رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز

نداء القلم

دعاء سيدنا رسول الله صلوات الله وسلامه عليه بركة لأمته تتواصل فيها فلا تنقطع، وهو القائل عليه السلام «اللَّهم بارك لنا فى رجب وشعبان وبلغنا رمضان)، ولا تزال هذه البركة تمتد فى أمته فتبلغ مداها من الكمال فى أولياء الله على اختلاف طبقاتهم وأصنافهم ومعارفهم وعلومهم وأحوالهم. من تلك الأحوال الغريبة العجيبة ما يطلق عليه ابن عربى فى فتوحاته المكيّة (ج2) الأولياء الرجبيون، وذلك فى سياق حديثه عن أصناف الأولياء رضوان الله عليهم، تأتى أوصاف هذا النوع من الأولياء فى غاية العجب لما يتملكهم مع بداية شهر رجب شدة الحال وثقل الوجد، وحال عامة الأولياء وأهل الله فى شهر رجب هو داوم الاستغفار. 

أمّا الأولياء الرجبيون فهم فى تصنيف ابن عربى أربعون نَفْسَاً لا يزيدون ولا ينقصون، وهم رجالٌ حالهم القيام بعظمة الله، وهم من الأفراد، وهم أرباب القول الثقيل من دلالة قوله تعالى: «إنَّا سنلقى عليك قولاً ثقيلاً»، وإنّما سموا (رجبيون) لأن حال هذا المقام لا يكون لهم إلا فى شهر رجب من أول استهلال هلاله إلى انفصاله، ثم يفقدون ذلك الحال من أنفسهم من حيث لا يجدونه فى أنفسهم إلا فى دخول شهر رجب من السنة التالية.

هؤلاء الأولياء الرجبيون تراهم فى أول يوم يكون فى رجب، يشعرون كأنما أطبقت عليهم السّماء، فيجدون فى أنفسهم من الثقل بحيث لا يقدرون على أن يَطْرِفوا، ولا أن تتحرّك فيهم جارحة، ويضَّجعون فلا يقدرون على حركة أصلاً ولا قيام ولا قعود ولا حركة يد ولا رجل ولا جفن عين، يبقى ذلك عليهم أول يوم، أى أن الحال يكون ثقيلاً عليهم فى اليوم الأول، ثم يخف ثانى يوم قليلاً، وفى اليوم الثالث يكون الحال أقل، وتقع عليهم الكشوفات والتجليات والاطلاع على المُغيبات، ولا يزال الوليُّ الرجبى مضجعاً مسجّى يتكلم بعد الثلاثة أيام أو اليومين، ويُتكلم معه، ويُقالُ له إلى أن يكمل الشهر، فإذا فرغ شهر رجب ودخل شعبان قام كأنما نشط من عقال، فإنْ كان صاحب صناعة أو تجارة اشتغل بشغله وسُلب عنه جميع حاله كله إلا من شاء الله أن يُبقى عليه من ذلك شىء، أبقاه الله عليه.

هكذا يصف ابن عربى معاناة أحوال الأولياء الرجبيين، وهى عنده أحوال غريبة مجهولة السبب، ويقول إنه اجتمع مع ولى رجبى فى شهر رجب، وكان على هذه الحال، وشاهد منه من غرائب الأحوال بعد كثرة الشوق إلى لقياهم أو رؤية أحد منهم، فإن من يعرفهم قليل من أهل طريق الله، ولكن بعضهم يعرف بعضاً ثم إن منهم من تبقى عليه مكاشفاتهم فى سائر السنة أمر ما ممّا يكاشف به فى حاله فى رجب، ومنهم من لا يبقى عليه شىء من ذلك. ويقول ابن عربى: كان هذا الولى الرجبى الذى أجمعتُ به ممّا رأيته، أنه أبقى عليه كشف الروافض من أهل الشيعة سائر السنة، أى لم يقتصر كشفه على شهر رجب من السنة فقط، بل تعداه إلى سائر السنة، فكان يرى هؤلاء الروافض فى صورة خنازير، فمن كان يعرض له ممّن يعتقدون السوء فى أبى بكر وعمر ويتغالون فى عليّ، ويضمرون الكفر ويظهرون الإيمان، كانت العلامة التى بين الولى الرجبى وبين الله هى رؤية هؤلاء الشيعة الروافض فى صورة خنازير، وكان يكاشفهم بذلك إلى أن يتوبوا مع شدة العجب والدهشة ممّا كوشفوا به، حتى إذا تابوا رآهم على حالهم من الأناسيّ، وإذا أضمروا اعتقاد السوء وأظهروا الإيمان رجعت الصورة كما هى: صورة الخنازير. 

للأولياء أحوال وغرائب تأتى فوق طور العقل المحدود، وتتصل بالوجد والشهود وذوق البصيرة وعمق الإيمان. أمّا الولى الرجبى فممدود بسر البركة فى دعاء النبيّ عليه السلام. اللهم بارك لنا فى رجب وشعبان وبلغنا رمضان. وهذه البركة تشمل العطاء المعنوى الروحى والعطاء المادى كذلك من حيث صب الخير صبّاً صبّاً لا جعل العيش كداً كداً، كما فى الخبر المشهور.