عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

إن الجاهلية الأولى تتيه شرفاً على الحضارة المزعومة في هذه الأيام. إننا نعيش حضارة زائفة مادية لا تؤمن إلا بقانون الغاب، القوي فيها يلتهم الضعيف

 

حينما نتصفح جاهلية العرب التي نقول بأنها ظلم على ظلم و ظلمات بعضها فوق بعض مع الأسف نجد فيها مشاهد من النور لا نجد مثلها في هذه الأيام ولو احتكمنا إليها في واقعنا المعاصر لتغير الواقع إلى حضارة نرنو وترنو إليها البشرية

 

حينما نقرأ يوم لطم أبو جهل وجه أسماء بنت أبي بكر وقال لمن حولها اكتموا هذا عني، لا أحد منكم يحدث به، إني لا أريد أن يصبح العرب فيتحدثون أن أبا جهل ضرب امرأة

 

واليوم تتحول الأطفال والنساء إلى أشلاء ودماء وتمزق جثثهم على مرأى ومسمع الجميع بل وبتشجيع الراعي الرسمي لحقوق الإنسان في الوقت المعاصر وهي الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي التي تدن بكل حين بشعاراتها عن حرية وحق الإنسان واليوم تفضح معاييرها المزدوجة ودعواها الزائفة وتكشف لنا الوجه الحقيقي لحضارة هؤلاء 

 

 

 

في أي دين وعلى أية معايير وبأية قوانين يؤذن بقصف وترويع وحصار المدنيين ومنعهم المياه والطعام وإلى أي دعوى يحتكمون في تهجير الفلسطينيين قسرياً عن وطنهم

 

إن الجاهلية في أحلك ظلماتها تنأى عالية على دنو تحضر إنسانية هؤلاء

 

الجاهلية التي نقرأ في صفحاتها يوم أن وقف المطعم بن عدي حينما استجار به النبي ﷺ بعد أن ذهب إلى الطائف ومنعوه من دخول مكة فاستجار بالمطعم بن عدي وهو كافر عاش ومات كافراً إلا أنه لبى نداء النبي ﷺ وأرسل إلى أبناءه وبني عمومته يأمرهم أن يتجهزوا للحرب وقال لهم ليدخلن محمد الحرم ولو على رقبتي وليصلين عند الكعبة وليستلمن الحجر ولو على دمي وبالفعل أعدوا عدتهم وتجهزوا للحرب بدافع الإنسانية والمروءة وحفظ له ﷺ مروءته، وعندما توفى ابن عدي قام حسان بن ثابت ورثاه في قصيدة عصماء بين يدي النبي وحزن النبي لموته لأنه ﷺ يعشق المروءة ولو من كافر ويكره الميوعة ولو ممن يزعم أنه من أولياء الله

 

إنني أسوق مشاهد من الجاهلية الأولى لنقارن بين ما كانت عليه الجاهلية وما آلت إليه البشرية في قرنها الواحد والعشرين من حضارة، تباً لتلك الحضارة التي لا تؤمن بالمبادئ والتي لا قرار لها ولا استقرار إلا على موت الأبرياء والمستضعفين

 

أي إنسانية وأي تحضر وأي عصر يبرر فيه الإبادات الجماعية والقتل والتشريد وتدمير المقدسات ودور الرعاية تحت شعار الدفاع عن النفس

 

يتكلمون عن تهجير الفلسطينيين إلى سيناء حتى يتم تصفية القضية إلى الأبد

 

وموقفنا واضح. إننا نعيش في مصر ولدينا ملايين الوافدين وإننا مستعدون أن نحرم ونتكبد المهالك في سبيل تقديم لقمة أو ثوبا لشعب فلسطين لكن ما هذا التهجير إلا مخالفة للدين والشريعة والعقيدة والأخلاق لأن معناه تسليم فلسطين برمتها للكيان الغاصب

 

تسليم أولى القبلتين، وثالث الحرمين ومعراج النبي محمد ﷺ، والأرض التي بارك الله فيها للعالمين، وأقام بها عبده دواد عليه السلام حينما أردا له مقاما يرضى به عنه تبارك وتعالى.

 

الأرض التي ولد بها عيسى عليه السلام وتجلى الله بها على سيدتنا مريم عليها السلام، ونجا إليها لوطاً عليه السلام من أرضه التي كانت تعمل الموبقات 

 

استوطنها إبراهيم الخليل، وعاش عليها سيدنا زكريا، وبها محرابه ومحراب داود عليهم السلام

 

وحينما أراد تبارك وتعالى أن يعاقب بني إسرائيل حرم فلسطين عليهم وكتب لهم التيه في الأرض { قَالَ  فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَیۡهِمۡۛ أَرۡبَعِینَ سَنَةࣰۛ یَتِیهُونَ فِی ٱلۡأَرۡضِۚ فَلَا تَأۡسَ عَلَى ٱلۡقَوۡمِ ٱلۡفَـٰسِقِینَ }

 

 

ورغم أن مولد سيدنا موسى عليه السلام ونشأته وحياته كانت في مصر إلا أنه سأل الله أن يجعل قبره على رمية حجر من بيت المقدس

 

إنها الأرض المقدسة التي حينما سأل الصحابة رضوان الله عليهم رسول الله فيما رواه أحمد في مسنده، إن ابتلينا يا رسول الله في البقاء بعدك فبمَ تأمرنا؟ قال ﷺ "عليكم ببيت المقدس فلعله تنشأ لك ذرية يغدون ويروحون إلى هذا المسجد "

 

فكيف نتركها لهم

أستاذ الدعوة ومقارنة الأديان بكلية الدعوة جامعة الأزهر، وعضو بمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف.