رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

خبير مصرفي: تمصير النموذج الياباني ضرورة لدفع الصناعات الصغيرة والمتوسطة في مصر

بوابة الوفد الإلكترونية

أكد الدكتور أيمن غنيم أستاذ الاقتصاد بالجامعة الأمريكية والخبير المصرفي، تولى القيادة السياسية المصرية أهمية قصوى لتصنيع مصر، إيماناً منها أن الخروج بالشعب المصري مما أسمته حقاً  "بدائرة العوز" لن يكون إلا بتنمية الدخل القومي بناءً على إنتاج حقيقي يسد احتياجات السوق المحلي المتزايدة وينطلق نحو آفاق التصدير، سواء في الدائرة الإفريقية، التي استعادت مصر مكانتها الريادية فيها، أو في الدائرة الآسيوية، من خلال الاختراق الدبلوماسي الذي أنجزته مصر الجمهورية الجديدة، بانضمامها لتجمع البريكس، أو الدائرة الأوسع - أوروبياً وأمريكياً.

وأضاف أنه منذ أن انتخب الرئيس عبد الفتاح السيسي في ٢٠١٤ وهو يقود الجمهورية الجديدة في عمل دائب، يصل الليل بالنهار، على مسارات متعددة ومتوازية لتحقيق ذلك الهدف الجلل. فكان الأساس الذي بدأت به مصر، هو ذلك المشروع القومي الطموح لتحديث البنية التحتية، من طرق وكباري وأنفاق وطاقة، فرأينا خلال التسعة أعوام الماضية عملية بنائية لم تشهدها مصر منذ عهد محمد علي، بإجمالي استثمارات تربو على ٨ تريليون جنيه مصري.

وقال: "لقد أضافت مصر ٧ آلاف كم إلى شبكة الطرق الوطنية، ارتفعت بها إلى ٣١ ألف كم وقامت برفع كفاءة وتهيئة ١٠ آلاف كم من الطرق الموجودة فعلاً، وإنشاء أكثر من ألف كوبري ونفق جديد، ذلك غير المحاور العرضية على النيل. وفي مجال الطاقة، فقد توسعت القدرة الإنتاجية المصرية للكهرباء من ٣١ جيجاوات ساعة في ٢٠١٣ إلى ٥٩ جيجاوات ساعة في ٢٠١٩، وهو ما يساوي ٢,٨ حجم محطة إنتاج الكهرباء بالسد العالي (بعد توسعاتها المتتالية من سنة ١٩٧٠). ووضعت القيادة نصب عينيها أن يكون هذا البناء في خدمة الصناعة، فشرعت منذ اليوم الأول لتوليها أمانة المسئولية في إنشاء ١٧ مجمعاً صناعياً في ١٥ محافظة على امتداد الجمهوية، فضلاً عن تشييد ٤ مدن صناعية متخصصة".

وتابع: "بالتوازي مع هذه الحركة البنائية والتى ما زال هديرها دائراً حتى الآن، فقد قدمت الجمهورية الجديدة ترسانة من القوانين الاقتصادية التي تمكن الحكومة من توفير الحوافز المشجعة للاستثمار الإنتاجي، لعل أبرزها القانون رقم (١٥٢) لسنة ٢٠٢٠ والخاص بتنمية وتشجيع المشروعات المتوسطة والصغيرة والمتناهية الصغر والذي أوجد تعريفاً اقتصادياً موحداً لتلك المشروعات، سواء كانت متناهية الصغر - بحجم أعمال سنوي أقل من مليون جم، أو صغيرة - من مليون وحتى أقل من ٥٠ مليون جم، أو متوسطة - من ٥٠ مليون وحتى أقل من ٢٠٠ مليون جم. ولا ننسى القانون رقم (٧٢) لسنة ٢٠١٧ والخاص بتشجيع الاستثمار، والحوافز المالية والإجرائية التي قدمها، ولعل أبرزها الإعفاءات الضريبية التي تصل إلى ٣٠٪؜ للمنطقة (ب) - المشروعات كثيفة العمالة والصغيرة والمتوسطة والمادة رقم (٤٨) والتي تعطي لمجلس الوزراء حق منح "الرخصة الذهبية" للمشروعات الهامة والمستعجلة التي تخدم خطة الدولة لتحقيق التنمية وزيادة التشغيل".

وقال إن قطاع المشروعات المتوسطة والصغيرة والمتناهية الصغر يمثل الآن أكثر من ٩٣٪؜ من عدد الشركات العاملة في مصر ويوظِّف ٧٧٪؜ من حجم العمالة. ويمتاز هذا القطاع بأن مشروعاته لا تحتاج لفترة طويلة لتصل لنقطة تعادل الإيرادات والنفقات، وباعتمادها أساساً على مكونات محلية وارتباطها (ولا سيما في الأقاليم) بالبيئة والخامات المحلية. كما يمثل ذلك 
لقطاع مشروعات مغذية لكثير من الصناعات الكبرى والثقيلة مثل صناعة السيارات والحديد والصلب والأسمنت والكابلات. لقد قدَّم جهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة والمتناهية الصغر قروضاً تربو على ٤٠ مليار جم، كما زادت محفظة البنوك من التسهيلات الائتمانية المقدمة لذلك القطاع عن ٤٠٠ مليار جم، بعد أن أوجب البنك المركزي المصري على المصارف أن توجه ما لا يقل عن ٢٥٪؜ من تسهيلاتها (بدون ضمانات نقدية) للمشروعات المتوسطة والصغيرة والمتناهية الصغر.

وأضاف أن اهتمام الدولة وتوفر التمويلات، فضلاً عن أهمية القطاع، يوجب علينا جميعاً البحث عن أهم التحديات التي تواجه القطاع والاستفادة من التجارب العالمية للتغلب عليها. ولا شك أن أهم التحديات الآن هو التسويق، فإن المنتج الصغير عادة ما يكون ملماً بالتفاصيل التقنية لعملية الإنتاج وقادراً (في ظل تشجيع الدولة) على الحصول على التمويل. ولعل النموذج الياباني، فيما بعد الحرب العالمية الثانية، يعتبر من أنجح النماذج في مضمار التسويق. فقد عملت اليابان على ربط السفارات ومكاتب التمثيل التجاري بوزارة التجارة والصناعة والمشروعات الصغيرة. فعلى سبيل المثال: تقوم القنصلية اليابانية في سان فرانسيسكو بدراسة احتياجات السوق الموسمية، وتحدد احتياج المتاجر الكبرى لعدد ١٠٠ ألف لعبة أطفال (بمواصفات معينة) قبل موسم الكريسماس، ثم تبرق إلى وزارة التجارة والصناعة، والتي بدورها تطرح مناقصة للورش والمصانع الصغيرة لتوريد تلك المنتجات للوزارة كمشتري، ثم تقوم الوزارة ببيعها إلى المتاجر الأمريكية. إن هذا النموذج يحقق الآتي: ١) توجيه التصدير بالعملة الصعبة من خلال الحكومة مباشرة، ٢) بيع المنتج الصغير للحكومة بالعملة المحلية، ٣) منع استغلال المستوردين للمنتج الصغير بالشراء بأقل من أسعار السوق، ٤) إشراف ومتابعة وزارة الصناعة لكافة مراحل العملية الإنتاجية، لضمان جودة المنتج والحفاظ على سمعة الصادرات الوطنية، ٥) وأخيراً وليس آخراً، النمو المستمر للمشروعات الصغيرة التي تشارك في تلك المنظومة. إن مصر بما لديها من سفارات وقنصليات ومكاتب للتمثيل التجاري، لقادرة على تمصير ذلك النموذج، ولا ننسى الدور المتميز الذي لعبته "شركة النصر للتصدير والاستيراد" حتى أوائل السبعينيات في دول أفريقيا حديثة الاستقلال. ونحن نطمح في ظل استعادة مصر السيسي لدورها القيادي في أفريقيا وآسيا أن تعود الصادرات المصرية على أرفف المتاجر بتلك الدول، سفيراً لمصر ورمزاً لقوتها الناعمة.