رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز

جبر الخاطر وأثره على الفرد والمجتمع

بوابة الوفد الإلكترونية

كثير من الناس يعتقد أن العبادة في الإسلام مقصورة على الصلاة والصيام والزكاة والحج ؛ وهي المشهورة عند الفقهاء بكتاب العبادات؛ وغفل الكثير عن عبادة من أهم العبادات ؛ بل هي طريق إلى الجنة؛ ألا وهي عبادة جبر الخواطر؛ فجبر الخواطر خلق إسلامي عظيم يدل على سمو نفس؛ وعظمة قلب؛ وسلامة صدر؛ ورجاحة عقل، يجبر المسلم فيه نفوسًا كسرت؛ وقلوبًا فطرت؛ وأجسامًا أرهقت؛ وأشخاصًا أرواح أحبابهم أزهقت، فما أجمل هذه العبادة وما أعظم أثرها .

 بهذا بدأالدكتور محمد السيد أبوهاشم امام وخطيب مسجد السيدة زينب حديثه حول جبر الخاطر وأثره علي الفرد والمجتمع وأضاف قائلا: يقول الإمام سفيان الثوري: “ ما رأيت عبادة يتقرب بها العبد إلي ربه مثل جبر خاطر أخيه المسلم”.

 وجبر النفوس من الدعاء الملازم لرسول الله صلى الله عليه وسلم. فَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَليْهِ وسَلَّمَ يَقُولُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ فِي صَلاَةِ اللَّيْلِ : " رَبِّ اغْفِرْ لِي ، وَارْحَمْنِي ، وَاجْبُرْنِي ، وَارْزُقْنِي ، وَارْفَعْنِي" . ( ابن ماجة والترمذي والحاكم وصححه). ولقد حفل القرآن الكريم بعبادة جبر الخواطر في كثير من المواضع ؛ من ذلك قوله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: {إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ }. ( القصص:85) .

 فالرسول الله صلى الله عليه وسلم قد أحب مكةَ التي ولد ونشأ فيها؛ وأُخرج منها ظلمًا، وقد احتاج في هذا الموقف الصعب؛ وهذا الفراق الأليم إلى شيء من المواساة وجبر الخاطر، فأنزل الله تعالى له قرآنًا مؤكدًا بقسم؛ أن الذي فرض عليك القرآن وأرسلك رسولًا وأمرك بتبليغ شرعه سيردك إلى موطنك مكة عزيزًا منتصرًا ؛ وقد أنجر الله له ما وعده. 

كما اهتم القرآن الكريم بجبر خاطر اليتيم فقال تعالى: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ * وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ} ( الضحى: 9 ؛ 10 ) . يقول ابن قدامة -رحمه الله-: “ وكان من توجيهات ربنا - سبحانه وتعالى- لنبيه صلى الله عليه وسلم، فكما كنت يتيمًا يا محمد فآواك الله، فلا تقهر اليتيم، ولا تذله، بل: طيب خاطره، وأحسن إليه، وتلطف به، واصنع به كما تحب أن يصنع بولدك من بعدك، فنهى الله عن نهر السائل وتقريعه، بل أمر بالتلطف معه، وتطييب خاطره، حتى لا يذوق ذل النهر مع ذل السؤال”. أ. ه وقد كان الله مع الصبي زيد بن أرقم حين سمع عبد الله بن أبيّ يقول: “لئن رجعنا المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل”، وبلَّغ الكلمة للنبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن مثل هذه الكلمة الخطيرة لا بد أن تُنقل، لكن لم يكن معه من يشهد له، وظن قومه أنه غفل ونقل ما لم يحصل لصغر سنه؛ فلم يصدقوه، فخفق برأسه من الهم ما ذكره بقوله: “فأصابني همٌّ لم يصبني مثله قط” فأنزل الله : { هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنفِقُوا عَلَى مَنْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ } . إلى قوله: { يَقُولُونَ لَئِن رَّجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ} (المنافقون: 7 ، فأرسل إليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأها عليَّ ثم قال: ” إن الله قد صدقك يا زيد ”، فجبر الله خاطر الصبي الذي كان حريصًا على مصلحة أهل الإسلام . ومن أشهر مواضع جبر الخواطر في القرآن الكريم؛ الآيات التي نزلت في حادثة الإفك؛ في شأن السيدة عائشة رضي الله عنها؛ فقد دخلت امرأة من الأنصار على عائشة وبكت معها كثيرًا دون أن تنطق كلمة. قالت: عائشة لا أنساها لها . وعندما تاب الله على كعب بن مالك؛ بعدما تخلف عن غزوة تبوك؛ دخل المسجد مستبشرًا؛ فقام إليه طلحة يهرول واحتضنه؛ قال: لا أنساها لطلحة. (والقصتان بتمامهما في البخاري ومسلم). فمواقف جبر الخواطر في لحظات الانكسار لا تُنسى . لقد ضرب لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أروع الأمثلة في خلق جبر الخواطر قبل البعثة وبعدها ؛ ونحن نعلم قول السيدة خديجة فيه لما نزل عليه الوحي وجاء يرجف فؤاده:” كَلَّا وَاللَّهِ مَا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا؛ إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ؛ وَتَحْمِلُ الْكَلَّ؛ وَتَكْسِبُ الْمَعْدُومَ؛ وَتَقْرِي الضَّيْفَ؛ وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ”. ( متفق عليه ) . إن عبادة جبر الخواطر في حياة النبي صلى الله عليه وسلم شملت جميع أطياف المجتمع ؛ رجالًا ونساءً ؛ صغارًا وكبارًا ؛ فهذا جابر بن عبدالله استشهد أبوه؛ فانكسر قلبه؛ واجتمعت عليه الهموم والغموم والديون ؛ فما يلبث صلى الله عليه وسلم حتى يسري عنه ويجبر خاطره؛ فعن جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ يَقُولُ : ” لَمَّا قُتِلَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَرَامٍ يَوْمَ أُحُدٍ ، لَقِيَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَليْهِ وسَلَّمَ فَقَالَ : يَا جَابِرُ ، مَا لِي أَرَاكَ مُنْكَسِرًا ؟ قَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، اسْتُشْهِدَ أَبِي ، وَتَرَكَ عِيَالاً وَدَيْنًا ، قَالَ : أَفَلاَ أُبَشِّرُكَ بِمَا لَقِيَ اللَّهُ بِهِ أَبَاكَ ؟ قَالَ : بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ ، قَالَ : مَا كَلَّمَ اللَّهُ أَحَدًا قَطُّ إِلاَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ، وَكَلَّمَ أَبَاكَ كِفَاحًا ، فَقَالَ : يَا عَبْدِي ، تَمَنَّ عَلَيَّ أُعْطِكَ ، قَالَ : يَا رَبِّ تُحْيِينِي ، فَأُقْتَلُ فِيكَ ثَانِيَةً ، فَقَالَ الرَّبُّ سُبْحَانَهُ : إِنَّهُ سَبَقَ مِنِّي أَنَّهُمْ إِلَيْهَا لاَ يَرْجِعُونَ، قَالَ: يَا رَبِّ، فَأَبْلِغْ مَنْ وَرَائِي، قَالَ: فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى : {وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ}.( ابن ماجة والترمذي وحسنه). وأضاف الدكتور محمد السيد أبوهاشم امام وخطيب مسجد السيدة زينب قائلا: ولا يخفى علينا اهتمامه صلى الله عليه وسلم بجبر خواطر النساء. فقد روى أنس بن مالك قال: “إِنْ كَانَتْ الْأَمَةُ مِنْ إِمَاءِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لَتَأْخُذُ بِيَدِ