رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

إثيوبيا وإسرائيل وإيران وتركيا يستغلون المياه العربية بنهج "المعادلة الصفرية"

أزمة المياه
أزمة المياه

 تردد أخيرًا مفهوم "المعادلة الصفرية" في إطار النزاعات الإقليمية والدولية، التي تعني بأن أحد الأطراف يكون "رابحًت كل شيء" والآخر "خاسرًا كل شيء"، وهي أحد العوامل الرئيسية التي تسهم في اندلاع الحروب وتفاقم التوترات بين الدول المتصارعة، وهذا يعزز استعداد الأطراف للقتال حتى النهاية دون التوصل إلى حل سلمي.

- تقارير ودراسات عالمية تحذر من كارثة مائية 

 وبحسب تقرير حديث نشره معهد الموارد العالمية (WRI) ، فهناك نحو 15 دولة واقعة بين الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تعاني بالفعل من "الإجهاد المائي"، وبحلول عام 2050 ستكون هذه البلدان هي الأكثر تضررًا من أزمة مياه عالمية من المتوقع أن تطول نصف سكان الكوكب.

 وقد ذكر تقرير الأمم المتحدة لعام ٢٠٢٣ أنه يفتقر ما يقرب من 50 مليون شخص في المنطقة العربية إلى مياه الشرب الأساسية ويعيش 390 مليون شخص في المنطقة- أي ما يقرب من 90 في المائة من إجمالي عدد السكان- في بلدان تعاني من ندرة المياه.

 تتجلى المعادلة الصفرية في الواقع عبر عدة ملفات نزاع مائي بالوطن العربي، حيث يتكبد العرب ثمنًا باهظًا من مواردهم المائية، بسبب استخدام الدول المجاورة للمعادلة الصفرية ، وبإلقاء النظر على النقاط المتعلقة بالمعادلة الصفرية وكيف يمكن أن تؤثر في النزاعات الإقليمية والدولية في النزاع المائي يمكن تتصنيفها كالتالي:

 نيل الأزرق ونيل الأبيض: يعتبر نهر النيل مصدرًا رئيسيًا للمياه في المنطقة، ولكن هناك تعنت من الجانب الإثيوبي مع مصر والسودان حول سد النهضة الإثيوبي، ويعتبر أبرز الملفات المائية القائمة حاليًا، ويثير بناء السد مخاوف بشأن تأثيره على إمدادات المياه للدول الأخرى، وخاصة مصر التي تعتمد بشكل كبير على مياه النيل. وبالتالي، تعتبر إثيوبيا قرارها بالسيطرة على مصادر المياه مثالًا واضحًا على تطبيق المعادلة الصفرية

وبشكل استفزازي احتفلت إثيوبيا الشهر الماضي ، بمرور 13 عامًا على بدء إنشاء سد النهضة، واستفزت مصر بصور حديثة توضح ما وصلت إليه آخر الإنشاءات في السد، ووفقًا لأرقام الحكومة الإثيوبية إن عملية بناء السد وصلت إلى نحو 95% من إجمالي المشروع، ومعلنة أنها ستواصل الملء الخامس، الذي من المتوقع أن يصل إلى 64 مليار متر مكعب من السعة الإجمالية، والانتهاء من 90% من نقل المياه والتحكم بالكهرباء.

فيما يعاني نهر الأردن يعاني من نقص حاد في المياه، وذلك بسبب سيطرة إسرائيل عليه ومنع الأردن وفلسطين من خيراته، هذا بالإضافة الي استغلال المياه العربية من قبل تركيا، حيث يمر نهر الفرات عبر تركيا وسوريا والعراق، وهناك توترات حول استخدام المياه بين هذه الدول، حيث تستغل تركيا مياه نهر الفرات والتي تمر عبر أراضيها لتوليد الكهرباء والري، فيما تواجه الدول العربية مشاكل في ندره المياه.

وعلى الجانب الآخر تنتشر التحذيرات العراقية الرسمية والشعبية على حد سواء، في جميع وسائل الإعلام والمنصات الرقمية، من خطر استمرار انخفاض منسوب نهري دجلة والفرات، ويعقد العراق المنتديات والاجتماعات والندوات، في محاولة لإيجاد حلول ناجعة تنهي شبح جفاف الرافدين، حيث ان سياسات دول المنبع "تركيا وإيران" تسهم في جفاف النهرين، إثر تشييد السدود الضخمة وتحويل روافد كثير مُغذية للنهرين والمشاريع الكبيرة الأخرى التي تؤثر على تدفق المياه، وفق ما يقوله المسؤولون في بغداد.

كما ان استغلال المياه العربية من قبل إيران، جعل الدول العربية في الخليج تواجه تحديات في استغلال مواردها المائية بسبب سياسة إيران في توجيه مجاري الأنهار نحو أراضيها، ويُعد سد همونز في إيران مثالًا على ذلك، حيث يؤدي تراكم المياه في السد إلى قله التغذيه المائية للأنهار التي تمر عبر الدول العربية وبالتالي يتأثر توفر المياه للدول العربية المجاورة.

 كما يخوض الاحتلال الإسرائيلي حرب مياه في الوطن العربي منذ تأسيسها ، ومنها تحويل نهر الأردن إلى خط أنابيب يحمل المياه من بحيرة طبرية إلى صحراء النقب، كما تستهدف إسرائيل احتلال الآبار والينابيع.

 ورصدت الإدارة العامة للتوثيق والنشر في الهيئة الفلسطينية إن عدد الينابيع والآبار التي تم تجفيفها وإضعافها أو الاستيلاء عليها منذ 1967 تجاوز 300 نبع طبيعي و500 بئر ارتوازي.

ووفقًا للقوانين الإسرائيلية فإن أي فلسطيني يتم رصده أثناء تجميع مياه الأمطار يعتبر مجرمًا ويواجه عقوبة قانونية، حيث تزعم إسرائيل أن مياه الأمطار هو من حق إسرائيل فقط.

وهنا نرى أن تركيا وإيران وإثيوبيا وإسرائيل تستغل المياه العربية باعتبارها موردًا استراتيجيًا يمكن أن يؤثر على القوة والموارد الاقتصادية للدول العربية، تستخدم هذه الدول نفوذها في تحقيق مصالحها السياسية والاقتصادية، وغالبًا ما تستخدم المعادلة الصفرية لتحقيق أهدافها. يتضمن ذلك قطع أو تقليل إمدادات المياه للدول العربية، مما يؤثر على الأنشطة الزراعية والصناعية والاستخدام المنزلي للماء.

 "أبو الغيط ": ٨٠% من مياه الدول العربية تأتي من خارجها.. وعلى دول الجوار تغيير نهجها:

 في هذا السياق قال أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، إن الدول العربية تواجه تحديات مشتركة في مجال المياه، لافتًا أن 80% من المياه تأتي للدول العربية من خارجها، لكونها دول مصب لأنهار عابرة للحدود، بما يجعل توزيع المياه والحفاظ عليها تحدياً إقليمياً مُشتركاً يستلزم التعاون والتنسيق، قاصدًا هنا كلاً من العراق وسوريا ومصر والسودان.

 وطالب الأمين العام دول الجوار العربي وهي تركيا وإيران، فيما يتعلق بالعراق وسوريا، وأثيوبيا، فيما يتعلق بمصر والسودان، بنهج جديد في التعامل فيما يخص قضايا المياه، نهج يقوم على المصلحة المشتركة بعيداً عن المعادلات الصفرية، موضحًا ان الإمكانات والموارد المائية القائمة يُمكن توظيفها لخدمة جميع الشعوب وتنمية الدول، شريطة أن يحل التعاون والتفهم المشترك محل التنافس أو الاستئثار بالموارد.

 تحتاج الدول العربية إلى التصدي لهذه التحديات والتعاون على المستوى الإقليمي والدولي لحماية حقوقها المائية وضمان توفر المياه للمواطنين والقطاعات الحيوية الأخرى، و تعمل الحكومات العربية على تعزيز قدراتها في إدارة الموارد المائية وتطوير البنية التحتية المائية والاستثمار في تقنيات الري المتطورة، ولكن ذلك لم يحل مشكلة ندرة المياه في المنطقة العربية.

 وأوضح الأمين العام في مؤتمر بغداد الدولي الرابع للمياه ، إن الأمن المائي لا ينفصل عن الأمن الغذائي، وأن الفترة الأخيرة شهدت اهتماماً غير مسبوق بموضوع الأمن الغذائي بسبب الاضطرابات التي شهدتها سلاسل الإمداد العالمية بعد جائحة كوفيد 19 والحرب في أوكرانيا .

- التغيرات المناخية وتأثيرها على المياه: 

 كما أن التغيرات المناخية تؤثر على حجم المياه بالإضافة الي تسببها في كوارث طبيعية ، وتشير الإحصائيات إلى أن 53% من الكوارث الطبيعية المسجلة في عام 2023 تتعلق بالمياه، لذلك طالب الأمين العام لجامعة الدول العربية بتعزيز القدرات في مجال الاستعداد للكوارث الطبيعية وآليات الإنذار المبكر، والاستفادة من إمكانات الذكاء الاصطناعي وتوطينه عربيًا.

 ويرى العديد من الخبراء في المؤتمرات الدولية أنه ينبغي على الدول العربية تعزيز الحوار الدبلوماسي والتفاوض مع الدول المعنية، والعمل على إيجاد حلول سلمية ومستدامة للنزاعات المائية، بالإضافة أيضًا اللجوء إلى وسائل التسوية القانونية والدولية لحماية حقوقها وتوفير الموارد المائية اللازمة لمستقبل مستدام ومزدهر للدول العربية وشعوبها.

 وأكد مؤتمر تنمية المياه لعام 2023 إن هناك ما بين مليارين إلى ثلاثة مليارات شخص في جميع أنحاء العالم يعانون من نقص المياه لمدة شهر واحد على الأقل كل عام، الوضع الذي من المتوقع له أن يتفاقم على مدار العقود المقبلة ليشمل 60% من سكان العالم، وأن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا هو الأسوأ من حيث الإجهاد المائي.