رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

يبدو أن خطة تحريك الأسعار التى أعلن عنها الدكتور مصطفى مدبولى هى الخطة الأوضح التى نعيش تفاصيلها دون رادع، ولا يحتاج أحد إلى دليل ليعرف، ويعى ويدرك أن هذا التحريك المستمر للأسعار فاق توحشه قدرة التعايش معه، أو التكيف مع مخالبه وأنيابه التى باتت تنهش إدراكنا البصرى والسمعى والعصبى، وأياً كانت الأسباب والمسببات الدافعة لحالة التبخر اللاإرادى لمخزون «جيوبنا» الاستراتيجى، كل هذا لا يهم ولن يفيد، تعددت الأسباب و«النهش» واحد!!.

لقد كتبت وغيرى كثيراً عن حالة الشكوى من انفلات الأسعار، ولم أجد الجديد الذى أكتبه، لذلك أعيد ما نشرته «اللطائف المصورة» لصاحبها «إسكندر مكاريوس» فى عددها الصادر الاثنين 12 مارس 1917، تحت عنوان «قانون الغلاء الفاحش نحن الجوع الكافر»، تنتقد فيه وبه جشع التجار وأطماعهم بطريقة فكاهية كما نفعل الآن فى محاولة التكيف مع أزماتنا، ووضعت الجريدة 14 مادة لهذا القانون الصادر فى «كَفْرْ التجار الطمَّاعين».

وقبل أن أسرد تفاصيل هذا القانون الهزلى الذى نشرته «اللطائف المصورة»، ألفت انتباه القارئ الكريم، أن وقت نشر هذه المواد التخيلية- عام 1917- كانت الحرب العالمية الأولى لم تنته بعد، وشهدت بلدان كثيرة مجاعات كبرى فى هذا العام.. وإلى نص مواد القانون:

بدأت الجريدة استهلال القانون كالتالى: بعد الاطلاع على «المادة إيدها للتسول»، وبناء على ما عرضه علينا أحد التجار القاطنين بكفر الطمَّاعين، وبعد موافقة مجلس الأُنس الهنى أمرنا بما هو آتٍ:

المادة الأولى: بيع العيش الاعتيادى يكون بمعرفة التجار الطمَّاعين بعد استجلابه من المخابز المغشوشة.

المادة الثانية: العيش الخاص يصير بيعه فى الأجزاخانات داخل برشامة يتعاطى بها من عضه الجوع بنابه، بناء على شهادة تعطى له من طبيب كفر الطمَّاعين، وتناولت المادة الثالثة حق الخبازين فى أن يضيفوا على العيش البلدى ما يشاءون من الجبس المعصراوى و«القصرمل» القصرمل مادة تنتج من مخلفات الحرق بالأفران- ويحق للمقاولين الإشراف على المخابز والجباسات، وأقرت المادة الرابعة من هذا القانون أنه: يتحتم على كل جائع أن يأكل عشرة أرغفة كل مرة، هذا إن استطاع دفع المبلغ وإلاَّ يموت جوعاً.

ونصحت المادة الخامسة المخابز بأن تصغر العيش بقدر الإمكان حتى يكون مما خف حمله وغلا ثمنه، وجعلت المادة السادسة العيش «الملدن» من الأحجار الكريمة والعيش «الفينو» من الآثار القديمة، ولا يجوز بيعه إلا فى خان الخليلى.

أما المادة السابعة فقد نصحت كل صاحب بيت أو رئيس عائلة، أن يبيع منقولات بيته ليأتى لأولاده بعشوة ليلة، وقدمت الثامنة النصح لأصحاب المخابز وجميع الخبازين والعجانين بأن ينزعوا الرحمة من قلوبهم كما نزعوا القمح من الخبز، وحددت المادة التاسعة من هذا القانون الساخر عقوبة كل من يعثر على رغيف عيش أيام وسنوات الرخاء، ولم يسلمه للجنة حفظ الآثار، بأن يعاقب بأكل وشه، وأخلت المادة العاشرة مسئولية المخابز وتجار الدقيق عما يحدث للأمعاء من النزلات الشعبية والإمساك وعسر الهضم.

وجاء نص باقى مواد القانون الساخرة والساحرة كالتالى:

المادة الحادية عشرة: على تجار القمح أن يعملوا من الحبة قبة، وأن يعتبر قولهم كالسعر الداير فى البلد مثل الأمراض والأوبئة بدون تداخل مصلحة الصحة.

المادة الثانية عشرة: على عموم الجزارين ألا يذبحوا المواشى، ويكتفوا بذبح أصوات الزبائن «سلفاً» ولا يجوز لأحد إدخال اللحمة على أولاده إلا إذا كان من عضمة خشنة، وللجزارين الحق فى تقطيع الفروة ومن خالف ذلك نسلخ جلده.

المادة الثالثة عشرة: على تجار السمن أن يسيحوا فى عموم البلاد، وأن يكون مركزهم بركة الرطل، ولهم حق بيع الجوز بدل المفرد، كذلك يخول لهم استجلاب بضائعهم من الشحم النقى المخصص لعجلات قطارات السكة الحديد.

المادة الرابعة عشرة: على عموم التجار والمصريين تنفيذ هذا القرار كل فيما يخصه.

صدر القانون بسراى رأس الحكمة مخافة الله فى عبيده البائسين.

الإمضاء: كُل بعضك.

[email protected]