رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

السفير محمد كامل عمرو وزير الخارجية الأسبق فى حوار لـ«الوفد»:

حرب غزة لن تنتهى إلا برحيل «نتنياهو»

بوابة الوفد الإلكترونية

الإخوان فشلوا فى اختراق مؤسسة الخارجية المصرية

مصر تحملت هموم العرب.. والسياسة العالمية لعبة مصالح

الحرب الروسية الأوكرانية مصنوعه لاستنزاف الجانب الروسي

الجامعة العربية مظلومة.. وانقسام الفصائل الفلسطينية كارثة

 

السفير محمد كامل عمرو وزير الخارجية الأسبق يحظى بتقدير كبير داخل القطاع الدبلوماسى المصرى، ويعد من الرعيل المخضرم فى الدبلوماسية المصرية الذى يتسم عمله بالدقة والإخلاص والالتزام الشديد، كما أنه يتمتع بشخصية قادرة على الاحتواء والتفاوض وعدم التفريط فى استحقاقات أية قضية.

ولد عام 1942 والتحق بوزارة الخارجية المصرية عام 1965 عقب تخرجه فى كلية التجارة بجامعة الإسكندرية. وكانت أول مهمة دبلوماسية له توليه منصب ملحق فى سفارة مصر فى أديس أبابا عام 1968، ثم عاش فترة طويلة كدبلوماسى فى الولايات المتحدة الأمريكية منذ عام 1982 حينما التحق كمستشار ببعثة مصر بنيويورك ثم وزيرًا مفوضًا ونائبًا للسفير المصرى بسفارة مصر بواشنطن عام 1989، ولم يشغل منصب السفير إلا مرة واحدة فى حياته عندما عين سفيرًا فوق العادة فى الرياض عام 1995.

كما أنه لم يتول منصبًا رسميًا فى وزارة الخارجية المصرية على مدار تاريخه وحتى بلوغه سن التقاعد بسبب ظروف عمله كوزير مفوض لشئون أفريقيا، وكنائب مساعد للوزير لشئون المنظمات الأفريقية، والبنك الدولى لفترة طويلة من عام 1997 حتى عام 2009 ممثلا لمصر والشرق الأوسط.

 

يحفل تاريخ محمد كامل عمرو بالعديد من الإنجازات، كما ارتبط اسمه فى الخارج بالحروب الدبلوماسية التى خاضها من أجل مصر والعرب وتواكب ذلك مع حرب أكتوبر 1973 تلك الفترة التى التحق خلالها بالسفارة المصرية بلندن، حيث شارك فى إدارة وتنفيذ المعركة الدبلوماسية المصرية التى أهلت المناخ الدولى للحرب، ومن لندن انتقل إلى الصين ثم إلى أستراليا.

هذا بالإضافة إلى اهتمامه ببعض القضايا الملحة مصريًا والتى منها قضية مياه النيل، والعلاقات مع دول الجوار.

«الوفد» التقت السفير محمد كامل عمرو وزير الخارجية وهذا نص الحوار.

< بداية.. قلت فى تصريح سابق لك «إن هناك ثوابت فى السياسات المصرية أولها الدائرة العربية، فمصر هى قلب العالم العربى وما يحدث فى مصر يؤثر فى عالمها سلبًا أو إيجابًا وإذا تقدمت مصر تقدم العالم العربى وإذا تعثرت تعثر».. فهل هذا من شأنه أن يسهم فى التصدى للتدخلات الإقليمية فى المنطقة؟ وما تقييمك للتعامل المصرى مع ملف السياسة الخارجية؟

<< سأعود تاريخيًا إلى نشأة مؤسسة الخارجية فى مصر، فهى مؤسسة عريقة وقديمة جدًا، حتى من قبل الاستقلال 1922 كانت هناك وزارة للخارجية بدأت منذ أيام محمد على، فالسياسة الخارجية فى مصر راسخة وقديمة، مما خلق أجيالا متمرسة، لأن مهارات الفرد المنتسب إلى الخارجية مهمة جدًا، أما بالنسبة لدوائر السياسة الخارجية، فبعد عام 1952 مباشرة حدث تحديد فى هذه الدوائر فهناك الدائرة العربية ثم الإفريقية ثم الإسلامية، دائرة عدم الانحياز فى هذا الوقت، وبالطبع مع تغير الزمن لمدة 70 سنة، تتغير الظروف لكن ما زالت هذه الدوائر الأساسية موجودة، فعندما نتحدث عن الدائرة العربية بدون شك، فهى دائرة لها أهمية كبرى بالنسبة لمصر، فمصر قلب الأمة العربية، وهذا كلام واقعى يؤيده التاريخ والجغرافيا، وتؤيده الطبيعة السكانية، فموقع مصر من المواقع المهمة جدًا، كمدخل لإفريقيا، فى وسط العالم العربى شرقه وغربه، وهو موقع جغرافى مهم منحه الله لمصر، ولن تفقده أبدًا، وحينما نتحدث عن التاريخ المصرى الحديث كان الشأن العربى فى مقدمة اهتماماتها، وعندما نتحدث عن البعد السكانى، فالكتلة السكانية لمصر فى الحقيقة تعطيها وزنًا فى المنطقة العربية، وإذا تحدثنا عن الثقافة والتاريخ والحضارة، فمصر كانت متقدمة جدًا عن غيرها فى التعليم والتنمية، وكل هذا يعطيها وضعًا متميزًا فى حد ذاتها تجاه العالم الخارجى، لأن التجارب أثبتت أن ما يحدث فى مصر بالضرورة يؤثر على ما يحدث فى المنطقة حولها، ومن هنا تأتى أهمية موقع مصر، وأتصور أن واضع أو منفذ السياسة الخارجية المصرية يضع كل ذلك فى اعتباره.

 

< توليت وزارة الخارجية فى توقيت صعب بعد ثورة يناير فما تقييمك للدبلوماسية المصرية، وهل نجح الإخوان زمن حكمهم فى اختراق هذه المؤسسة أم كانت عصية عليهم؟

<< هذا سؤال مهم جدًا، فمصر كانت فى حالة سيولة كبيرة، فى الفترة من 25 يناير 2011 وما تلاها، شهدنا ذلك فى الشارع والبيوت حتى أننا رأينا حوارات ونقاشات بين أطراف العائلة الواحدة، صامدة وقوية أيًا كانت هذه الدولة، مثل الجيش، فالجيش مؤسسة وطنية لا تتبع توجهًا معينًا، وليس هناك أى نواحٍ قبلية به، وبالتالى رأينا مصر المتكاملة المترابطة تستطيع أن تمر من هذه الأزمة ومن المؤسسات الأخرى المهمة جدًا أيضًا مؤسسة السياسة الخارجية، وهذه كلها ثوابت يجب الحفاظ عليها فى فترات السيولة والتغيير المفاجئ خاصة، وعندما توليت وزارة الخارجية كانت الظروف صعبة جدًا، ولم يكن هناك ترحيب فورى بتولى وزارة مهمة، لأن كل شخص يكون فى ذهنه ما يدور على الساحة إلى جانب البعد الأسرى المتعلق برأى الأسرة والعائلة لكن فى نهاية الأمر كان هناك شعور بالمسئولية، فمنصب الوزير فى هذه الفترة لم يكن ميزة بقدر ما كان شعورًا بأن هذا المنصب هو خدمة عامة تجاه الوطن، حيث كانت البلاد فى ذلك الوقت فى حاجة ماسة إلى وحدة المصريين من أجل حماية الوطن، فمؤسسة الخارجية من المؤسسات التى تحتاج إلى أن تكون متكاملة وصامدة ومتماسكة، وكان هذا هو الحافز لقبولى الوزارة وتحمل عبء هذه الفترة العصيبة، وأستطيع القول إنه لعوامل كثيرة أهمها توفيق الله إلى جانب طبيعة المؤسسة نفسها استطاعت هذه المؤسسة أن تصمد تمامًا خلال العامين التى توليت فيها الخارجية، فالاختراق له طبيعتان، اختراق كمؤسسة أو اختراق من ناحية السياسات، أما بالنسبة لاختراق المؤسسة من ناحية القوى البشرية لم يدخل بها أى شخص من خارجها، فالجهاز الدبلوماسى له معايير للقبول والالتحاق به، ولم يدخل أى شخص ذى توجهات فكرية بهدف تطبيق هذه السياسات، حتى عندما كانت هناك محاولات فى فترة من الفترات لم يحدث أى شىء، أما بالنسبة لاختراق السياسات فلم يحدث أى تغيير فى السياسة الخارجية المصرية بالمرة عن ثوابتها المعروفة بسبب أى دوافع أيديولوجية، لكن كانت هناك محاولات جانبية من أجل التدخل فى السياسة الخارجية من خلال إدخال بعض الأمور لها بعد عقائدى، لكننى لم أسمح بذلك، فجيلى كله متشبعا بمبادئ وقيم معينة للسياسة الخارجية المصرية ولسنا على استعداد لتغيير هذه القيم والمبادئ.

 

< كوزير مفوض لشئون إفريقيا وكنائب مساعد للوزير لشئون المنظمات الإفريقية كيف قرأت ملف استعادة العلاقات المصرية الإفريقية بعد ثورة 30 يونيه؟

<< البعد الإفريقى فى أول اهتماماتى، وهو مهم جدًا، وإفريقيا لها أهمية كبرى عندى، وفى فترة التحرر الإفريقى فى أواخر الخمسينيات والستينيات كانت مصر فى المقدمة تمامًا، فلم تكن هناك حركة تحرير فى إفريقيا ليس لها مكتب للعلاقات الإفريقية بالزمالك بالقاهرة، وقد قام السيد محمد فايق وزير الإعلام الأسبق ورائد حركات التحرر فى إفريقيا بجهدٍ كبيرٍ فى هذا الشأن، فدور مصر فى إفريقيا مهم جدًا، وهذا كان واضحًا أثناء فترة عملى بالأمم المتحدة (82-1987) فكان لها وضع كبير بالأمم المتحدة من خلال المجموعة الإفريقية، هذا الدور ظل لفترة كبيرة جدًا، إلا أنه حدث فى السنوات الأخيرة من حكم الرئيس الأسبق مبارك خفوت فى هذا الدور إلى حدٍ ما، وهذا انعكس إلى حدٍ ما عند الحديث عن النيل وسد النهضة، لكننا رأينا مع القيادة الحالية أن هناك إدراكًا لهذا البعد، والحضور أصبح على المستوى الرئاسى وهذا مهم جدا، لأن هذه فرصة للقاء الرؤساء بعضهم ببعض، الزيارات إلى الدول الإفريقية زادت مؤخرًا، وكذلك الزيارات الإفريقية إلى مصر زادت، وهذه كلها أمور طيبة جدًا وتصب فى النهاية فى الصالح المصرى، لأننا فى المحافل الدولية نحتاج إلى التآلفات، فلا أحد يستطيع العمل منفصلًا.

< عملت فى البنك الدولى ممثلا لـ13 دولة عربية لمدة 11 سنة وهناك انطباع لدى الناس بأن هناك مؤامرة لتوريط دول العالم الثالث فى القروض لصالح الغرب وأمريكا؟

<< فى الحقيقة هذا سؤال مهم جدًا، فلابد من توضيح الفرق بين البنك الدولى وصندوق النقد الدولى، وهما مؤسستان أنشئتا بعد الحرب العالمية الثانية لكن وظيفتيهما مختلفة تمامًا، فصندوق النقد الدولى مثل (رجل المطافئ) يدخل لإطفاء الحرائق السريعة، ومن الممكن أن يحدث خسائر حولها، ثم يدخل بعدها البنك الدولى لإعادة التصميم والأمور إلى طبيعتها، فعندما نتحدث عن القروض يحدث الخلط فى أذهان الناس بين البنك الدولى وصندوق النقد الدولى، فالاثنان فلسفتهما إلى حدٍ ما مختلفة، فالصندوق يتدخل حين توجد مشكلة حادة فى ميزان المدفوعات أو أسعار الصرف أو التكوين الاقتصادى، حتى قروضه تكون مددها محدودة جدًا من (6–8 سنوات) فما يحدث أن الفكرة عن صندوق النقد أن لديه وصفة شبه محددة يطلب تنفيذها من كل الدول التى لديها مشاكل، بصرف النظر عن ظروف هذه الدولة، فعندما كانت كوريا الجنوبية بقوتها الاقتصادية، والقوة التصديرية لها فى أزمة قدم لها وصفة خاصة بها، ثم يعطى نفس الوصفة إلى دولة أقل مثل كينيا، لكن الدولة المصدرة غير الدولة المستورة، فالصندوق يتبنى إلى حدٍ كبيرٍ جدًا أفكار الاقتصاد الحر، وهو ليس خطأ، فقد نجح فى أماكن كثيرة لكن يحتاج إلى ظروف معينة، أحيانًا تكون هناك حاجة للتحكم فى أبعاد معينة تتحكم فى سعر الصرف وفى زيادة الأسعار، لكن دور الصندوق مهم جدًا، لأنه يعطى شهادة طبية أن هذه الدولة تعافت، فقروضه بسيطة تتراوح من (2-4) مليارات دولار، وهذه مبالغ لا تعد ذات جدوى فى ظل الظروف الراهنة، لكنه يجذب قروضًا أخرى واستثمارات أخرى، أما البنك الدولى فهو يمول مشاريع بفوائد منخفضة جدًا، بالنسبة لما هو فى السوق، وعلى مدد سداد طويلة جدًا، من (20-30) سنة حسب دخل الدولة وثالثًا أنه على هامش هذه المشاريع يعطى معونات ومساعدات فنية كبيرة جدًا، ويراقب تنفيذ المشروعات باستمرار، بحيث إنه يضمن أنه لا فاقد فى القروض وبحيث يضمن أن هذه القروض تنفق على الوجه المحدد لها، فالتعامل مع هذه المؤسسات ليس خطأ فى حد ذاته، لكن عند التعامل يجب العلم بما تحتاجه الدولة، فمصر تختلف عن دول كثيرة، فلديها كوادرها القوية التى تعاملت مع هذه المؤسسات لفترة طويلة منذ أيام السد العالى، فلدينا خبرة كبيرة جدًا وأفراد يعرفون جيدًا، وهذا هو الضمانة التى تجعلنا عند عقد اتفاقيات مع هذه المؤسسات ندرك ما نحتاجه وما نستفيده لكن بالنسبة للطرح الذى يعتقد بوجود مؤامرة، فمن يعمل فى السياسة الخارجية لمدة كبيرة يدرك أن المؤامرات موجودة فى كل شىء، فالسياسة عبارة عن لعبة مصالح.

< انطلاق مؤتمر الاستثمار المصرى الأوروبى هل يعد عصرًا جديدًا للشراكة المصرية الأوروبية وما أهمية عقد المؤتمر فى مصر؟

<< عقد هذا المؤتمر فى هذه المرحلة الراهنة مهم جدًا، فمصر تمر بفترة ليست سهلة اقتصاديًا، لعوامل كثيرة ومنها التغير الذى حدث فى سعر العملة، والظروف الدولية التى تواكبت جميعها فجأة لتسبب ضغوطًا على دول مثل مصر، فعقد مثل هذا المؤتمر له عدة آثار إيجابية أولا: كون هذه الدول تعقد هذا المؤتمر فى مصر، فهذا يعنى أنه ما زالت هناك رغبة فى الاستثمار فى مصر، وهى رغبة ليست مبنية على خيال، بل تقوم على دراسات ونظرات مستقبلية، إذن هذه الدول مدركة أن مصر ما زالت مناخًا صالحًا للاستثمار، ومن مصلحة هذه الدولة أن تدخل فى هذه الاستثمارات، ثانيًا بالنسبة لمصر فهذا مهم جدًا، فهذا يعطى انطباعًا لدى العالم أن مصر دولة واعدة ومستقرة ومهما مرت بها بعض الظروف، فهى ظروف طارئة، وأننا نحتاج لأية استثمارات، فهذا شىء طبيعى جدًا، ولذلك أعتقد أن هذا المؤتمر من كل النواحى له أبعاد إيجابية جدًا.

< كيف ترى الأوضاع الراهنة فى غزة؟ وما تقييمك لدور مصر فى حل الأزمة؟

<< مصر تواجه مشاكل كثيرة فى هذه المنطقة، وهذا قدرها، فهى تتحمل مشاكل الدول وحدها، فقد خاضت حروبًا كثيرة نيابة عن العالم العربى، وقد نتفق أو نختلف فيما حدث فى 7 أكتوبر (طوفان الأقصى) إلا أن ما يحدث فى غزة الآن هو أن هناك أرضًا محتلة وهناك محتل وجهات تقاوم الاحتلال، فالحقيقة الثابتة والتى يحاول البعض فى الغرب تجاهلها أن هذه دولة محتلة وشعب محتل ويعانى من سنة 67 معاناة لم يعانها أحد، وحدث ما حدث، وكانت ردة الفعل الإسرائيلى الذى أعتبره رد فعل لم يحدث من دولة ما منذ الحرب العالمية الثانية، فليس هناك جيش يحارب جيشًا، ولكن هناك جيش نظامى يحارب مدنيين أبرياء، وهناك دولة لديها ترسانة من أحدث الأسلحة الموجودة فى العالم، بما فيها الأسلحة النووية، فهى تحارب قطعة أرض احتلتها وحولتها إلى سجن كبير، حتى وصلنا إلى هذا الوضع الذى لم يحدث فى التاريخ الحديث فى العالم كله أن هناك دولة تقتل مدنيين بدعوى أنها تحارب جماعة مقاومة وأنهم يختبئون وسط المدنيين، وهذا ليس مبررًا حتى وصل هذا العدوان من التوغل وغطرسة القوة، أنه بدأت تحدث انعكاسات فى الدول المؤيدة للحرب على غزة، وبالذات فى جيل الشباب، وهذا انعكس فى مظاهرات الجامعات الأمريكية ودول أخرى، أما موقف مصر فهو موقف وطنى مشرف، وهناك مصلحة شخصية لمن هو على قمة هذا التآلف الإسرائيلى لاستمرار الحرب على غزة، فهو يرى أنه إذا توقفت الحرب ففى ذلك تهديد على مستقبله السياسى والشخصى.

< ما رؤيتك للانتخابات الأمريكية القادمة فى شهر نوفمبر وتأثيرها على المنطقة وغزة بالتحديد؟

<< الوضع الداخلى فى أمريكا هو الحاسم بالنسبة لصانعى القرار، فدائمًا أعينهم تكون فى أى موقف يتخذونه مرتبط بتأثيره على الدوائر الانتخابية التى لديهم، وهو أمر يتضاعف مع اقتراب إجراء الانتخابات الرئاسية فى شهر نوفمبر القادم، ومع الاستقطاب الكبير فى السياسة الداخلية الأمريكية ما بين حزبى الديمقراطيين والجمهوريين، فطوال الوقت هناك خلافات كبيرة جدًا، بل استقطاب بهذا الشكل، ولم يكن هذا الاستقطاب موجودًا بهذه الشدة، فعندما يقول الرئيس الأمريكى جو بايدن على سبيل المثال إنه ضد ما يحدث فى غزة وإنه سيوقف إرسال بعض الأسلحة إلى إسرائيل لكن فجأة يرسل بقيمة مليار دولار من أسلحة لإسرائيل، وعندما نرى مزايدة من الطرف الثانى فى تصريحاتهم، فهذه كلها اعتبارات سياسية داخلية فى أمريكا تمثل مواقفهم من القضايا الخارجية، أيضًا اللوبى الإسرائيلى القوى داخل أمريكا يضاعف من هذه الاعتبارات الداخلية على صانعى القرار الأمريكى، من حيث حملات التمويل للدعاية الانتخابية، ففى الغالب من لديه إمدادات مالية أكثر هو من ينجح فى الانتخابات سواء على مستوى الولايات أو على المستوى الرئاسى، وهذا يجعل هناك دافعًا لدى المرشح أيًا كان ليرضى من لديه القدرة المادية الأكثر، وهنا تبقى الإشكالية فهناك تأثير إسرائيلى داخل المجتمع السياسى الأمريكى، ومن هنا نرى أن الانتخابات القادمة بين «بايدن» و«ترامب» تتأرجح بين الحديث عن وقف القتال فى غزة وبين إمداداته لإسرائيل بالنسبة لبايدن، أما ترامب فهو مؤيد بشكل صريح لإسرائيل، فكلا المرشحين اختياره مر، أما البعد الجديد فى هذه الانتخابات أن الكتلة العربية تشعر بأن لها قدرة سياسية وهم أبناء الجيل الثانى المولودين فى أمريكا، لأنه يستطيع أن يستغل النظام الأمريكى لصالحه، لأنه يعتبر مواطنًا أمريكيا، وفى النهاية فقد بدأ يكون هناك كتلة تصويتية عربية فى أماكن معينة يعمل لها حساب إلى حد كبير، وهو التطور الجديد فى المشهد الانتخابى الأمريكى، ولكن ما ينبغى قوله إننا يجب ألا نضع آمالنا على من سيأتى ومن لا يأتى لكن ما يهمنا هو مدى قدرتنا وما نستطيع فعله دون الاستناد على الآخر، فالكل يبحث عن مصلحته ويجب أن نفهم أن هذه هى طبيعة العلاقات الدولية.

< هناك أطراف تجمع على أن 99% من أوراق حل القضية الفلسطينية فى يد أمريكا؟ والبعض يرى أن هناك مراوحة بين التأييد والتحفظ فما رأيك؟

<< بالتأكيد أمريكا أكبر مؤيد وممول لإسرائيل بدون شك وهذا رأيناه أيضًا فى حرب أكتوبر 1973 وخلق جسر جوى أمريكى لإمداد إسرائيل بالأسلحة الحديثة، إلا أن الأمور متشابكة بسبب النفوذ اليهودى فى أمريكا.

< ما تقييمك لدور جامعة الدول العربية فى حل القضية الفلسطينية وما طبيعة الدعم الذى تحتاجه فلسطين فى الوقت الراهن من الدول العربية؟

<< الجامعة العربية مظلومة، وهى من أقدم المنظمات الإقليمية على الساحة، فقد أنشئت فى أعقاب الحرب العالمية الثانية، فالمنظمات الدولية ثلاثة أجيال: الجيل الأول الذى تنتمى إليه الجامعة العربية عبارة عن مجموعة من الدول التى تنضم لمنظمة، لكنها ترفض أى تنازل ولو ضئيلا من سيادتها لصالح هذه القضية، وما زالت فى تنظيمها متوقفة عند هذه الحقبة ولم تتطور، بما يعنى أن الجامعة كمؤسسة لا يمكنها أن تتحرك إلا عندما تتفق الواحد وعشرون دولة عربية الأعضاء، وهذا عادة لا يحدث، وفى النهاية لا يعد عيبًا فى الجامعة، لأن نظام الجامعة العربية انعكاس لإرادة أعضائها، إذا أرادت أن تتحرك فى اتجاه معين واضح من القضية الفلسطينية بأنها قضية العرب الأولى.

< انقسام الفصائل الفلسطينية بالتأكيد له تأثير على عملية السلام.. كيف تقيم ذلك ودور مصر فى ملف المصالحة؟

<< بدون شك انقسام هذه الفصائل لا يصب فى صالح القضية الفلسطينية، ودور مصر فى التقريب بين هذه الفصائل، فأى مفاوضات تتم بين الطرفين، مصر تكون هى الوسيط فيها، فالانقسام كارثة وفى غير صالح القضية الفلسطينية، ثانيًا الدور المصرى معروف ومشهود، فهى القوى الوحيدة المقبولة لدى كل الأطراف وليس لها هدف سوى توحيد الصف الفلسطينى، وهذا يعد من ضمن الأعباء الملقاة على مصر بوصفها قلب العالم العربى أو القوى الفاعلة فى العالم العربى.

< أخيرًا.. ما توقعاتك لمسار الحرب الإسرائيلية على غزة؟

<< أعتقد أنه ما دام نتنياهو موجودا على رأس الائتلاف الحكومى وهو الأكثر تشددًا فى تاريخ إسرائيل منذ عام 1948 لن تنتهى الحرب فى فترة قريبة بسبب أن هذا الائتلاف يؤكد للمجتمع الإسرائيلى دومًا أنه سينتصر فى الحرب، كما أن بقاء نتنياهو السياسى أو الشخصى مرتبط باستمرار هذه الحرب، لأنه إذا انتهت هذه الحرب فإن نتنياهو سينتهى تاريخه ومستقبله ومسيرته السياسية، وسوف يحاسب على تقصيره، بالإضافة إلى أن هناك قضايا كثيرة مرفوعة ضده، مما يجعل هناك صعوبة فى توقف الحرب فى الوقت الراهن وهذا مكمن الخطورة.