رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

الغرب والتهديد الثقافى (3)

يفاضل بيرم التونسى بين النساء فى فرنسا -التى عاش فيها لعقدين- والنساء المصريات فى زمنه، فيصف المرأة الفرنسية بأنها رشيقة ونشيطة:
ومشتيك فى السكة غزال
كداسلت ملت ما فيش خلخال
وتقوم بواجبها نحو وطنها، وتضفى البهجة
فى الحرب بتواسى المجاريح
وتقلبى الغم بتفريح
وقيافتك عال
وسخام ولطام
فوق الطراريح
والنار بغرام
ويظلم الزوجة المصرية ظلما بيّنا بهذه الابيات:
تركّبه الفقر العاجل
متجوزاه وعاملاه سلم
الضرب على صدغه يعلم
وتجيب له لجام
لو يتكلم
أكفف وأقلام
فى المقابل يرى نجم جمال وفضائل المصرية فى قصائد مثل «بلدى وحبيبتي» و«مصر يامّه يا بهيّة» والتى تتماهى فيها مصر مع الحبيبة.
شابة يام الشعر ليلى والجبين شقّ النهار
والعيون بحرين أمانى والخدود عسل ونار
واللوالى فى ابتسامتك يحكوا أسرار المحار
وعن عزة زوجته:
الغرام فى الدم سارح والهوى طارح معزة
والحنين للقرب بارح والنوى جارح يا عزة
أما الغرب فنجد أنّ نجم رسمه على شكل خواجة أمريكانى يتاجر فى الشرق ويزرع بين الشرقيين كل أنواع الفساد والرذائل ويحث مواطنيه على الانتباه، كما أنه يسخر من الغرب لمحاولته تغريب المصريين. وفى قصيدته «جيسكار ديستان» يرسم صورة ساخرة لمصر المتفرنجة، وتمثل القصيدة زيارة الرئيس الفرنسى السابق لمصر فى عام 1976:
فاليرى ديسكار ديستان والست بتاعه كمان
حيجيب الديب من ديله ويشبع كل جعان
يا سلملم يا جدعان ع الناس الجنتلمان
داحنا حنتمجه جدا
وحتبقى العيشة جنان
التلفزيون ح يلون
والجمعيات تتكون
والعربيات ح تمون
بدل البنزين بارفان.
وبعبارة أخرى، سينحرف المصريون عن أصالتهم، لأنهم بتقليد الغربيين سيفقدون سماتهم الثقافية المميزة. نعم، لقد تمكنوا من مقاومة حملة نابليون الفرنسى عام 1798، ولكن يبدو أن الزيارة السلمية التى قام بها رئيس فرنسى آخر (ديستان) بعد مايقرب من قرن من الزمان ترمز بالنسبة لنجم إلى تهديد لما يشكّل الخصوصية المصرية.
أمّا بيرم التونسى فيرى أنّ الغرب هو «الآخر» الذى يختلف عن «النحن» وغالبًا ما يكون أفضل: لدى الغرب جوانب إيجابية وأخرى سلبية، يمكننا أن نأخذ منها ما هو جيد ونرفض ما هو رديء. بالمقابل يرى نجم أن الغرب ليس فقط «الآخر» الذى يختلف عنّا بل أيضًا «الآخر» الذى يتناقض مع قيمنا الاصيلة. بالنسبة لنجم، الغرب والشرق كيانان كاملان ومنفصلان يخوضان صراعًا مميتًا؛ كلاهما يحمل فى ذاته صفات مميزة، إذا وجدت فى أحدهما، فهى غائبة فى الآخر: إذا كان أحدهما محبًا للسلام ومناضلًا من أجل الحرية، فإن الآخر داعية للحرب ومستعمر ومستغل. ولهذا السبب، على عكس التونسى، يرى نجم أن الشرق والغرب ليسا فقط التوأمين اللذين لن يلتقيا أبدًا، بل التوأمان اللذان لن يتوقفا أبدًا عن التصادم.