رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

تأملات

فى سبعينيات القرن الماضى وفى عام 76 تحديدا وعلى وقع التدخل الخارجى والعربى بشكل أخص فى لبنان راح الرئيس المصرى الراحل أنور السادات يطلق مقولته الشهيرة التى اصبحت شعارا بعد ذلك وهى «ارفعوا أيديكم عن لبنان». كان السادات يقصد النظام السورى والذى كان على خلاف مع رئيسه آنذاك حافظ الأسد وكانت دعوته بمثابة نداء عام لكى يخرج ذلك البلد من دائرة الاستقطابات والنزاعات التى تلحق به أشد الضرر. على المنوال ذاته وعلى خلفية أنه ما أشبه اليوم بالبارحة، فإن قضية فلسطين ربما تكون أحوج ما تكون إلى مثل هذا الشعار وسادات آخر ليدعو إلى أن يرفع العرب أيديهم عن فلسطين.

صحيح أن الوضع مختلف وطبيعة الأزمة اللبنانية تختلف كثيرا عن نظيرتها الفلسطينية، ولكن الجوهر واحد. إن فلسطين ومنذ نشأة أزمتها فى نهاية أربعينيات القرن الماضى فى حاجة إلى وقوف العرب معها، وهو أمر لا يمكن نكران حدوثه وبأشكال وطرق شتى، غيرأنه مع تبدل الأحوال والاوضاع وتحول القضية إلى رمز قومى عربى اختلطت الكثير من الأوراق بشأن طريقة التعامل معها، فلا العرب عادوا قادرين على الوقوف بجانبها بالشكل الواجب، ولا هم قادرون على نسيانها، فأصبحت كقميص عثمان.. الكثير يرفعه ولأجل رؤيته لمصلحته الخاصة، على نحو يشير اليه البعض بنوع من التجاوز باعتباره اتجارا بالقضية الفلسطينية.

ربما كانت أحداث طوفان الأقصى كاشفة عن ضعف المساندة العربية للقضية الفلسطينية رغم أن الأمر ليس وليد يوم وليلة، ولكن المشكلة أن أضعف المواقف فى التعاطى مع تطورات تلك العملية وما تبعها من حرب اسرائيلية شرسة على غزة ترتقى إلى حد كونها نكبة ثانية، كانت المواقف العربية. كان ذلك على كل المستويات. إلى هنا والأمر قد يبدو مستساغا أو مقبولا باعتبار أن الضعيف لا ينتظر منه الكثير. غير أن المشكلة أن بعضنا لم يحاول التعامل مع المنكر الإسرائيلى بمنطوق الحديث النبوى بالسعى لتغييره سواء باليد أو باللسان أو حتى بالقلب حيث تحول هذا البعض إلى عبء على القضية وربما كانت تدخلاته سببا فى سوء الموقف الفلسطينى أو فى إضعافه سواء كان الأمر يخص اولئك القابعين تحت نار القصف فى غزة أو أولئك الذين يمسكون بالشق السياسى منها.

المشكلة أن موقف بعض هؤلاء فى النهاية ربما كان يصب فى صالح موقف العدو الإسرائيلى وتحسين وضعه بل وتحسين سمعته. طبعا بعض المواقف ربما تنطلق من حسن نية وإن كان من عدم الكياسة محاولة الإشارة إلى أنها كلها تعكس هذا الحسن!

الأمثلة كثيرة ومن الصعب حصرها ولكن قد يبدو مثلا من المشاهد الغريبة تلك التى تحاول فيها إسرائيل جر دول عربية للقيام بدور الشرطى نيابة عنها فى غزة فى ترتيبات ما بعد الحرب، وهو ما يؤكده الحديث عن مساعٍ أمريكية لإنشاء قوة قوامها الدول العربية لتعمل جنبا إلى جنب مع ضباط فلسطينيين محليين لإدارة الأوضاع فى غزة، وهو ما يمثل رفعا للحرج والانتقادات الدولية لإسرائيل بفرض هيمنتها على القطاع وفى الوقت نفسه تخفيف عبء التكلفة الباهظة التى قد تتحملها الدولة العبرية جراء بقائها فى غزة وهو ما يضمن أيضا أن تسير الأمور وفق تصور تل أبيب لمستقبل غزة، دعك بالطبع من اطروحات من أن ذلك يمهد لقيام دولة فلسطينية فى ظل التعنت الإسرائيلى.

ربما يكشف ذلك عن تداعيات سلبية لبعض المواقف العربية وأنها تشكل عبئا على القضية الفلسطينية بدلا من أن تكون مدخلا لحلها ما يجعلنا نعيد التأكيد على مقولة «ارفعوا أيديكم عن فلسطين»!

[email protected]