رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

فى تسعينيات القرن الماضى، كنت أستاذا فى جامعة براون الأمريكية، وكنت أدرِّس–إلى جانب زميلى المتخصص فى الدراسات العبرية–دورة تصوّر الصراع العربى الاسرائيلى من خلال الأعمال الأدبية والسينمائية.

كنا نؤمن أن تدريس العلوم الانسانية يمهّد الطريق نحو السلام (ما اسمّيه (Pax Humana بين العرب واليهود فى الشرق الاوسط، وغمرتنا موجة من التفاؤل عندما تم التوقيع على معاهدة أوسلو سنة 1993.

أمّا الآن فقد اختلفت الأمور، اندلعت حرب غزة وتفاقمت الاحتجاجات الطلابية فى الجامعات الأمريكية كصرخة دعم لغزة. امتدت أحداثها كأمواج عاتية تغمر كل معقل للصمت، حيث اقتحمت قوى الأمن الامريكى حرم الجامعات الشهيرة، معتقلة مئات من الطلبة المتمردين المندفعين فى حراك احتجاجى يعبر عن رفض شديد للمجازر الإسرائيلية الوحشية فى غزة.

تتركز هذه الاحتجاجات بوضوح على رفض الحرب على غزة، وتواطؤ الولايات المتحدة الأمريكية فى الحرب من خلال تزويد اسرائيل بالأسلحة المدمرة واستعمال حقّ الفيتو لحمايتها من العقوبات الدولية.

والطلاب فى جامعات عريقة مثل هارفارد وكولومبيا وبراون وكاليفورنيا وبنسلفانيا، يطالبون جامعاتهم بسحب الاستثمارات فى اسرائيل ومقاطعة المؤسسات الأكاديمية الإسرائيلية، كعربون على تضامنهم مع القضية الفلسطينية المظلومة.

هذه الاحتجاجات تأتى ردًا على الحملات العسكرية الإسرائيلية الهمجية فى غزة، التى أدت إلى استشهاد آلاف الفلسطينيين الأبرياء، غالبيتهم من الأطفال والنساء، وتدمير شامل للبنى التحتية من مساكن ومستشفيات ومدارس. وتأتى هذه الدعوات ضمن إطار حملة المقاطعة والفصل والعقوبات، التى تهدف إلى محاسبة اسرائيل على انتهاكاتها المستمرة لحقوق الإنسان واحتلالها غير القانونى للأراضى الفلسطينية.

وفى الأيام الأخيرة، جاء ذكر جامعة براون ضمن موجة الاحتجاجات الطلابية التى اجتاحت عددًا كبيرًا من الجامعات الأمريكية، واتسمت احتجاجات الطلاب فى براون بالسلمية والتنظيم، حيث ألغى المحتجون اعتصامهم بشكل سلمى يوم الثلاثاء الماضى. وأشارت إدارة الجامعة إلى أن الطلاب يمكنهم تقديم حججهم لسحب تمويل الجامعة من الشركات المتورطة فى دعم الحرب فى غزة.

يرى مؤيدو حرية التعبير الكاملة أن الجامعات يجب أن تحافظ على حق الطلاب فى التعبير عن آرائهم حتى لو كانت مثيرة للجدل أو مسيئة، بينما يرى آخرون أن هذه الاحتجاجات تتنافى مع قيم المساواة والاحترام المتبادل والمحافظة على النظام.

وعلى الرغم من الدعاوى القضائية المتكررة، لم تقدم المحاكم الأمريكية توجيهات واضحة لتحديد متى تنتفى سمة السلمية عن الجهر بالاحتجاج ويفقد بذلك حماية التعديل الأول من الدستور. هذا الغموض يجعل المسؤولين الجامعيين فى مأزق لا يمكنهم الخروج منه بسهولة–وهو موقف لن يتغير حتى تتفق المحاكم والسياسيون على أولوياتهم الأساسية: هل هى حماية حق الطلاب فى التعبير أم المحافظة على النظام والسلمية فى الحرم الجامعي؟