رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز

يهودا بورلا: «العربى إنسان مجرد من الشعور القومى وجشع.. يميل إلى الخيانة من أجل المال»

صورة العربى فى الرواية العبرية الإسرائيلية

بوابة الوفد الإلكترونية

الناقد الفسلطينى د.محمد أيوب: «العربى فى الأدب العبرى يشكل كابوسًا مزعجًا تسيطر عليه نزعات الشر والعدوان.. ويهدد كيان إسرائيل وحضارتها»

 

يدخل الدكتور الراحل محمد جلاء إدريس رحمه الله، المدرج الجامعى، يلقى التحية على طلابه الذين كنت -أنا- فردًا منهم، يلقى التحية بالعبرية على طلابه كمحاولة للتودد عبر المحادثة باللغة المقررة عليهم «بوكير توف» نرد عليه باستحياء «بوكير توف»، وكنت أضع الكتاب أمامى الذى كان يحمل شكل الأحرف فيذكرنى بأحرف الأحجية التى كنت أراها فى أفلام هوليود عن السحر وعوالم الجن، حروف مدببة ومخيفة، ملتوية، وكان الطالب النابغة فينا جميعا هو قطب عيسى رحمه الله، مات هو أيضا، كان سابقا لنا بمراحل فى تذوقه لهذه اللغة واستنطاقها، وبالتالى عده الدكتور محمد جلاء إدريس ليكون خليفته فى جامعة طنطا، وعمده أمام الجميع لأن يكون باحثا فى الدراسات العليا مجيدا فى تخصص اللغة العبرية وآدابها، فكان قطب هو كشاف لى، أذهب له فى المساء، لنلتقى فى حجرته المزدانة بصور محمود درويش وفيروز «البوسترات القديمة التى كانت تتواجد داخل مجلة الشباب»؛ ليفهمنى النص العبرى وكيفية قراءته واستنطاقه... رحم الله الأستاذ المعلم محمد جلاء إدريس ورحم الله الطالب النابغ قطب عيسى.

< الأدب والأيديولوجيا:

لا يمكن إهمال أو إنكار الجانب الأيديولجى لكتابة معينة أو كاتب معين، فتصنيف الكتاب بحس الأكفار والمعتقدات الفكرية هو الغالب الأكثر والأشد وضوحا واستمرارا فى الكتابات النقدية، فثمة تلاصق وتوأمة بين الأدب باعتبار أن ما تفرزه الذات الإنسانية ما هو إلا انعكاس للتصور الفكر والمعتقد الفكرى الذى يتبناه الكاتب والمؤلف، فلا تذكر كتابات تشيكوف ودسيتوفسكى إلا ونشير إلى مرحلة التأطير الاشتراكى للأدب، وكذلك جورج أورويل فى مؤلفه «مزرعة الخنازير « إلا ونذكر النزعة الليبرالية للكاتب، وفى مصر نذكر أمل دنقل ويحيى الطاهر عبدالله باعتبارهم جيل الستينيات ومنابر الأدب الاشتراكى فى المجتمع المصرى، وعلى الجانب الآخر يظل نجيب محفوظ بكتاباته النموذج الليبرالى للأدب الإنسانى فى مصر وبالتالى فإن الهوية الفكرية هو خاتم شعار الكاتب الذى يضعه على مؤلفه سواء قصد أو عمد ذلك أو لم يعمد.

ومن هنا كان الأدب العبرى هو حامل الخطاب الأيديدولجى للدولة العبرية، وربما يتساءل شخص: «ولكن ربما هناك كتاب يختلفون عن النموذج الفكرى للدولة؟.. بينما تكون الإجابة بأن ما نقصده هنا هو ليس االسياسة الفكرية والأيديولجية لحكام الدولة نفسها، فمثلا كان عبدالناصر يحكم مصر بنزعته الاشتراكية وتغير الحال والفكر بقدوم السادات، لذا فإن ما نقصده هنا هو الفكر الأممى لدولة الكيان المحتل «إسرائيل»، هذا الفكر الأممى الذى هو نواة التأسيس ومحور الارتكاز مهما تغير حكام هذه الأمة، وهو فكر مرتبط بالنزعة الدينية عند بنى إسرائيل فى المقام الأول ومن ثم الفكر الأممى والقومى، لمجتمع يجمع شعب الله المختار فى أرض الميعاد بحسب معتقدات الهوية الإسرائيلية.

ولما كان الأدب الإنسانى هو مرآة الشعوب والحامل لأحلامها وأفكارها، كان الأدب العبرى أو الأدب الصهيونى هو المعبر عن تطلعات وأفكار وأحلام ورؤى هذا الشعب وهذه العينة الإنسانية الشوفينية، عينة اليهود شعب الله المنتقى والمختار والمميز والواحد الذى لا مثيل له.

< كيف صور أدباء إسرائيل العربى فى رواياتهم:

الامانة العلمية تقتضى أن نشير إلى قضية بالغة الأهمية، هل نقصد بالأدب العبرى هو الكتابات الناتجة لأقلام يهودية؟ وإذا كان الأمر كذلك فهل نعتبر الكتاب اليهود داخل روسيا والذين يعيشون إلى الآن، هل نعدهم ضمن تلك الشريحة؟ أم أننا نقصد عنصر اللغة كتميز فننتقى الكتابات التى كتبت باللغة العبرية فقط؟ لقد ارتأيت بوجهة نظر بحثية محدودة تتوافق مع الكتابة الصحفية فتكون مبسطة غير معمقة أن يكون الموضوح محددا باللغة والهوية الأرضية، بمعنى أدق أن ما نقصده فى هذا الموضوع هو الرواية المكتوبة باللغة العبرية والمكتوبة لكاتب يعيش فى فلسطين المحتلة، فتكون هناك معاصرة واحتكاك وتلاحم بين الذات اليهودية والآخر العربى، ولكن الأمانة الموضوعية بلغة النقد الأدبى تقتضى أن نذكر أن الكتاب ورؤاهم قسمهم أساتذة تاريخ الأدب إلى صنفين:

< تيار الكتاب ما قبل النكبة وتأسيس الدولة المحتلة قبل 48 وهم الذين عايشوا العرب وتعايشوا معهم.

< تيار الكتاب الذين نشأوا بعد النكبة داخل الأراضى المحتلة.

الصنف الاول من كتاب الأدب الإسرائيلى كانوا يرون الخلاص الإنسانى عبر حياة متوافقة بين العربى واليهودى على أرض واحدة لم يشوهوا صورة العربى وهو ما عبر عنه الناقد الفلسطينى الدكتور محمد أيوب فى دراسته المعنونة «العربى فى الأدب العبرى» موضحا: «فإنه يصور العربى بشكل إيجابى بل ويصور الحرب برمتها حربًا غير مُبررة بتاتًا وأنها ليست بمفصل تاريخى أبدًا».

الصنف الثانى وهم الكتاب الذين وفدوا من بلدان أوروبا مطرودين منبوذين يتباكون على محارق الهولوكست ونزوحهم الجمعى فرارا من عدم قبول الآخر الغربى لهم، وهم من تعاملوا مع الذات العربية والشخصية العربية بمنطق الاحتقار والتقزيم. وعليه تبين الدكتورة رزان ابراهيم الأستاذة بجامعة البترا فى بحثها المعنون بـ«مرايا الآخر صورة العربى فى الرواية الإسرائيلية بعد 48» حيث يتضح لـ :«المدقق فى أكثر من دراسة تناولت موضوع العربى فى الرواية الإسرائيلية براغماتية صهيونية تسوغ أعمالًا عدوانية تعمل على تشويه العربى فتجعله (المتخلف، المتوحش، الصحراوى، شبيه الحمير، المتخلف، اللص، المنحط، القذر) قبالة اليهودى المتفوق حضاريًا المنتمى للغرب الذى يحق له أن يستولى على الأرض.

فالروائى اليهودى (يهودا بورلا) يرى العربى إنسانًا مجردًا من الشعور القومى، وجشعًا، يميل إلى الخيانة من أجل المال، بينما اليهودى مضحٍّ منكر للذات مخلص فى أداء واجبه، وهو فى رواية العاشق للكاتب براهام ب. يهوشواع «أحضر من البيت سجادة صغيرة وقذرة، ومرتين كان يتوقف لبضع دقائق، يفرش السجادة أمامه، وينحنى ساجدا باتجاه الجنوب، إزاء المخرطة والحائط المليء بالأجهزة المعقدة، يردد أدعية حماسية لنفسه، وللرسول، الشيطان يعرف».

إن كتب الأدب العبرى –بحسب بحث الدكتور محمد أيوب– توجه الشباب اليهود إلى احتقار العرب والتقليل من شأنهم، فليست هناك دعوة إلى التسامح مع العربى باعتباره مواطنًا له حقوق المواطنة الكاملة، فقد صورت القصص العبرية بين 1948ــ1967 العربى فى أبشع صورة، فقد كان العربى فى الأدب العبرى يشكل كابوسًا مزعجًا، تسيطر عليه نزعات الشر والعدوان، ويهدد كيان إسرائيل وحضارتها، وقد استمد هرتزل تصوراته لمستقبل المنطقة ومستقبل العرب من وهم الاعتقاد بأن دور العرب فى التاريخ لا يزيد على استبدال سيد أعجمى بسيد أجنبى، وأن السيد الجديد لابد أن يكون المستعمر الصهيونى الذى أفرزته الحركة الاستعمارية إبان القرن التاسع عشر.