رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

فى عام 1867، قام مارك توين  (1835-1910) برحلة إلى مصر وسجّل خبراته ومغامراته فى كتاب «الأبرياء فى الخارج» (1869) والذى جسد فيه جمال وأسرار مصر من خلال خليطه المميَّز من الفكاهة الساخرة والمراقبة الدقيقة والتعليق الفَطِن.

ألهمت مصر خيال مارك توين بأهراماتها وأبو الهول ونهر النيل، وتركت انطباعًا عميقًا تردد صداه فى أعماله الأدبية. وصفاته عكست الدهشة التى شعر بها عندما واجه عجائب العالم القديم بجانب تحولات المجتمع المصرى فى القرن التاسع عشر.

وصف مارك توين أهرامات الجيزة بهذه العبارات: «على مسافة أميال قليلة، بدت الأهرامات التى ترتفع فوق أشجار النخيل نظيفة جدًا، وعظيمة جدًا ومهيبة، وناعمة جدًا وضبابية أيضًا. لقد سبحت فى ضباب كثيف سلب منها كل ما يشير إلى وجود حجر أصم عديم الشعور، وجعلها تبدو  كحلم–هياكل تظهر فى طبقات من الأقواس الغامضة، أو الأعمدة المزخرفة، ربما، وتعنّ لك للحظة ثم تتغيّر وتتحوّر إلى أشكال من الهندسة المعمارية الرائعة، ثم تذوب بشكل لذيذ بعيدا وتمتزج مع السديم المرتعش.»

وعندما واجه أبو الهول، تخلى عنه حس الفكاهة السريع مؤقتًا وهو يحدق برهبة فى التمثال الضخم: «كان الوجه العظيم حزينًا جدًا، جديًا جدًا، مشتاقًا جدًا، صابرًا جدًا. كانت فى مظهره كرامة ليست من الأرض، وفى محياه لطف ليس عند أى إنسان على الإطلاق. لقد كان حجرًا، لكنه بدا واعيًا. إذا كانت صورة الحجر تفكر، فهذا التمثال يفكر. كان ينظر نحو حافة المشهد الطبيعى، لكنه لا ينظر إلى أى شيء، لا شيء سوى المسافة والفراغ. لقد كان ينظر إلى ما هو أبعد من كل شيء فى الحاضر، وإلى الماضى البعيد.»

صوّر توين كتابه زياراته للبازارات والحارات والآثار والتفاعلات مع السكان، ويعلق على ما يشاهده بطريقة ساخرة تسلط الضوء على التباين بين الماضى الغنى لمصر والتحديات التى واجهتها فى العصر الحديث،  ويجد قراء مارك توين تفاصيل مذهلة عن المناظر الطبيعية الخالدة لمصر، حيث يصادفون خليطًا ساحرًا من التاريخ والثقافة وتجارب البشر. يظل سرده شاهدًا على جاذبية بلادنا المتجذرة فى روعة آثارها وإنسانية شعبها وغرابة بعض تقاليدها وعاداتها فى نظر هذا الزائر الأمريكى المغامر.

لا يمكن للإنسان العادى أن يغطى كل جوانب الجمال فى مصر فى رحلة واحدة، ولكن يجب أن تكون تجربة مصر جزءًا من رحلته على الأقل مرة فى العمر. هناك العديد من المعابد فى صعيد مصر تتنافس فى جاذبيتها مع تمثال أبو الهول والأهرامات. وهناك شيء غامض حول الإبحار فى نهر النيل أثناء رؤية الحياة على ضفاف النهر والتوقف عند جميع أنواع المعابد الرائعة.

ولعل أجمل هدية يمكن لمصر تقديمها للعالم هى الأسرار والآثار التى لم تُكتشف بعد.