عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

بيان ما يحصل به التَّحَلُّل في الحج والعمرة

الحج
الحج

قالت دار الإفتاء المصرية، إن العمرة فيها تَحلُّل واحد، ويحصل بالحَلْق أو التقصير على القول بأنهما من أركان العمرة بعد أداء سائر الأركان.

أوضحت الإفتاء، أن التحلل في الحج: فالأصغر منه -وهو الأَوَّل- يحصل بالحلق أو التقصير بعد الرمي خاصة، كما هو قول الحنفية، وبرمي الجمرة الكبرى يوم النَّحْر، أو خروج وقت الرمي، كما هو قول المالكية، ووجهٌ عند الشافعية، ورواية عند الحنابلة، وبفعل اثنين من: الرمي، والحلق، والطواف، كما هو قول الشافعية، والحنابلة في الصحيح، وأَمَّا التَّحَلُّل الأكبر في الحج فيكون بعد الرمي والحلق والطواف.

وتابعت الإفتاء: ما دُمتَ وضَعْتَ الطِّيبَ بعدَ التحلُّلِ الأصغر، فحجكَ صحيح، ولا شيء عليك.

كيفية التَّحَلُّل من الإحرام في العمرة

المقصود بالتَّحَلُّل من الإحرام -سواء كان حجًّا أو عمرة- هو: الخروج من الإحرام، بحيث يحل للمحرم ما كان مُحرَّمًا ومحظورًا عليه أثناء الإحرام.

والتَّحلُّل في العمرة يكون بعد الحَلْق أو التقصير للرَّجُل، والتقصير فقط للمرأة، وذلك على القول بأنهما من أركان العمرة، بحيث إذا أحرم بالعمرة، ثم طاف بالبيت، وسعى بين الصفا والمروة، وحَلَق أو قَصَّر فإنه يكون بذلك حلالًا، وتمت عمرته.

قال الإمام النووي الشافعي في "المجموع": [وأَمَّا العمرة: فليس لها إلا تحلُّلٌ واحد بلا خلاف، وهو بالطواف والسعي، ويُضم إليهما الحَلْق إن قلنا هو نسك، وإلَّا فلا].

مذاهب الفقهاء في كيفية التحلل من الإحرام في الحج

أَمَّا في الحج: فإنَّ التَّحلُّل فيه على نوعين: أصغر وأكبر.

فالتَّحلُّل الأصغر -ويطلق عليه التَّحلُّل الأَوَّل- به يَحِلُّ للمحرم ما كان مُحرَّمًا عليه، إلَّا النساء، وللفقهاء تفصيل فيما يَحْصُل به هذا التَّحَلُّل، فيرى الحنفية: أنَّه يحصل بالحلق أو التقصير بعد الرمي خاصة، ولا يحصل بالرَّمْي وحده دون الحلق، وهو ما نَصَّ عليه العَلَّامة أَكْمَل الدين البَابَرْتِي في "العناية شرح الهداية" حيث قال: [إذا رمى جمرة العقبة لا يتحلل عندنا حتى يَحْلِقَ].

واستدلوا على ذلك بحديث أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنَّه قال: «إِذَا رَمَى وَذَبَحَ وَحَلَقَ فَقَدْ حَلَّ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ إِلَّا النِّسَاءَ» رواه بهذا اللفظ مرفوعًا: ابن أبي شيبة في "مُصنَّفه"، والدَّارقطني في "سُنَنه"، ورُوي موقوفًا عن عمر بن الخطاب، وابنه، وعطاء رضي الله عنهم.

بينما يرى المالكية: حصوله برمي الجمرة الكبرى يوم النَّحْر، أي: يوم العاشر من ذي الحجة، أو بخروج وقته، أي: وقت هذا الرمي، ووافقهم الشافعية في وجهٍ، والإمام أحمد في روايةٍ في أنَّ التَّحلُّل الأَوَّل يحصل برمي الجمرة الكبرى خاصة.

قال الإمام الحطاب المالكي في "مواهب الجليل" نقلًا عن سند وابن عرفة: [والتَّحَلُّل الأَوَّل يحصل برمي جمرة العقبة، أو بخروج وقت أدائها" اهـ، ثم عَقَّب قائلًا نقلا عن سند أيضًا: "والمراد بالوقت: وقت الأداء، قاله في "الطراز" في أثناء كلامه فراجِعْهُ، والله أعلم] اهـ.

وقال الإمام النووي الشافعي في "روضة الطالبين": [في وجهٍ للإصطخري: دخول وقت الرمي كالرمي في حصول التحلل. ووَجْهٍ للدَّاركي: أنَّا إن جعلنا الحلق نسكًا حصل التحللان جميعًا بالحلق مع الطواف أو بالطواف والرمي، ولا يحصل بالرمي والحلق إلا أحدهما. ووجه: أنه يحصل التحلل الأول بالرمي فقط أو الطواف فقط، وإن قلنا: الحلق نسك].

وقال العلامة الـمَرْدَاوي الحنبلي في "الإنصاف": [واعلم أَنَّ التَّحلُّل الأَوَّل يحصل بالرمي وحده، أو يحصل باثنين من ثلاثة وهي: الرمي، والحلق، والطواف: فيه روايتان عن أحمد... والرواية الثانية: يحصل التَّحلُّل بواحدٍ من رمي، وطواف].

واستدلوا بحديث الإمام أبي داود في "سننه" والإمام أحمد في "مسنده" عن أمِّ المؤمنين السيدة أم سلمة رضي الله عنها أنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إنَّ هذا يومٌ رُخِّصَ لكم إذا أنتم رَمَيْتُم الجمرةَ أن تَحِلُّوا -يعني مِن كلِّ ما حُرِمْتُم منه- إلَّا النِّساءَ».

وذهب الشافعية، والحنابلة في الصحيح إلى حصوله بفعل اثنين من: الرمي والحلق والطواف، فإذا فعل اثنين منها فقد حصل التَّحَلُّل الأَوَّل.

قال الإمام النووي الشافعي في "الإيضاح في مناسك الحج والعمرة" (ص: 351-352، ط. دار البشائر الإسلامية): [فيحصل التَّحَلُّل الأَوَّل باثنين من ثلاثة، فأي اثنين منها أتى بهما حَصَل التَّحلُّل الأَوَّل، سواء كان رَميًا وحَلْقًا، أو رَميًا وطوافًا، أو طوافًا وحَلْقًا].

وقال العَلَّامة علاء الدين الـمَرْدَاوي في "تصحيح الفروع" عند حكايته الروايتين فيما يَحْصُل به التَّحلُّل الأَوَّل: [إحداهما: يحصل التَّحلُّل الأول باثنين من رمي وحلق وطواف، وهو الصحيح].

واستدلوا على ذلك بحديث السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أَنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِذَا رَمَيْتُمْ وَحَلَقْتُمْ فَقَدْ حَلَّ لَكُمُ الطِّيبُ وَالثِّيَابُ وَكُلُّ شَيْءٍ إِلَّا النِّسَاءَ». أخرجه الإمام أحمد في "مسنده"، والبيهقي في "السُّنَن الكبرى".

وقولها رضي الله عنها أيضًا: «طَيَّبْتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وآله وسلَّم بيدَيَّ هاتينِ حين أحرَمَ، ولِحِلِّه حين أحَلَّ قبل أن يطوفَ، وبَسَطَتْ يَدَيها» متفق عليه.

فقد دَلَّ ذلك على أنَّ التَّحلُّل الأصغر حصل قبل الطواف، أي: بعد حصول الرمي، والحلق، كما أنَّ الرمي والحلق من النُّسُك الذي يعقبهما الحِلُّ، فكان الِحلُّ حاصلًا بهما، وذلك كما في الطواف والسعي للعمرة. يُنظر: "المغني" لابن قدامة.

وأَمَّا "التَّحلُّل الأكبر" -ويُسَمَّى "التَّحلُّل الثاني"- فيَحْصُل بعد طواف الرُّكْن، أي: طواف الإفاضة، إن كان قد تَـحلَّل التَّحَلُّل الأصغر بغيره، ويحل به إجماعًا كل ما كان حرامًا على المحرم.

قال العَلَّامة ابن القَطَّان المالكي في "الإقناع في مسائل الإجماع": [أجمع العلماء أَنَّ وطء النساء على الحاج حرام مِن حين يُحرم، إلَّا أن يَطُوف للإفاضة].

وقال الإمام ابن حجر الهيتمي الشافعي في "تحفة المحتاج": [(وإذا فعل الثالث) الباقي من أسباب التحلل (حَصَل التَّحلُّل الثاني، وحَلَّ به باقي المحرمات) إجماعًا].

وعلى ذلك يتخرَّج حكم استعمال الطِّيْب، فلا خلاف بين الفقهاء في جوازه بعد التَّحَلُّل الأكبر؛ إذ به يَحِلُّ كلُّ شيء، الطِّيْب وغيره، كما أنَّه يجوز بعد التَّحَلُّل الأصغر على قول جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة، خلافًا للمالكية الذين ذهبوا إلى كراهته بين التَّحلُّلين، ومع القول بكراهته فلا يجب به شيء دم أو غيره، وهذا ما أفادته نصوص فقهاء المذاهب، كما في "بدائع الصنائع" للإمام علاء الدين الكاساني (2/ 142، ط. دار الكتب العلمية)، و"الشرح الصغير ومعه حاشية الصاوي" لأبي البَرَكَات الدَّرْدِير، وهو ما نَصَّ عليه أيضًا الإمام الماوردي في "الحاوي الكبير"، وكذا العَلَّامة أبو السعادات البُهُوتِي في "شرح منتهى الإرادات".

والذي يُفْهَم مِن ذلك كله: أنَّ العمرة فيها تَحلُّلٌ واحدٌ، ويحصل بالحَلْق أو التقصير على القول بأنهما من أركان العمرة بعد أداء سائر الأركان، أما التَّحَلُّل في الحج: فالأصغر منه -وهو الأَوَّل- يحصل بالحلق أو التقصير بعد الرمي خاصة، كما هو قول الحنفية، وبرمي الجمرة الكبرى يوم النَّحْر، أو خروج وقت الرمي، كما هو قول المالكية، ووجهٌ عند الشافعية، ورواية عند الحنابلة، وبفعل اثنين من: الرمي، والحلق، والطواف، كما هو قول الشافعية، والحنابلة في الصحيح، وأَمَّا التَّحَلُّل الأكبر في الحج فيكون بعد الرمي والحلق والطواف.