رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

دخول منزل هوارد كارتر (ت. 1939 Howard Carter) يشبه رحلة عبر الزمن رجوعاً إلى فترة انطلاق علم المصريات. إنها تجربة تجلب الإلهام والتأمل، تعيدنا إلى شغف أوروبا بكشف أسرار مصر القديمة.

فى الأسبوع الماضى، كنت فى الأقصر، أقيم فى فندق Winter Palace، الذى كان من رواده هوارد كارتر وراعيه لورد كارنارفون وعدد من المشاهير الكبار مثل توماس مان وروديارد كبلنج، وأجاثا كريستى التى كتبت روايتها الشهيرة، Death on the Nile (موت على النيل، 1937). وقمت بزيارة لمنزل كارتر وهو بناء متواضع، بناه من الطين والطوب فى عام 1910 وكان يقطنه عندما اكتشف كنوز مقبرة توت عنخ آمون.

عندما تدخل المنزل، تستقبلك أثاثات عتيقة تلفت انتباهك ورائحة خفيفة من الكتب المعتقة والقطع الأثرية. وضع كارتر مكتبه فى زاوية تواجه الحائط، وذلك للحد من التشتت أثناء عمله. الزينة الوحيدة فوق المكتب هى صورة لتمثال توت عنخ آمون. الرف العلوى للكتب يحتوى على أعمال مصرولوجية من الفترة، بعضها يحتوى على مقالات لكارتر نفسه.

وبينما تتجول فى المنزل، تصل إلى غرفة نومه التى كانت تواجه الشرق لاستقبال أشعة الشمس الصباحية والنسائم الباردة على التراس. هنا السرير المعدنى الذى كان جزءًا من الأثاث الأصلى وحيث إن مرض الملاريا -الذى ينقله البعوض- كان تهديدًا خطيرًا للصحة العامة فى مصر فى حياة كارتر، كانت «الناموسية» وقتها جزءًا أساسيًا من أثاث غرفة النوم.

غرفة الضيوف تعد شاهدًا على استضافة كارتر لآخرين مثل اللورد كارنارفون، مموّل نشاطه وتنقيبه عن آثار مصر الفرعونية، والذى كان يقضى الليالى فى غرفة الضيوف عندما يصعب عليه الرجوع إلى فندق Winter Palace الشهير والذى يوجد فى البر الشرقى من الأقصر.

وأخيرًا، تجد نفسك فى غرفة الطعام. مثل العديد من الأجانب الذين كانوا يعيشون فى مصر، كان هوارد كارتر يأكل أنواعاً من الطعام والشراب المستورد من متاجر مثل Fortnum & Mason فورتنوم وميسون فى لندن. ونقرأ فى مذكرات كارتر أنه كان يفضّل إستضافة الآخرين فى الفنادق الفخمة فى الجانب الشرقى للاقصر.

فى كل زاوية من المنزل، تشعر بوجود رجل كرّس حياته لفكّ طلاسم مصر القديمة. إن إنجازات هوارد كارتر ليست مجرد شهادة على مهارته، ولكن أيضًا على الروح العنيدة للفضول البشرى والسعى اللاهث وراء المعرفة.

استرعت انتباهى صورة التشريح الحساس جدًا لمومياء توت عنخ آمون والذى أجراه الطبيب المصرى، الدكتور صالح بيه حمدى، رئيس مدرسة الطب الحكومية فى القاهرة آنذاك، وكذلك صورة خطاب بتاريخ 5 أغسطس 1923 من أحمد جريجار «ريس عمال» كارتر، فماذا عن جهود العشرات من المصريين المحليين الذين لعبوا دوراً مركزياً فى أكبر حدث فى تاريخ الآثار المصرية؟ وللحديث بقية.