مرقد «سعد زغلول» بجبّانة الإمام خارج خطة تحريك عمائر الدفن

 علمت «الوفد» أن مقبرة زعيم الوفد المصري، سعد باشا زغلول، بجبّانة الإمام الشافعي التاريخية، خارج خطة تحريك عمائر الدفن لأجل المشروعات القومية والمحور الجديد الذي يمر بمنطقة الإمام. 

قال إبراهيم طايع، الباحث بتاريخ الجبّانات، إن وحدات المدفن الخاص بالزعيم سعد زغلول تتألف من حجرة الدفن وحديقة وغرفة للحراسة وأخرى لاستقبال الزوّار، ومُحاطة بسور غير مرتفع ويُغلق عليها باب من الحديد. 

طراز المقبرة:

 وتابع أن حجرة الدفن الرئيسة أقيمت بنظام الجمالون الفراغي؛ وهو هيكل إنشائي مصنوع من الدعامات المتشابكة فى نمط مثلث، من خامات الخشب والحديد، وارتكز السقف على حوائط بنائية. 

وبيّن الباحث أن طراز بناء المقبرة يعتبر من أندر أطرزة منشآت الدفن فى جبّانة الإمام، ويعد هندسياً من أحسن الأنظمة المستخدمة فى تغطية المساحات الواسعة دون الحاجة إلى أعمدة داخلية، كما إنه يُوفر الإضاءة والتهوية الطبيعية لوجود الشرفات الخشبية فى الحوائظ والسقف بغرفة الدفن. 

وأبرز طايع أن مقبرة «الزعيم» غلبت عليها البساطة ربما لأنها كانت مرقدًا مؤقتًا، منوهًا إنها حاليا لا تحوي شواهد أوتراكيب، وتحوي طبقة مرتفعة  تتوسط أرضية غرفة الدفن ومكسوة بالرخام الأبيض، أما الجدران فقد زينتها لوحات حديثة لآيات من  الذكر الحكيم.   

نجيب محفوظ شاهد عيان على موكب الجنازة: 

من  مرويات  شهود العيان على جنازة الزعيم سعد زغلول وتحرك النعش إلى موقع المرقد المؤقت بجبّانة الإمام الشافعي، الأديب الرحل نجيب محفوظ، إذ يروي «أديب نوبل» بمذكراته التي كتبها الأديب الراحل رجاء النقاّش.. أما يوم جنازة سعد زغلول فهو من الأيام التي لا أنساها أبداً، خرجت مع شلة العباسية وانتظرنا موكب الجنازة فى ميدان الإوبرا، كان المنظر مهيباً؛ وسرنا على الأقدام مع الجماهير الحاشدة التي رفعت نعش الزعيم على أكتافها حتى مدافن الإمام، فقد كان الناس يحبونة لدرجة العبادة وينزلونه منزلة التقديس والإجلال. 

غيّب الموت الزعيم سعد زغلول فى العاشرة مساءً، وخرجت جنازته فى اليوم التالي من بيته ــ مُتحف بيت الأمة حالياً، ساعة الوفاة وتاريخها وثقت لها أم المصريين السيدة صفية زغلول في بيت الزوجية، عندما أوقفت التقويم والساعة على تاريخ رحيل زوجها وكأنها اعتبرت أن الحياة توقفت برحيله!

نقل رفات الزعيم إلى ضريحه الحالي: 

 ناضلت أم المصريين 9 سنوات، لبناء ضريح يليق بالزعيم، إلى أن تولى الزعيم مصطفى النحاس رئاسة الوزارة وصدر قرار نقل رفات سعد زغلول من جبّانة الإمام إلى ضريحه الحالي بشارع الفلكي وسط القاهرة، فى احتفال رسمي. 

كتبتصاحبة العصمةإلى النحاس تشكره بعد صدرور قرار نقل الرفات فى 12 يونيو 1936، كانت لهجة الخطاب تقول إن الزوجة المخلصة؛ ارتاح قلبها أخيراً بعد نجحت مساعيها فى تخليد ذكرى زوجها أبد الدهر. 

قال صفية زغلول.. تشرفت بكتاب دولتكم الرقيق الذي تُبلغني به قرار مجلس الوزراء بنقل رفات زوجي المغفور له سعد زغلول باشا  إلى الضريح الذي بُني من أجله، ولقد كان لهذا القرار أبلغ الأثر في نفسي، فلدولتكم وللمجلس جميعاً أوفر الشكر وأجزل الحمد، على إنني نظراً للحوادث التي جرت فى هذا الشأن، وشعوراً بواجبي نحو فقيدي وفقيد البلاد، لا يسعني إلا أن آذن بهذا النقل إلا أذا كنت على يقين من أن ما تفضلتم بتقريره من تخصيص الضريح بزوجي وبيّ، ويظل باقياً أبد الدهر، فإن تكفل القانون بذلك فحباً وكرامة. 

لم يكن سعد زغلول يُخطط أن يُدفن جوار بيته فى وسط القاهرة، أو يُقام له ضريحاً فخم مُستوحي من أطرزة العمارة المصرية القديمة، اختار سعد أن يدفن فى مقابر عادية ككل المصريين ــ أبناء وطنه فى القرافة الصغري. 

غلبت البساطة على مرقد الزعيم فى جبّانة الإمام ولم يُعثر على تاريخ محدد لبناء المقبرة، فقد خلت غرفة الدفن من تاريخ الإنشاء والتأسيس، لكن المُرجح إنه أقيم فيما قبل سنة 1927، إذ كان المدفن معدًا لاستقبال الجثمان، وقد دفن فيه الزعيم فى اليوم التالي لوفاته مباشرة، ويمكن تقدير عمر المقبرة بنحو 96 سنة إستنادًا على تاريخ وفاة سعد زغلول. 

عائلة الزعيم تتوارث المقبرة:

 بقيت هذه المقبرة فى حيازة سلساّل عائلة الزعيم سعد زغلول من بعده، فقد حوت لوحة رخامية صغيرة على واجهة حجرة الدفن ذات الجدران الخشبية.. مدفن عائلة الحاجة صفية زيد حفيدة سعد باشا زغلول، كما وُجدت لوحات رخامية لأسماء متوفين أخرين من عائلة الزعيم. 

كيف علمنا بأمر المرقد الأول للزعيم؟: 

فى يوليو 2022 نجحت «الوفد» فى الوصول إلى قبر الزعيم فى الإمام الشافعي عبر محررها أمير الصرّاف، أثناء تجواله لمعاينة عمائر الدفن فى الجبّانة التاريخية بمنطقة الإمام الشافعي المسماة بالقرافة الصغري، ونشرت «الوفد» تفاصيل إعادة اكتشاف قبر الزعيم وعائلته فى تحقيق مطوّل استعرض تاريخ المنشأة وطرازها بشكل مُوثق.