رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

نستكمل حديثنا اليوم عزيزى القارئ مع الحرب فى السودان والتى عززت فرض واقع يحقق المصالح التى قامت من أجلها عمليات التغيير والحرب، فى نمط جديد فى المنطقة لاختبار حرب الجيل الرابع والتى تعتمد على الحرب النفسية من خلال حرب المعلومات والإعلام والتلاعب النفسى، والإرهاب كأسلوب، وعلى قاعدة غير وطنية أو متعددة الجنسيات، تدار بلامركزية للغاية، والهجوم المباشر على ثقافة العدو بما فى ذلك أعمال الإبادة الجماعية وفرض واقع جديد، والتى تنفذه قوات الدعم السريع بالوكالة من خلال إستراتيجيات الإعلام والمعلومات والمصادر المفتوحة، وتشجيع ثقافة الغنائم والنهب دون الحاجة إلى إمداد لقواتها أو رواتب نظامية، فانضم إليها الآلاف، ما أدى إلى إفقار المجتمعات المحلية السودانية، وتعقيد موقف الجيش فى المناورة، وتشكيل جبهات ضغط نفسى من المواطنين على قيادة الجيش لحمايتهم فى رقعة جغرافية تحتاج إلى آليات لا تتوفر للمؤسسة العسكرية حاليا، وإن استهداف التجمعات المدنية لا يهدف إلى تحقيق نصر عسكرى، ولكنه يأتى ضمن الحرب النفسية التى تعمل على تقويض استقرار الدولة وسلطاتها والطعن فى شرعية الحكومة الضعيفة الغائبة، وهزّ صورة قائد الجيش وإظهاره بمظهر العاجز عن حماية مواطنيه.

لقد دمرت الحرب البنى التحتية والمصارف والمؤسسات وحقول النفط، وجعلت الدعم السريع أكبر تجمعاتها فى مصفاة النفط فى الخرطوم منذ اليوم الأول، وقام شركاؤها بتعطيل سلاسل الإمداد التى تزود الجيش بالمعدات، وفرض عقوبات على منظوماته الاقتصادية مع عقوبات رمزية غير متكافئة على شركات الدعم السريع التى تعمل فى مجال التحويلات المالية، أو تجارة الذهب وما خفى كان أعظم، وهى عقوبات لا تخلو من غرض، متحاشية دولًا ومجموعات ظلت تدعم مشروع التمرد بالأسلحة وتجنيد المقاتلين، فى مفارقة دولية واضحة، حين فرض شركاء الدعم السريع حصارا غير معلن على السودان والجيش، فجمدوا عضويته فى الاتحاد الأفريقى، واستقبلوا «حميدتى» ببروتوكولات رسمية، كما تم احتواء جيران السودان بحوافز جديدة ومشروعات اقتصادية، واستخدمت وسائل المنظمات الدولية فى الحصار تارة بالتحايل، وتارة أخرى بالضغوط والترهيب، وحين توصلت قيادة الجيش لاتفاق مع روسيا لمحطة التزود فى البحر الأحمر، تزايدت الضغوط من خلال الأوضاع الإنسانية، وفتح مسارات التدخل الأجنبى عبر الحوار لتكرار سيناريو شريان الحياة الذى كان يعمل على إمداد التمرد فى جنوب السودان تحت غطاء المساعدات الإنسانية.

ركز الفاعلون فى الحرب فى السودان أن تكون طويلة ومعقدة حسبما صرح به نافذون فى قوى عظمى، لتفقد الدولة السودانية القدرة على إدارة شئون مواطنيها، ما يفقدهم الثقة بها ويجعل قياداتها ترضخ بالقبول بالهندسة القادمة للمنطقة بعد المتغيرات الجديدة فى مناطق الساحل الأفريقى، وهشاشة الداخل الإثيوبى، واهتزاز الدولة فى جنوب السودان، وغيابها فى أفريقيا الوسطى، ومهددات الأوضاع فى تشاد، لكل ما سبق عزيزى القارئ سيتم من خلاله فرض واقع يحقق المصالح التى قامت من أجلها عمليات التغيير والحرب التى أفضت إلى واقع أكثر هشاشة ومأساوية وفشلا، وإرغام الجميع على القبول بالتشكيل الجديد وفق معادلات جديدة، ستكون الدعم السريع وقيادتها من ضحاياها، والخاسر الأكبر فى حربٍ لم تكن إلا أداتها البشعة التى حققت تآكل إرادة الخصم بدلا من انتصاره أو هزيمته فى معركة لم يكن مستعدًا لها، ولم يعرف جنرالاته طرقها.

لم يكن وصول الحرب إلى ولاية سنار جنوب شرق السودان بالحدث العادى مثل سابقاته، إذ تجرى توقعات واسعة بأن يشكل نقطة تحول كبيرة فى مسار الصراع المسلح المحتدم بين الجيش وقوات الدعم السريع، نظرا للموقع الجغرافى الاستراتيجى لسنار التى تمثل حلقة وصل بين شرق البلاد وغربها، تحولات جديدة لن تقتصر على السياق العسكرى وخارطة السيطرة الميدانية لطرفى الحرب، لكنها وفق مختصين، ستمتد لتلقى بتأثيرات إضافية على الوضع الإنسانى من خلال موجات نزوح جديدة، كما تجعل مواطنى سنار العالقين فى منازلهم، وولاية النيل الأبيض، وإقليم النيل الأزرق تحت وطأة حصار شديد وما يخلفه من تدهور معيشى، وبعد اجتياح قوات الدعم السريع لولاية سنار والسيطرة على عاصمتها سنجة فى نهاية يونيو الماضى، نزح 135 ألف شخص إلى ولاية القضارف وحدها، وللحديث بقية.

 

[email protected]