رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ما زالت مصر ولادة وفيها حاجات كتير حلوة رغم المرار والعلم فى نهاية ملعقة العسل الأسود التى نحلى بها أيامنا وحياتنا وتلك الصعاب المارة بنا رغمًا عنا، ومهما حاولوا شراء الفن والتاريخ ودفع الدولارات والجنيهات لاستضافة وإقامة مهرجانات لفنانين أحياء أو أموات، وتحويل كل ما هو فنى إلى سلعة وتأطير الفنانين فى صورة النماذج الراقية التى تعلن وتعيش حياة الرفاهية والفخامة للإعلان عن الشركات والقصور والمنتجعات السياحية لتصنع لذاتها مجدًا زائفًا، فإذا بالبراءة والأصالة والموهبة الحقيقية والفن المعجون بطين الأرض ومحلى بورد النيل ومروى بمياه النهر وقد صقلته وسوته شمس الوادى الخصيب منذ آلاف السنين، هذا الفن حقيقة ساطعة تتحدى الزمان والصعاب وتسطع فى سماء العالم الجديد كما أنارت العالم من قديم.. بنات شابات صعيديات من مركز ملوى بالمنيا قرية دير البرشا جمعتهن الموهبة والرغبة فى الخروج من شرنقة الظلام الذى حاول طيور الظلام أن يخنقوا وجودهن سواء بأسم الدين أو العرف أو العادات والتقاليد أو النوع فإذا بهاتى البنات ينجحن فى حلمهن بعد أن سجلن حياتهنّ وآخريات فى فيلم تسجيلى على مدار ٤ سنوات من كتابة وإخراج ندى رياض وأيمن الأمير.. حكت البنات عن مشاكل الزواج والزواج المبكر والتعليم والتنمر وهى قضايا نسوية وأيضًا بيئية إنسانية فقد كونوا منذ سنوات فرقة بانوراما المسرح وعرضن عروضًا وفيلمًا فى الشارع بالقرية وتعرضن للإهانة والاستهجان والتنمر من البعض لكن هاتى البنات من صعيد مصر قد حلقن بأحلامهن نحو السماء وانتجت وأخرجن هذا الفيلم «رفعت عينى للسما» وتحررن ونجحن فى أن يصلن به إلى مهرجان كان السينمائى الدولى فى دورته الـ٧٧ ويحصدن مناصفة جائزة النقاد «العين الذهبية» مع الفيلم التاهيتى «لست زنجيك» ويعبر النقاد عن إعجابهم بهذا الفيلم المصرى الذى يحمل رائحة المكان ومحلية الموضوع وعالمية القضية عن الصراع النوعى النسوى البيئى لملايين النساء فى مناطق شبيهة بفرية دير البرشا، إلا أن التناول والمعالجة الفنية البسيطة كانت مطرزة بوشائج الفلكلور الشعبى المصرى، وذلك التراث الشفاهى لصعيد مصر بما يحويه من طقوس وعادات وأفكار نجاح هذا الفيلم يدل على خصوصية التجربة، وأن الفن الحقيقى ينبع من الأرض ولا يحتاج إلى الملايين ولا إلى الإنتاج المبالغ فى.. الفنانون المصريون عليهم إعادة قراءة المشهد وتقييم التجربة.
هل الأموال والبريق باق أم التمييز والعالمية من خلال المحلية والصدق والتواصل مع الجمهور الحقيقى وليس جمهور المنصات والبرامج والمهرجانات المدفوعة الأجر؟.. على الفنانين أن يكسروا كل تلك الحواجز مع الجمهور ويحضرون الندوات والملتقيات بلا وكيل ولا تكريم … هل فكروا فى عروض مسرحية وفنية فى قصور الثقافة بقرى مصر بلا مقابل? هل فكروا فى التواجد فى ندوات وعروض بالجامعات الإقليمية بلا تكريم? هل فكروا فى إقامة مهرجانات شهرية على مدار العام تجوب المحافظات المصرية وتعرض للجميع نظير مقابل زهيد كما فعلت هاتى الوردات اليانعات اليافعات وهن يجبن شوارع القرية فى عروض مسرحية وفنية يعرضن أعملهن البسيطة العميقة … علنا نعى وندرك أنها مصر التى تثبت مطلع شمس كل يوم جديد أن النور سوف يهزم الظلام، وأن ماء النهر سيستمر يسقى الزرع ويملأ الضرع وينبت الزهر والتمر لأن مصر أرض الخلود.