رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

إيران.. اللاعب المخرب المصالحة السورية التركية

بوابة الوفد الإلكترونية

الأسد: مستعد لتقبيل اللحى من أجل مصلحة البلاد

 

يبدو أن هناك تعقيدات كثيرة تسود مشهد التصالح السوري التركي تظهر مع الاعلان عن تلك الخطوة، ورغم الوساطات والدعوات المعلنة والمكررة  في  مسار التقارب  الذي يجري العمل على تطويره منذ  2016، ويتم برعاية روسية، لكن اللاعب الحاضر الغائب الذي قلما تم تسليط الضوء عليه في هذه القصة هو إيران ونفوذها الحاسم في دمشق.

ورغم أن طهران رهنت مستقبلها الجيوسياسي في سوريا ببقاء الأسد في السلطة، وأنفقت في سبيل ذلك العديد من الاستثمارات الضخمة، وشجعت مؤخراً بحذر على المزيد من التطبيع العربي وتعويم الأسد، إلا أنها تبدو قلقة بشدة من تداعيات  التقارب التركي، خاصة أن الأمر لن يمر بالقنوات الإيرانية أو العراقية. 

وفي تصريح للرئيس التركي رجب طيب أردوغان لوكالة الأناضول حول خارطة الطريق السورية الجديدة دعا أردوغان كلّا من الولايات المتحدة وإيران إلى أن تكونا سعيدتين بالتطورات الإيجابية، وتدعما العملية الرامية إلى إنهاء كل المعاناة في سوريا. واعتبر أردوغان أن التنظيمات الإرهابية ستبذل قصارى جهدها لتسميم هذا المسار في سوريا وستخطط لاستفزازات وألاعيب ولكننا ندرك كل ذلك جيداً ومستعدون لمواجهتها، بحسب وصفه.

يعود القلق الإيراني الي التخوف من خسارة استراتيجية محتملة في سوريا مع نجاح أولى خطوات التطبيع التركي برعاية روسية، يجب أن يعيد البعض للتفكير بشكل جدي في ميزة إضعاف نفوذ طهران في دمشق، والحيلولة دون التحول الخطير للديموغرافية السورية، الذي يجري على قدم وساق في ظل نظام ضعيف ومرتهن للأجندة العسكرية والاقتصادية الإيرانية.

لقد أثبتت سنوات العقد الماضي، أن إيران غير قادرة على بدء عملية إعادة الإعمار الهائلة لسوريا، وهي مستفيدة فعلياً من بقاء ملايين المشردين السوريين في الخارج والوضع الاقتصادي ما دون خط الموت لملايين السوريين الآخرين في الداخل لتمرير أجندتها التوسعية وسياستها الناعمة بسهولة وبأقل التكاليف رغماً عن النظام والمجتمع الدولي.

وفي إطار تلك الأزمة اتضح من خلال تسريب للقاء نائب أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الأعلى الإيراني مع نائب وزير الخارجية السوري أيمن سوسيان عام 2023، مدى التوجس الإيراني من تحرك النظام خارج العباءة الإيرانية، والمخاطر المترتبة على ذلك على النظام السوري.

وفي فقرة المحادثات الأمنية بين أنقرة ودمشق، يبين الملف على أن «الجمهورية الإسلامية الإيرانية سعت منذ بداية الأزمة السورية إلى إشراك دول الجوار في عملية الحوار والتفاهم مع الحكومة السورية، وأكدت باستمرار مشاركة الدول الثلاث الضامنة لعملية أستانا في أي عملية صنع قرار في الأمور السياسية والأمنية والعسكرية المتعلقة بسوريا».

 

وفي الوقت الذي اعرب فيه نائب أمين مجلس الأمن القومي الأعلى الإيراني في لقائه مع سوسيان عن «سعادته» برؤية «الأعداء» يقبلون على مضض الحقائق الميدانية ويحاولون فتح طريق العودة بطريقة أو بأخرى، فإنه يحذر من أن «البعض» يخطط لتحقيق أهدافه قصيرة ومتوسطة المدى.

 

فيما تتعمد وسائل إعلام إيرانية أخرى مختلفة على ترجمة تقارير ومقالات لشخصيات معارضة تركية في أنقرة وإسطنبول، للتأكيد على نفس الاعتقاد الإيراني القائل بارتكاب الرئيس أردوغان وفريقه في سوريا أخطاء وصفت بأنها لا يمكن إنكارها.

وكان تليفزيون سوريا قد نشر رسالة سرية سربتها مجموعة إيرانية معارضة مقربة من منظمة مجاهدي خلق الإيرانية، تحذر فيها منظمة استخبارات «الحرس الثوري» الرئيس الإيراني السابق، إبراهيم رئيسي من أن «خصوم إيران الإقليميين، مثل تركيا والإمارات العربية المتحدة»، يحاولون «الحد من نفوذ إيران الاقتصادي في مستقبل سوريا وخلال فترة إعادة إعمار»، مشيرة إلى أن «إهمال فترة إعادة الإعمار السورية يمكن أن يؤثر على إنجازات إيران في العقد الماضي والنفقات التي تكبدتها في هذا المجال».

 

ووصفت وثيقة سرية أخرى سربتها المعارضة الإيرانية لتليفزيون سوريا «الموقف المحرج» لرئيس النظام السوري أمام حلفائه الإيرانيين الذين طلبوا في وقت سابق من العام الماضي الانضمام إلى المحادثات الثلاثية مع الأتراك واوضحت أن هذا الإطار الثلاثي من المحادثات قد يضر بمصالح إيران، داعية إلى تحرك إيراني عاجل أمني ودبلوماسي للانضمام إلى هذه المحادثات.

وفي حين تواصل روسيا وتركيا تأكيدهما على إبقاء هذه المحادثات محصورة بالأطراف الثلاثة بعيداً عن أي وساطات أخرى، بات من الواضح اليوم أن دخول إيران المحادثات الثلاثية والوساطة المزعومة لوزير الخارجية الإيراني السابق، أمير عبد اللهيان، لم تصل لأي نتيجة في أحسن الأحوال أو كانت معطلة في أسوأ الأحوال.

وعليه تلعب إيران دور «اللاعب المخرب» في هذه المعادلة، لا سيما وأنها قامت بإجراء استباقي من النوع التحذيري قبل أيام مع تسارع عجلة التطبيع التركي الأخيرة، ونشرت، على غير عادتها بنود اتفاقية اقتصادية لاسترداد ديونها من النظام السوري بشكل علني تحت ذريعة تقديمه للبرلمان الإيراني لاستكمال الإجراءات القانونية.

ورغم أن بنود الاتفاقية المنشورة لم تأتِ بأي جديد، لكنها يجب أن تدق ناقوس الإنذار من فاعلية العناصر والأدوات الأخرى التي يمكن أن تحركها على الأرض لإحكام قبضتها على الأسد للقبول بالشروط الإيرانية للمحادثات المستقبلية المتصورة من قبلهم.

وكانت قد أعربت الخارجية السورية عن رفضها للتصالح مع النظام التركي الا في حالة الانسحاب الكامل من الأراضي السورية وجاء تصريحات الرئيس السوري علي مزاجية إيران، والتي أكد خلالها  ترحيبه بمبادرة الرئيس التركي، لعقد اجتماع بينهما، إلا أنه قال إنه لا يعرف مضمون اللقاء.

 

وقال الأسد في تصريحات صحفية أثناء الإدلاء بصوته في انتخابات مجلس الشعب: «إذا كان اللقاء أو العناق أو العتاب أو تبويس (تقبيل) اللحى يحقق مصلحة البلد سأقوم به. المشكلة تكمن في مضمون اللقاء. لم نسمع ما الهدف من اللقاء؟ طرح المشكلة؟ تحسين العلاقات»؟

 

وتابع الأسد: «أول سؤال نسأله: لماذا خرجت العلاقات عن مسارها الطبيعي قبل 13 عاما؟ لم نسمع الجواب من أي مسئول تركي».

 

وأعرب الرئيس السوري عن ترحيبه بالمبادرة قائلا: «نحن إيجابيون تجاه أي مبادرة، لكن هذا لا يعني أن نذهب من دون قواعد. اللقاء وسيلة ونحن بحاجة لقواعد ومرجعيات عمل. هناك لقاء يترتب مع المستوى الأمني من بعض الوسطاء وكنا إيجابيين».

وأضاف: «ما مرجعية اللقاء؟ هل إنهاء أسباب المشكلة التي تتمثل بدعم الإرهاب والانسحاب من سوريا؟. هذا جوهر المشكلة. إذا لم يناقش اللقاء هذا الجوهر فماذا يعني لقاء؟.. لسنا ضد أي لقاء والمهم أن نصل لنتائج إيجابية تحقق مصلحة سوريا وتركيا بنفس الوقت».