رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز

فى الشوارع والمترو وعلى مواقع السوشيال ميديا أيضًا

لصوص لكن متسولون

بوابة الوفد الإلكترونية

 

 

التسول الإلكترونى أحدث صيحة.. والمحافظ الإلكترونية وسيلة التوصيل

 

«غوايش» جمعت مليون جنيه وماتت بملابس «مهلهلة».. ومتسول مصر القديمة تاجر مخدرات

 

الشيخ أحمد كريمة: المتسول آثم.. والمتصدق عليه شريكه فى الذنب

 

نقيب الاجتماعيين: ظاهرة أضرت بالاقتصاد وأساءت لسمعة مصر

 

خبير قانونى: تطبيق القانون أهم من تعديله

 

 

رجال ونساء، صغار وكبار، يفترشون الشوارع المزدحمة، ويقعدون على الأرصفة، ويقفون فى إشارات المرور وعلى مداخل أبواب مترو الأنفاق فى القاهرة والجيزة ليلاً ونهاراً، يتخذون من أسفل الكبارى وكراً لهم، منهم من يحملون فى أيديهم أكياس المناديل لكن النية ليست البيع أو الكسب الحلال، وأخريات يحملن أطفالاً رضعاً على أكتافهن لكسب التعاطف والنهب من جيوب المارة.. ومنهم من يحمل فى يده مستندات طبية لاستعطاف المواطنين والحصول على ما فى جيوبهم، إنهم المتسولون المنتشرون فى كل مكان الذين أصبح وجودهم ظاهرة تسىء لمصر أكثر من أى شىء آخر.

هذه الظاهرة ليست جديدة فقد ظهرت فى مصر منذ سنوات عديدة وكانت تنشط فى شهر رمضان، غير أنها الآن أصبحت منتشرة فى كل وقت وتزداد كل يوم عن سابقه.

هؤلاء المتسولون يشكلون فيما بينهم مجموعات وعصابات، يحدد زعيمهم مكان كل فرد منهم ودوره، ينتشرون فى كل مكان فى الشوارع وعلى أبواب محطات مترو الأنفاق وداخل عرباته، يحملون رسائل استعطاف للسطو على أموال الناس بالتحايل!!

منهن من تحمل طفلاً نائماً دائماً أو فاقد الوعى، ويعتقد الكثيرون أن هؤلاء الأطفال مخطوفون، وعادة ما تسرد المتسولة قصصاً لكسب التعاطف، ومعظمهن يرتدين النقاب للتخفى- منهن من تدعى أنها مطلقة وزوجها ألقاها فى الشارع هى وأطفالها ويرفض الإنفاق عليهم، مؤكدة أنها لم تلجأ إلى التسول إلا بحثاً عن قوت أطفالها. ومنهن من تدعى مرض زوجها أو أحد أبنائها، ولكن رواد المترو أصبحوا أكثر وعياً وغير مقتنعين بتلك الروايات نظراً لتكرارها وظهور المتسولين والمتسولات بشكل يومى فى المكان والزمان نفسيهما.

المتسول الصامت

ومؤخراً ظهر نوع جديد من المتسولين وهو المتسول الصامت وعادة ما يكون ولداً أو بنتاً من صغار السن يحمل فى يده مطبوعات مكتوب عليها أن والده متوفى وأنه أو أنها تنفق على الأسرة، وآخرون يوزعون أوراقاً مكتوباً عليها تحمل رسالة أخرى وهى أنهم ضحايا لأب جاحد ألقى الأم والأطفال فى الشارع وعاشوا فى شقة إيجار، ويريدون سداد إيجار الشقة.

التسول الإلكترونى..

أما أحدث صيحة فى عالم التسول فهى التسول الإلكترونى عبر الإنترنت، إذ أنشأ بعض المتسولين حسابات وهمية على مواقع التواصل الاجتماعى خاصة فيسبوك وتيك توك بغرض التسول وجمع الصدقات من أهل السوشيال ميديا، أو جمع متابعين على مواقع التواصل الاجتماعى وتغيير اسم الحساب بعد «لم الفلورز» ثم تغيير النشاط بعد ذلك.

على سبيل المثال صورت فتاة على موقع تيك توك حجرة صغيرة وادعت أنها تقيم مع أمها وأشقائها فيها وتبحث عن مساعدة لشراء أدوات كهربائية، انتشر الفيديو بسرعة البرق وتعاطف معها المتابعون، وطلب عدد منهم عنوانها وطريقة للتواصل معها للمعاينة ومساعدتها، ولكنها اختفت بعد طلب العنوان كأنها «فص ملح وداب».

وعلى جروبات الفيسبوك انتشر حساب لسيدة ادعت أنها تريد شراء زجاجة زيت ولحوم لأطفالها، وقالت إنها أرملة ولا يوجد لديها مصدر رزق، وتعاطف معها الكثيرون وطالبتهم بمساعدتها وإرسال الأموال لها عبر المحافظ الإلكترونية، وعندما طلبوا عنوانها ومقابلتها لفحص حالتها ومساعدتها اختفت.

تدارك البعض بعد ذلك أن تلك الحسابات وهمية، أنشئت بغرض النصب نظراً لحداثة إنشائها وعدم وجود تفاعل أو أصدقاء على الحساب فضلاً عن اختفاء المتسولين بعد طلب المقابلة أو بحث الحالة.

جولة داخل المترو

محرر «الوفد» استطلع آراء عدد من مرتادى مترو الأنفاق عن ظاهرة التسول التى ازدادت مؤخراً بكثرة، فقال أحمد محمد إن وجوه الأشخاص الذين يدعون الفقر والعوز ثابتة ويوجدون فى المكان والزمان نفسيهما بصفة دائمة متخذين من التسول وظيفة لجمع ملايين الجنيهات.

وأضاف أنه انخدع فى البداية وكان يمنحهم الأموال، ولكن مع تكرار الأمر وابتكارهم روايات جديدة، معتمدين على الزحام وتغير الضحايا يومياً، انفضحت خططهم وأصبحت غير متعاطف معهم.

التسول بوابة للتحرش والسرقة

سارة شابة فى أوائل العشرينيات كانت موجودة داخل المترو، وسردت معاناتها مع هؤلاء الأشخاص، موضحة أنها تعرضت للتحرش من بعض أصحاب النفوس المريضة عندما رفضت مساعدتهم قائلة.. «بيشحتوا بالإكراه».

عم محمود الرجل الستينى صاحب الوجه البشوش، كان جالساً على أحد مقاعد المترو متكئاً على عكازه، والتقط طرف الحديث قائلاً إنهم فئة ضالة لا فرق بينهم وبين اللصوص، فهم يسلبون أموال الضحايا ولكن بأساليب مختلفة، مضيفاً أن تلك الفئة الضالة اتخذت من التسول حيلة ووظيفة لجمع الأموال بسهولة، بالرغم من أن لديهم صحة تساعدهم على العمل والكسب بالحلال.. واختتم حديثه قائلاً: «الوظيفة الحلال فلوسها قليلة.. ومش هيقبضوا منها زى ما بيلموا من التسول».

مليون جنيه

عاشت الست خيرية الشهيرة بغوايش طول حياتها تعمل فى التسول واستجداء الناس فى قنا، وكان الجميع يتعاطف معها نظراً لحالتها المزرية وملابسها المهلهلة وطلبها للمساعدة من الجميع، حتى انكشف المستور بعد وفاتها.

أهل المتسولة وجيرانها عثروا على أجولة داخل الغرفة التى كانت تعيش فيها، وبفتحها وجدوا أموالاً وصلت لنحو مليون جنيه، وأكد أهل المنطقة أنهم كانوا يتصدقون عليها لأنها كانت تدعى احتياجها للطعام والشراب ولم يكن أحد يدرى أنها أغنى منهم جميعاً.

أما التركة فتم تقسيمها على أشقائها الخمسة، 4 سيدات ورجل، تحت إشراف لجنة من الأهالى بالمركز.

المتسول المليونير

كما ألقت أجهزة الأمن القبض على متسول بمنطقة مصر القديمة وكانت بحوزته مبالغ مالية مصرية وأجنبية وأقراص مخدرة، واعترف باتخاذه من التسول مهنة لجمع المال وترويج المخدرات، وكان يقوم بإيداع مبالغ مالية كبيرة أسبوعياً بحسابه فى البريد.

كذلك تم إلقاء القبض على عاطلين كونا عصابة للتسول مستغلين أطفالاً أحداثاً نشروهم فى محطات المترو وإشارات المرور لاستجداء الركاب والمارة والحصول على أموالهم.

وكانت تحريات الإدارة العامة لمباحث رعاية الأحداث بقطاع الشرطة المتخصصة بالتنسيق مع قطاع الأمن العام أكدت استغلال شخصين لـ3 أطفال أحداث فى أعمال التسول واستجداء المارة والتعدى عليهم بالضرب، متخذين من دائرة قسم شرطة الأزبكية بالقاهرة مسرحاً لممارسة نشاطهما الإجرامى، وتم القبض عليهم وإيداع الأطفال دار رعاية.

الكتعة

كما أكدت معلومات الأجهزة الأمنية بالقاهرة قيام سيدة باستغلال عدد من الأطفال بمنطقة مدينة نصر ثالث فى أعمال التسول واستجداء المارة، تم اتخاذ الإجراءات اللازمة والحصول على إذن من النيابة لضبطها، وتمت مداهمة الوكر الذى تعيش فيه وضبطها وتبين أنها تستغل 4 أطفال فى أعمال التسول تطلقهم فى الشوارع وإشارات المرور ومحطات المترو منذ الصباح، ويعودون لها فى المساء محملين بالأموال، المتهمة اعترفت بنشاطها الإجرامى وأمرت النيابة بحبسها وإيداع الأطفال دار رعاية اجتماعية.

إثم مشترك

الدكتور أحمد كريمة أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، قال إن الإسلام نهى عن التسول، وطالب المواطنين بعدم التعاطف أو التعامل مع هؤلاء الأشخاص، وضرورة تحرى الدقة قبل إعطاء الصدقات لمثل هؤلاء، وأضاف أن المتسول آثم شرعاً والمتصدق عليه آثم ومشارك فى الذنب، وأهاب بالناس ألا ينخدعوا بأفعال وألاعيب المتسولين، وإعطائهم أموالاً بحجة أنهم محتاجون.

وأشار كريمة إلى أن مؤسسات المجتمع المدنى أدرى بالمستحقين للصدقات والزكاة، وتصرف الأموال لمن يستحق، مطالباً بعدم دفع أى أموال للمتسولين فى الشوارع وإشارات المرور وأمام المساجد وفى المواصلات العامة.

وأكد أن الله عز وجل جعل الكرامة لكل إنسان، وأن كل الشرائع أوجبت بذل المجهود لنيل المقصود من عرق الجبين وكد اليمين، واستدل على ذلك بقول الله تعالى: «ولقد كرمنا بنى آدم وحملناهم فى البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلًا».

وأضاف: «تنازل الإنسان عن كرامته وعزته ورفضه العمل الشريف وأن يجرى فى بطالة وعطالة بحثاً عن استجداء الناس، محرم ومجرم شرعاً وصاحبه آثم».

ضرر للمجتمع

الدكتور عبدالحميد زيد، نقيب الاجتماعيين، أكد أن هذه الفئة أضرت بالاقتصاد لخروجها من القوة العاملة المنتجة وعدم استفادة الدولة من طاقاتها وأصبحت عالة على المجتمع، حيث اتجهت إلى التسول واستجداء المارة بحثاً عن جمع الملايين بسهولة بدلاً من الكد والعناء، كما أكد أنهم أضروا بالسياحة بسبب أفعالهم تجاه السائحين.

وأشار إلى أن هؤلاء الأفراد كونوا عصابات تستغل الأطفال والأشخاص بلا مأوى فى التسول واستجداء المارة، وأصبح ذلك عملاً مربحاً قائلاً: «العيل الصغير بيلاقى فى أيده 500 جنيه آخر اليوم» وتابع ساخراً: «وكيل الوزارة ومساعد الوزير مبيخدوش المبلغ ده!».

وتابع زيد مؤكداً أن هذه الظاهرة وجدت قديماً بسبب الحاجة والفقر المطلق، قائلاً: زمان كان الناس يعرفون مين يستحق المساعدة ويعطونهم، أما الآن فأصبحت مهنة لجمع الأموال، وطلب من المواطنين عدم التعامل أو التعاطف مع هؤلاء الأشخاص، مؤكداً أن مؤسسات المجتمع المدنى والجمعيات الأهلية، منوطة بالوصول للمحتاجين ومساعدتهم، وعلى من يرغب فى التعاطف معهم إيداع أمواله لدى تلك المؤسسات لضمان وصولها إلى المستحقين بدلاً من المتسولين.

وشدد نقيب الاجتماعيين على دور وسائل الإعلام فى تثقيف المجتمع، وتنبيه الناس بخطورة الظاهرة وحثهم على عدم التعامل مع هؤلاء الأشخاص، قائلاً: «الثقافة تحدد سلوك الناس ولازم يكون فيه ثقافة عامة بتلك المشكلة».

كما أكد الدكتور عبدالحميد زيد أن المتسولين يرفضون الآن المبالغ الصغيرة فئات الـ5 و10 و20 جنيهاً، وباتوا يطلبون مبالغ كبيرة، وأن الموضوع خرج عن الصدقة. وهذا شدد على دور وزارة التضامن فى إعادة تأهيل ودمج الأطفال الذين يقعون تحت سطوة وسيطرة هؤلاء الأشخاص، ليكونوا أعضاء نافعين فى المجتمع.

كسب التعاطف

قانونياً أوضح محمود البدوى، المحامى بالنقض والدستورية العليا وخبير حقوق وتشريعات الطفل وعضو الفريق الوطنى لمكافحة العنف ضد الأطفال، إن ظاهرة التسول موجودة فى العالم كله، ولكنها زادت فى مصر بسبب إقحام أطفال فيها على يد عصابات لكسب التعاطف معهم ومنحهم الأموال، مؤكداً أننا لا نحتاج إلى سن قوانين جديدة بل إيجاد آلية وطريقة لتنفيذ القوانين الموجودة.

وأضاف أن مصر تمتلك من القوانين والتشريعات ما يكفى لردع المتسولين والقضاء على ظاهرة التسول منها قانون الطفل رقم 12 لعام 1996 وتعديلاته عام 2008. بالإضافة إلى قانون مكافحة التشرد وقانون مكافحة استغلال الأطفال رقم 64 لعام 2010. وهذه القوانين تركز على استغلال الأطفال واستعمالهم لأغراض غير مشروعة. لافتاً إلى أن هؤلاء الأطفال ليسوا جناة بل مجنى عليهم.

وأشار إلى أن العصابات لجأت إلى استخدام الأطفال فى التسول واستجداء المارة، للعب على عواطفهم والحصول على أموالهم، خاصة إذا ظهر لهم الطفل باكياً ومحملاً بعبارات ثابتة مثل أنا تايه ومحتاج فلوس.. محتاج أعمل عملية، أو ظهوره وبيده زجاجة دواء فارغة لاستعطاف الناس كونه لا يملك ثمن الدواء، أو وجوده فى إشارات المرور ويستعطف الجمهور بمسح الزجاج، موضحاً أن كل هذه حيل لاستجداء المارة لسلب أموالهم، حيث إن العديد من المواطنين أصبحوا لا يتعاطفون مع الكبار من المتسولين لتكرار وكذب روايتهم.

كما شدد على ضرورة خلق مسار توعوى عن طريق نشر الحملات التوعية الإعلامية والأعمال الدرامية الهادفة التى تظهر مساوئ المتسولين واستخدام أفلام الكرتون لتوصيل الرسالة للأطفال، وطالب بعدم التعاطف مع هؤلاء الأشخاص سواء كانوا كباراً أم صغاراً.

وأشار البدوى إلى أن تطبيق القوانين وحده لا يكفى للردع والقضاء على الظاهرة ولابد من تكاتف مختلف فئات المجتمع للحد من تفشى الظاهرة ونشر الثقافة التوعوية التى تظهر عيوب ومخاطر التسول فى شتى المجالات، حيث إنهم صدروا صورة سلبية لمصر أمام السياح.