عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

صحتك فى أمان ١٣٥

الهجرة هى الهجرة ولو اختلفت من مكان إلى مكان ولو هجر الأوروبى موطنه الذى ولد فيه إلى مكان أفضل لحنّ إلى بلده الأم برغم كل شىء وهو الأمر العظيم الذى يحتاج إلى دراسة وروية قبل أخذ مثل هذا القرار أما فى بلادنا فهو الهاجس البشع الذى حطم مهنة الطب هنا وفى كثير من البلدان (لأن الطبيب يريد دخلًا ماديًا يعيش منه وأسرته فى أول حياته وليس آخر حياته أو بالكاد قبل أن يموت) وهو الذى أفسد علينا المهنة حتى يومنا هذا لأن الطبيب يظل يفكر ويبحث وباله مشغولٌ بفكرة السفر إلى الخارج ثم الهجرة ثم الاستقرار فى بلدان بعيدة لا يربطها بك تاريخ أو جغرافيا أو خطوط طول وعرض ولكن فقط طلبًا لسعة الرزق لأن الطبيب «هناك» يعيش محترمًا فى بيئة تحترم مهنة الطب وتقدّر الأطباء وهذا من كلام الناس المهاجرين أنفسهم أو من أهل البلدان الذين يذهبون اليها.
فلماذا يهاجرون؟ والكلام لأحد المصريين وكان طبيبًا والذى لم يرزق الا ببنتين أراد لهما أن يعيشا بجواره وأقتبس من الكلام من أحد الكتّاب عنه «وكم كان يتمنى أن يعودوا إلى مصر جميعًا للإقامة فيها وأنه يحاول إغراءهم بالأماكن الجميلة فى مصر لعلهم يفكّرون فى العودة والإقامة لأنه يتمنى أن تكون أيامه الأخيرة إلى جوارهم ثم تحدث هذا الطبيب بألم عن أسباب الهجرة لكثيرٍ من المصريين فى بلد لم يكن أهله يفكرون فى الهجرة منه قبل خمسين عامًا بل كان على مدار التاريخ بلدًا يشكل جذبًا لكل من يعرفه حتى يهاجر إليه ويقيم فيه وكان فيه جاليات مقيمة من كل أصقاع الدنيا لايزال هناك بقايا من أهلها».
وحلم الهجرة لم يغب عن ذهنى أنا طوال هذه المدة التى عشتها داخل أرض الكنانة ولم يغب عن ذهن كثيرين ممن أعرفهم من الزملاء وان كان عند بعضهم أشد قسوة وأكثر رجاء لأنهم صادفوا صعابًا لم أصادفها وأنواعًا من الظلم فى العمل لم أره وإن كان الهدف واحدًا عندنا فى الهجرة لأن مهنة الطب أفضل من ذلك والعمل فى مصر جعل المهنة تنحصر فى البداية بعلاقة المريض بالطبيب فى قيمة الكشف أو سعر العملية وتنتهى بأن يظن المريض أن الطبيب «يعمل عليه شغل» فيذهب بعيدًا ولا يعود وهذا مما يؤثر فينا تأثيرًا بالغًا لأنك تعرف أن المريض «سيدور» على أطباء آخرين ثم يعمل ما طلبته منه فى أكثر من 90% من الحالات والمشكلة أن حلم الهجرة قد يدفع الطبيب إلى أن يهاجر فقط بدون ترتيب أولويات وتحديد أهداف فيقع فى «المحظور» ويرضى بأشياء لا تقبلها النفس ولا يستطيع العودة مرة أخرى والسبب قد يكون فى نظام العمل فى الكادر الطبى فى هذه البلاد الذى قد يختلف كليًا عما قد يكون عليه سابقًا وان كان أغلب المصريين يمرون بهذه الفترة الصعبة سريعًا ويتجاوزونها لما عندهم من الخبرات فى التعامل مع الشدائد وأيضًا لأن فكرة العودة قد لا تكون مقبولة عند كثير منهم لأنها تمثل «الضياع المطلق».
الأمثلة كثيرة فى هجرة الأطباء الناجحين وان كنت أعرف كثيرًا منهم وان كان يبكون على حال النظام الطبى فى مصر، بل إنّ أحد الوزراء السابقين قال لى إنه شرع يُصلح أشياءً كثيرة فى الوزارة بدأت تؤتى ثمارها ولكن جاءه تليفون أن الوزارة قد تغيرت وأنه ليس فى التشكيل الجديد فتبدد كل شىء ويقول العارفون بالهجرة اياك أن تأخذ قرار الهجرة على عجل فتمشى بلا مهل فتصل فى وجل فلا تحقق الأمل ولن تمنع أجل واياك من الخجل فتصدق الدجل فلا هو وصل ولا بالغيب اتصل وكل ذلك من علامات الفشل.

استشارى القلب - معهد القلب
[email protected]