عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

صحتك فى أمان 144

لا أعرف حتى الآن لماذا صنعوا بالتحديد جهازًا لكشف الكذب دون غيره من الأجهزة ولماذا تفتق ذهن المُصنّع أن الانسان هذا المخلوق الغريب والعجيب قد يقابل الناس بوجه ويبتسم لهم بوجه ثم يتكلم بوجه آخر وبعد ذلك يغالط الناس فيما يتحدث به وقد تدمع عيناه أو يجهش بالبكاء لكى يثبت كلامه وكل ذلك قد يكون كذبًا.
فالكاذب إنسان مريض بالفطرة والكذب هو الجريمة الكبرى التى ليس لها عقوبة دنيوية بين البشر ولم يحدد لها الشرع قصاصًا محددًا لها مثل غيرها من الكبائر ولكن النبى صلى الله عليه وسلم حذرنا منها وفى صحيح مسلم: آية المنافق ثلاث وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان وقد روى مالك حديثا مرسلا عن صفوان بن سليم أنه قال: قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم أيكون المؤمن جبانًا؟ فقال نعم، فقيل له أيكون المؤمن بخيلا؟ فقال نعم، فقيل له أيكون المؤمن كذابا؟ فقال لا وعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ، فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِى إِلَى الْبِرِّ، وإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِى إِلَى الْجَنَّةِ، ومَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ ويَتَحَرَّى الصِّدْقَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صِدِّيقًا، وإِيَّاكُمْ والْكَذِبَ، فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِى إِلَى الْفُجُورِ، وإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِى إِلَى النَّارِ، ولَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ ويَتَحَرَّى الْكَذِبَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ ويقول النبى فى الحديث الصحيح: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قلنا: بلى يا رسول الله! قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وكان متكئًا فجلس فقال: ألا وقول الزور ألا وشهادة الزور، فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت.
فماذا الذى يحدث فى جسد الانسان عندما يكذب؟ فأشارت الأبحاث إلى أنه يحدث تغييرات فيزيولوجية فى ضغط الدم والنبض والتنفس واستجابة الجلد أثناء سؤال شخص ما سلسلةً من الأسئلة وإجابته عليها ويعتمد الجهاز على فكرة أن الإجابات المضللة تسبّب بحدوث استجابات معينة يمكن تمييزها عن تلك المرتبطة بالإجابات غير المضللة لأنّ الكاذب يعيش فى سجن عالى الأسوار والكاذب يتربص عيون الناس أن ترقبه أو تكشفه فما زال يتكلف من الأعمال الزائدة حتى أنه لا يراه أحد وهى التى تحدث التغييرات التى قد تكتشفها الأجهزة.
الكاذب يهرب دائمًا من الصادقين أو الصالحين فانه لا يحب رؤيتهم أو مجالستهم فهم ثقال على قلبه ويهش ويبش لغيرهم فى لحظة ويتفنن أن يثنى على غير الصادقين غدوة ورواحة والكذب فى المستشفيات والهيئات والمؤسسات حدّث عنه ولا حرج وبات الشغل الشاغل للمرؤوسين أن يملأوا أكياس الكذب المملوءة إلى أعناقها إلى المدير المحبوب فما أن يذهب هذا الا وينتظرون الرحمة والنظرة مما يليه ويبدأون معه نفس الأسلوب إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
أما الكاذبون أنفُسهم فلهم النبأ العظيم فى التاريخ وما خلى تاريخٌ من عقباهم لأنهم المسئول الأول عن فساده وثانيًا لأنّ الكاذب غالبًا يقع وينكشف فى آخر أيامه لسبب أنه ما عاد قادرًا على الكذب فى الكبر فهو «فعل» يستلزم قتل الضمير ودفن الحياء كل يوم وفى كل «كذبة» وقد يكون الجسد غير قادر على التحمّل فى آخر العمر والسبب الأخير أن الكاذب يرى الأشياء الحقيقة والحق لا يريد أن يذهب ويندثر ويبقى مكافئًا طول عمره فيزيد ذلك من عذابه ومع مرور الوقت يكون غير قادر على التحمّل.
وأخيرًا حدثنا القرآنُ الكريمُ عن أناس مثلنا يأتون يوم القيامة لا يجدون شيئًا مما يعُظم وجودُه فى الآخرة وهى الأعمال الصالحة كما قال فى سورة الفرقان «وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا» فلا يجدون أيًا من الأعمال التى عملوها فى الدنيا حتى ولو كان منها صالح فقد دثرت السيئات ما بقى لهم من حسنات وصدق الله العظيم فيما قال.
ويقول العارفون بالكذب إنه تعب وهو يزيد النصب لمن أراد اللعب والكاذبون حازوا اللقب لمّا الحياء ذهب، فالبيت خرب فمن شاء نهب ومن شاء صلب وإذا أبصرت الكاذب عن كثب ثوبه رطب ووجهه حطب ولا مكان لأدب وقلّ منه ان غضب أو فى ضميره رغب ولهذا سبب تركنا له النسب.

استشارى القلب–معهد القلب
[email protected]