رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

فى عالم الشعر الحديث، يقف تى. إس. إليوت ومحمود درويش كمبدعين اختلفا فى المنشأ واللغة والاسلوب واشتركا فى الفرادة والعمق والابداع.

وُلد توماس ستيرنز إليوت (1888-1965) فى سانت لويس، ميزورى، وانتقل لاحقًا إلى إنجلترا، حيث أصبح مواطنًا بريطانيًا فى عام 1927. تركت الأحداث العاصفة فى أوائل القرن العشرين، بما فى ذلك فظائع الحرب العالمية الأولى أثرًا عميقًا فى شعر إليوت، كما نجد فى «الأرض الخراب» و«الرجال الجوّف». تحوله إلى الأنجليكانية واستكشافه للمواضيع الروحية والوجودية يتجلى بوضوح فى شعره ومقالاته النقدية. ويتميز أسلوبه الحداثى بالتجزئة والإحالات الاسطورية والإحساس العميق بخيبة الأمل فى عالم فقد المعنى.

تجمع قصيدة «الأرض الخراب» بين الأصوات التاريخية والإشارات، مستكشفة مواضيع الانحلال والخراب الروحى والبحث عن المعنى فى عالم موسوم بتفكّك الروابط بين البشر وتشظى القيم والاتجاهات.

على هذه الطريقة ينتهى العالم

ليس بصيحة مدوّية

وإنما بالنشيج والأنين.

وفى «أغنية حب ج. ألفريد بروفروك» يتناول إليوت الحالة النفسية لشخصية بروفروك، معبرًا عن مواضيع الاغتراب والتردد والشلل فى الحياة الحديثة.

أتواتينى الجرأة

على إزعاج الكون؟

إن لحظةً واحدة لتتسع

لقرارات ومراجعات تبطلها لحظةٌ أخرى.

لأنى قد عرفتها جميعًا، نعم عرفتها —

عرفت المساءات، والصباحات، والظهيرات،

وقست ساعات حياتى بملعقة القهوة.

ولد محمود درويش (2008 – 1941) فى قرية البروة فى فلسطين، وشهد النزوح والمنفى خلال حرب عام 1948، ما أثر بشكل عميق على رؤيته الشعرية. أصبح درويش رمزًا للهوية الوطنية الفلسطينية، باستخدام شعره لاستكشاف مواضيع الوطن، النزوح، المقاومة، وسعى العدالة. تتداخل أعماله، مثل «جداريّة» و»لاعب النرد»، بين الحزن الشخصى والحزن الجماعى، مستخدمًا الاستعارة والرمزية لإحياء شعور عميق بالفقدان والحنين.

أَنا لاعب النَرْدِ،

أَربح حينًا وأَخسر حينًا...

وُلدتُ إلى جانب البئرِ

والشجراتِ الثلاثِ الوحيدات كالراهباتْ

وُلدتُ بلا زَفّةٍ وبلا قابلةْ

وسُمِّيتُ باسمى مُصَادَفَةً

ويقول فى قصيدة «جدارية»:

سأحلم، لا لأصلح أى معنى خارجى.

بل كى أرمم داخلى المهجور.

أمّا إليوت فيستخدم لغة مجردة فى كثير من الأحيان لنقل المشاعر والمواضيع المعقدة حيث تكون غاية كل نهاية الوصول إلى نقطة البدء:

لن نتوقف عن الاستكشاف،

وسيكون نهاية كل استكشافاتنا

أن نصل إلى حيث بدأنا

ونعرف المكان لأول مرة.

على الرغم من اختلاف خلفياتهما الثقافية والتاريخية، يتشارك ت. إس. إليوت ومحمود درويش فى القدرة على تجسيد تعقيدات التجربة البشرية من خلال شعرهما. يعكس استكشاف إليوت للحداثة والروحانية معاناة درويش العاطفية فى المنفى والوطن وروح المقاومة. ورغم اختلافاتهما، يستخدم كلا الشاعرين الرمزية الغنية والإشارة، ما يخلق أعمالًا تستمر فى إلهام وتحدى القراء حول العالم، وإثبات تلك القوة الخالدة للشعر فى التعبير عن القضايا الإنسانية بكل تعقيداتها.