رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية وطن

على طريقة الحاجة أم الاختراع، استخدمنا المشعال فى فترة الستينيات وما قبلها فى القرية لإضاءة الطريق تجنباً للسرقة من قطاع الطرق، والتنقل بين مناطق القرية واشتهر المشعال على نطاق واسع فى الأفراح لتوصيل العرائس إلى عش الزوجية، حيث كان يشعله الشباب عن طريق مجموعتين، إحداها أمام موكب العرس والأخرى خلفها، والمشعال عبارة عن عصاة خشبية طويلة ملفوف فى أعلاها كورة من الفتيل غارقة فى الجاز، ويتم إشعالها لتضىء الطريق قبل أن تعرف هذه المناطق الكهرباء! وبعدها توصل القرويون إلى الفوانيس والكلوبات، وكان الفقراء يضيئون منازلهم بلمبة الجاز.

تخفيف أحمال الكهرباء هذه الأيام جعلنى أبحث عن وسائل الإضاءة قديماً، واكتشفت أن المشعال الذى كنا نستخدمه منذ 70 عاماً أوأكثر مهنة انتشرت فى مصر بالقرن التاسع عشر، مع انتشار أعمدة الإنارة التى تعتمد على النار لإشعالها وكان صاحبها عضوا ببلدية القاهرة ويمارس مهام عمله يومياً لإنارة الشوارع الرئيسية فقط فيما كان الأهالى يقومون بإنارة الشوارع الداخلية والحوارى، وعاش المشعلجى لسنوات طويلة كشخصية مؤثرة بحياة المواطنين حتى اختفى كغيره من المهن بظهور التكنولوجيا الحديثة.

بدأت فكرة إنارة الطرق بالأعمدة مع الفتح الفاطمى لمصر وانتشار الفوانيس التى استخدمها الأهالى بالمنازل ومنها استعملت للشوارع لتصبح وسيلة الإنارة الرئيسية وكان المشعلجى يخرج يومياً قبل غروب الشمس حاملاً عمود حديد تعلوه أسطوانة مستديرة بداخلها قطعة كتان وزيت مشتعلة وعلى ظهره سلم خشبى فيجوب شوارع محددة ويصعد لأعمدة الإنارة وإشعالها ثم يعود صباحاً لإطفائها.

يعود تاريخ الإنارة بالمشاعل فى الأصل للفراعنة وربما قبل ذلك بكثير فقد عرفت مصر مصباح الزيت منحوتاً فى الحجر قبل الفراعنة بنحو 6 آلاف عام وكان يستخدم لإنارته زيت الزيتون أو الخروع أو دهن وشحم الحيوانات أوقطعة قماش كتان وهو ما يساعد قدماء المصريين على بناء حضارتهم ومواصلة عملهم ليلاً ونهاراً.

وقد وصف «هيرودتس» المؤرخ الاغريقى الذى عاش فى الفترة بين 420 و480 قبل الميلاد ليلة مثيرة بمصر القديمة لأحد الاحتفالات الفرعونية بقوله: «الآن كل المصابيح مضاءة، مليئة زيتاً مملحاً فيما يطفو الفتيل فوق الزيت، مشتعلاً كل الليل».

وهناك أيضاً منارة الإسكندرية وإحدى عجائب الدنيا القديمة التى شيدها «بطلميوس فيلادليفوس» عام 280، قبل الميلاد بارتفاع 180 متراً ليرى البحار نورها على بعد 50 كيلو متراً فى البحر. كما صنعت مصر المشكاة وهى المصابيح المستخدمة لإضاءة المساجد بعصر المماليك، وهى أرقى أشكال الإمارة.

المصريون اشتهروا منذ القدم بأنهم لا يقفون مكتوفى الأيدى أمام العقبات فدائماً يقولون «اتجمز بالجميز حتى يأتيك التين، وكل عقدة لها حل عندهم.. شعب صعب فك شفرته.