رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

نستكمل حديثنا اليوم عزيزى القارئ مع ما يحدث فى حدود مصر الجنوبية وما ينطوى عليه من تهديدات لأمننا القومى، جسد السودان الشقيق ينزف دماً من جراء المعارك الطاحنة التى ما زالت مستمرة فى عامها الثانى بين الجيش السودانى وقوات الدعم السريع وهى قوات شبه عسكرية غير نظامية، أى حرب بالوكالة دون الاحتياج لقوات من الخارج مستهدفة إخضاع وتحطيم قدرات المؤسسة العسكرية السودانية، وإصابة جسد الدولة الهش بالشلل الجزئى، وتمثل قوات الدعم السريع نموذجاً مثالياً للنمط الجديد الذى يتم استخدامه فى منطقتنا العربية والأفريقية، وهو نمط غير معهود بالمنطقة وسط صمت دولى محير، إضافة إلى التدخلات الخارجية تحت ستار بعثات دولية وأممية عملت طويلاً لهندسة مشروعها فى السودان، وجعله واقعاً قسرياً لفرض الأجندات الجديدة، ومنذ انطلاق الرصاصة الأولى للحرب كانت مقرات الجيش السودانى وأسلحته المركزية فى الخرطوم ومواقعه الاستراتيجية ومراكز الاتصالات وأجهزة الإعلام، والمقار الحكومية المختلفة فى مرمى نيران قوات الدعم السريع، مع تدمير منظومة الصناعات الدفاعية التى استطاعت أن تحقق نجاحات كبيرة فى مجال الصناعات العسكرية، وهذا أضاف للجيش السودانى أعداء جدداً فى أسواق السلاح المحتكرة للشركات الغربية، فبدأت الحملات مبكراً على مؤسسات التصنيع الحربى بتفكيك شركات الجيش الوطنية، وانتهت بالتدمير الكامل.

قوات الدعم السريع عزيزى القارئ تنفذ أجندة خاصة لصالح أطراف كثيرة متعددة فهى لا تمتلك قيادة عسكرية مؤهلة لهذا النمط الجديد من الحروب، حيث يقودها ضباط لم يتلقوا تعليماً نظامياً، أو أى نوع من أنواع التأهيل العسكرى بدأ من قائدها، فقد انتشرت الحرب فى مساحات واسعة معتمدة على شبكات جديدة من المقاتلين والحركات المسلحة فى المنطقة، ولكل منها أجندة خاصة مثل مجموعات فاكت وحركة مظلوم التشاديتين، والسليكا فى أفريقيا الوسطى، وميليشيات النوير فى جنوب السودان، كما أنها أطلقت سراح الجنائيين فى السجون من متعاطى المخدرات والمحجوزين فى قضايا جنائية أخرى، وحفزت الفزع القبلى بعد استقطاب زعماء بعض القبائل، عبر حملات وأدوات التأثير الاجتماعى والنفسى والمالى الموجه إلى النسيج الوطنى عبر الأذرع التى أنشأتها من منظمات ومراكز ومؤسسات رأى عام منذ وقت مبكر، ما أكسبها مزايا غير متماثلة مع الجيش الوطنى، فاستطاعت تعويض الفارق فى بنية تكوين قواتها وتأهيلها، والتى يغلب عليها طابع الميليشيا لا الجيش النظامى الذى يغلب عليه التنظيم والانضباط، وأدارت معاركها باللامركزية موظفة شبكات ممتدة من المناطق التى دخلتها باستخدام تكتيكات غير عسكرية فى الانتشار والتوكل، مستهدفة زعزعة استقرار المجتمع، فاضطر ملايين المواطنين إلى النزوح حفاظاً على أرواحهم وأعراضهم. ولكنها تكتيكات كانت معززة لأهداف الحرب الجديدة فى صناعة صورتها الذهنية التى تجعل الجميع يهربون أمامها، ويتركون أرضهم من أجل مستوطنين جدد.

لقد عززت الحرب فى السودان لفرض واقع يحقق المصالح التى قامت من أجلها عمليات التغيير والحرب، فى نمط جديد فى المنطقة لاختبار حرب الجيل الرابع التى تعتمد على الحرب النفسية من خلال حرب المعلومات والإعلام والتلاعب النفسى، والإرهاب كأسلوب، وعلى قاعدة غير وطنية أو متعددة الجنسيات، لا مركزية للغاية، والهجوم المباشر على ثقافة العدو بما فى ذلك أعمال الإبادة الجماعية وفرض واقع جديد، والتى تنفذه قوات الدعم السريع بالوكالة من استراتيجيات الإعلام والمعلومات والمصادر المفتوحة، وتشجيع ثقافة الغنائم والنهب دون الحاجة إلى إمداد لقواتها أو رواتب نظامية، فانضم إليها الآلاف، ما أدى إلى إفقار المجتمعات المحلية، وتعقيد موقف الجيش فى المناورة، وتشكيل جبهات ضغط نفسى من المواطنين على قيادة الجيش لحمايتهم فى رقعة جغرافية تحتاج إلى آليات لا تتوافر للمؤسسة العسكرية حالياً، وإن استهداف التجمعات المدنية لا يهدف إلى تحقيق نصر عسكرى، لكنه يأتى ضمن الحرب النفسية التى تعمل على تقويض استقرار الدولة وسلطاتها والطعن فى شرعية الحكومة الضعيفة الغائبة، وهز صورة قائد الجيش وإظهاره بمظهر العاجز عن حماية مواطنيه، وللحديث بقية

 

[email protected]