحرب الحالية التي تخوضها ضد حماس مسميات مختلفة، حيث وصف رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو هذه الحرب بـ"حرب القيامة" بدلاً من الاسم الذي اختارته إسرائيل "السيوف الحديدية". ويواجه نتنياهو معارضة واسعة من الجمهور والسياسيين، حيث يتهمه البعض بتحمل المسؤولية عن الأوضاع المزرية التي تعاني منها إسرائيل، من دمار اجتماعي واقتصادي وبنية تحتية، والتي سيكون من الصعب تجاوزها في فترة قريبة.

 

تعكس السيطرة المستمرة لـ"نشوة النصر" أو "جنون العظمة" سياسة اتخاذ القرار في إسرائيل، مما يهدد مستقبل البلاد سواء بتوسيع نطاق الحرب إقليمياً أو بالانغماس في حرب استنزاف طويلة الأمد. وعندما يحاول نتنياهو مواجهة عائلات الأسرى وعائلات القتلى في الذكرى السنوية للهجوم على إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023، يواجه تحديات نفسية صعبة في ظل نظرات الألم والفقد، خاصة مع استمرار وجود 101 أسير إسرائيلي في غزة، حيث فقد أكثر من 50% منهم حياتهم.

 

تحت وطأة قصف صواريخ حماس وصواريخ حزب الله، لم يعد بإمكان القيادة الإسرائيلية الحفاظ على انطباع "نشوة النصر"، التي حذر منها أمنيون سابقون، حيث يعتقدون أن هذا الشعور قد يتحول إلى لعنة، تؤدي إلى اتخاذ قرارات متهورة تزيد من خطورة الوضع الحالي.

 

وفي ظل هذه الظروف، ترفض الأصوات الأبرز في المجتمع الإسرائيلي اعتبار إسرائيل منتصرة. فبينما تسعى حركة حماس إلى تعزيز قدراتها، ورغم الإنجازات الاستخباراتية في لبنان ضد حزب الله، تبقى الإخفاقات الخطيرة في الاستخبارات والقيادة السياسية هي الشاغل الرئيسي الذي يبرز في المشهد.

 

حماس تحتفظ بالأسرى وإسرائيل تعاني من الإخفاقات العسكرية

 

لا تزال حركة حماس تحتفظ بعدد من الأسرى الإسرائيليين، فيما تواجه إسرائيل صعوبات في تحقيق نتائج عسكرية ملموسة أو القضاء على حماس. على الرغم من إعلان الجيش الإسرائيلي بأن العمل العسكري لن يكون كافياً وحده، فإن الحكومة الإسرائيلية تقدّر أن 251 أسيراً قد تم احتجازهم خلال هجوم "طوفان الأقصى".

 

في نوفمبر الماضي، أسفر اتفاق هدنة استمر لمدة أسبوع عن إطلاق سراح 116 أسيراً من النساء والأطفال المحتجزين في قطاع غزة، وذلك في مقابل إطلاق سراح سجناء من النساء والمراهقين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، وفقًا لصحيفة "واشنطن بوست". بالإضافة إلى ذلك، تم تحرير 24 مواطناً أجنبياً، لا يحملون الجنسية الإسرائيلية، فضلاً عن إنقاذ 11 أسيراً بينهم أميركيان.

 

وقد أعلنت إسرائيل أنها استعادت جثث 30 رهينة من قطاع غزة خلال الأشهر الماضية، مما يعني أنه وفقًا لأحدث الإحصاءات، لا يزال هناك 71 أسيراً على قيد الحياة في غزة، مع أنباء تشير إلى مقتل 64 أسيراً على الأقل. ومع ذلك، لا تزال المعلومات حول عدد الأسرى الذين لقوا حتفهم في الاحتجاز، بالإضافة إلى أعمارهم وأجناسهم وجنسياتهم، غير واضحة.

 

وذكرت وسائل الإعلام الإسرائيلية أن 109 أسرى لا يزالون موجودين حاليًا لدى حركة حماس في غزة، حيث يُعتقد أن 73 منهم على قيد الحياة، رغم أن مصادر أجنبية ترجح أن العدد الفعلي للأحياء أقل، لكنه لا يقل عن 50 أسيراً.

 

وفي ختام جولة شرق أوسطية هي التاسعة له، حذر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن من أن "الوقت داهم"، حيث سعى لإقناع كل من إسرائيل وحركة حماس بالموافقة على "خطة تسوية" طرحتها واشنطن لوقف إطلاق النار في قطاع غزة.