رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

كلمات:

بعد ساعات سيقف ملايين الحجاج على جبل عرفات لأداء ركن الحج الأعظم.. ومنذ أن فرض الله الحج، وكل مسلم يدعو الله سرا وعلانية أن ينعم عليه بحج بيته، والبعض يبكى كلما رأى صورة الكعبة؛ شوقا إليها، ويتمنى لو رأها رأى العين، وقبَّلها ولو قُبلة واحدة أو لمسها لمسة بأطراف أصابعه..

والبعض يكاد قلبة يقفز من بين ضلوعه؛ حنينا، كلما سمع : «لبيك اللهم لبيك»، وكلما رأى الحجيج بملابسهم البيضاء يطوفون بالكعبة المشرفة، أو يقفون على باب النبى صلى الله عليه وسلم.

ولكن هل هناك شيء أفضل من الحج؟.. أفضل من الطواف بالبيت العتيق، والوقوف بعرفة والسعى بين الصفا والمروة وزيارة النبى صلى الله عليه وسلم؟.. الإجابة: نعم.. هناك أفضل من ذلك كله.

بل أقول إن هناك ما هو أفضل من الحج والزكاة وصوم رمضان..

نعم هناك أفضل من كل هذه الأعمال العظيمة المقدسة

أتدرى ما هو؟.. إنها التقوى.. أدعوك لأن تتوقف معى أمام الآية الكريمة التى جاء بها ذكر فريضة الحج.. الآية تقول «الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِى الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِى الْأَلْبَابِ»..

لاحظ قولة تعالى: (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى)، أليست تعنى بصريح العبارة أن التقوى هى خير زاد المسلم، وما دامت هى خير الزاد ألا يعنى ذلك أنها أفضل الأعمال على الإطلاق..

وتوقف معى أمام أمر آخر وهو أن التقوى هى الوحيدة التى جمعت بين أمر الله ووصية الله، فالله تعالى أمر بالتقوى فقال سبحانه: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ)، وقال سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ)..

وإضافة إلى هذا الأمرالإلهي، كانت التقوى أيضا هى وصية الله تعالى لعباده فقال عز وجل: (وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ)..فهل جمع شيء بين أمر الله ووصيته غير التقوى؟

دليل آخر – من القرآن الكريم أيضا- على أن التقوى أفضل من كل شعائر الله وهو قوله تعالى: (وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ).. والمعروف فى علم اللغة أن (من) للتبعيض، والمعنى أن تعظيم شعائر الله هى فى الأساس جزء من التقوى، وبالتالى فإن التقوى أكبر من كل الشعائر الأخرى.

وربما كان السبب فى ذلك هو أن التقوى هى أساس الإيمان ومفتاح كل الأعمال الصالحة، فمن يتقِ الله سيحرص على الالتزام بأوامره والابتعاد عن نواهيه.. سيؤدى كل الصلوات فى مواعيدها بخشوع ـ وسيزكى راضيا عن ماله أولا بأول، وسيصوم رمضان على أكمل ما يكون الصيام، وسيحج إلى بيت الله الحرام إذا استطاع إليه سبيلا، وسيخلص فى عمله، ويتقنه، ولن يكذب، ولن يغش، ولن يخون، ولن يخادع، ولن يكذب، ولن يظلم، ولن يعتدى على خلق الله، ولن يؤذى جاره..

وإذا كان أغلب المفسرين يقولون إن التقوى هى أن يجعل العبد بينه وبين ربه وقايةً من غضبه وسخطه وعذابه.. فإننى أعتقد أن التقوى فوق ذلك، فأصل التقوى هو الحب.. حب الله الذى يراك دائما ويلازمك دوما ويطلع على خفاياك وأسرارك ويسمع دقات قلبك ويطلع على شطحات فكرك، ويرزقك وينصرك ويطعمك ويسقيك وإذا مرضت فهو يشفيك..

ولهذا كانت التقوى هى طريق الفوز بمحبة الله تعالى: (بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ).. وهل هناك أعظم من حب الله.. والحب لا يجلبه إلا حبا.. فاللهم اجعلنا من المتقين.