عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

صحتك فى أمان (123)

عندما لا يستسلم المريض للمرض، فهو الذى لا ينساه الطبيبُ فقد يصيب المريض من الوهن ما يجعله غير قادر على أن يرفع يديه أو جسده عن «سرير» الكشف، بل إنه يُسلّم جسده كله للطبيب سواءً وضعته يمينًا أو يسارًا، فما يسألك لمَ فعلت وما عاتبك لمَ لم تفعل ولكنه فى قرارة نفسه يصر على عدم الاستسلام.

بل أكثر من ذلك، فهذا المريض له «أنة» غريبة ومؤلمة لا يستطيع أحدٌ أن ينساها وهى صادقة ونابعة من القلب ودالة على عظم المرض الذى هو فيه وقد أكل من جسده ما أكل وشرب منه ما شرب والنادر أن المريض اليائس تمامًا هو الذى قد «يلح» عليك أن يسلمك نفسه لكى تسلمه للموت بدلًا عنه وتخلّصه من هذا الزائر الكاسر الذى تمكن منه فلا يكاد ينتهى من شىء إلا ويمسك فى الشىء الآخر والا لما سلمك جسده بهذه السهولة وقليل ما نرى ذلك.

والطبيب عندما يتحدث مع هذا المريض بالذات يجد أن المرض قد يكون له مسمى آخر فهو قد سيطر وهو قد انتشر وهو فعل بالمريض ما فعل وأذكر أحد مرضى الأورام فى مرحلة متأخرة قد أصابه المرض الكثيرُ فى كل أعضاء جسده، فما منه إلا أنه يصرخ من الألم إذا مسه أحد أو لمسه وكنت أحدّث نفسى أن المرض درجات ودركات، فما نعرف منه إلا قليلاً وما نعرف عن كل مرض إلا قليلًا أيضًا وقد تتبدل يوماً ما نظرتنا الطبية إلى مرض معين فنجد أن التعامل معه من البداية كانت تنقصه بعض الأمور.

والمرض فهو لا يفرق بين وزير وخفير وغنى وفقير ولا أظن المرض اختلف عن قديم ولا سيختلف عن جديد ما دام الإنسان هو الإنسان فى خَلقه وخُلقه وقوته وضعفه ومازال المرض لا يستطيع أن يسلب منه إلا سمعه وبصره وقوته وبأسه وصحته وشهوته، أما من دون ذلك فلم يتغير ولن يتغير.

كيف يكون التحدى؟

المرض غير قادر على أن يسلب البشر عزيمتهم أو إرادتهم وما زال المرض يُقهر بالتحدى والصبر فهما عصيّان عليه ولا يجد لهما مسلكاً وهذا ما فهمناه ورأيناه من المرض وعن المرض وأشد الأمراض حتى الآن هى الأورام بكل ما فيها من قسوة وخبث وإذا تحدثت مجازًا إلى الورم، فستجد أنه أخبث الخبثاء فعليًا لأنه يُبطن عكس ما يُظهر ويستغل أى وسيلة حتى يصل إلى غايته فى تدمير الإنسان.

والإنسان أمام الأورام لا حيلة له فهى ليس لها «كتالوج» أو «أجندة» معروفة فلها أجندتها الخاصة فيما تفعل وقد رأينا أناسًا كانوا جبابرة فى الطول والعرض ولكنهم أمام الأورام قد خسروا طولهم وعرضهم بلا أدنى سبب.

وأوصى نفسى وغيرى أن نراعى هذه المرحلة فلا نقسو على مريض لذنب لم يفعله ولابد أن نستمع إلى أهاته وتألماته فهى جزء من «الفيزيتا» التى نقبضها أما ثواب ذلك فله أجر كبير عند الله لأنّ كثيراً من هؤلاء يكون الأهل قد وصلوا معهم إلى درجة كبيرة من عدم التحمل تجعلهم لا يتحمّلون كلمة من المريض ولا يقبلون فضلًا عن التكلفة المادية التى يعانون منها.

ويقول العارفون بالمرض إنه ابتلاء للمؤمن وبلاء للعاصى وهو حزن لمن يكفر وبشر لمن يتقرب إلى الله وهو الصبر ومفتاحه بين يديك فاصبر كما قال فى كتابه الكريم: «فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِى سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا استكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ».

 

استشارى القلب – معهد القلب

 

[email protected]