رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ندى

« آجال أمة محمد (صلى الله عليه وسلم) محدودة بالنسبة للأمم السابقة», ولذلك جعل لها المولى عز وجل مواسم للطاعات والعبادات, تضاعف فيها الحسنات , وتنزل فيها الرحمات , ويصب فيها الخير صبا, ويتغير شكل الكون ليتسق مع المنظومة الإيمانية , منها شهر رمضان المعظم الذى نحن على أبوابه, يحمل بين طياته المغفرة والرحمة والعتق من النار , وبه ليلة خير من ألف شهرينال بها العبد الطائع عطاء ربانيا لا مثيل له على الإطلاق.

ولكن , دائمًا ما يكون هناك مَن يتربَّص بك كى يَسرقك- و»السرقة حِرفة»-, يسرق وقتك، وذِهنك، وتركيزَك، بل وأحيانا يسرقك أنت؛ فى دوَّامة مِن إثارة المشاعر، وعرض ما يُضعف النفس على مختلف الوسائل البصرية.

وقبل وقوع الكارثة, لابد لنا من وقفة ضد محترفى السرقة الذين أعدوا العدة لاغتيال روحانية الشهر الكريم, يفتحون أبوابًا للنار ويغلقون أخرى للتوبة , يعوضون غياب الشياطين , ويساعدون النفس الأمارة بالسوء فى غيها وضلالها, ويحرمون المسلمين من الأجر والثواب العظيمين فى أيام معدودات, فضلها الله تعالى على سائر الأيام, تتضاعف فيها الأجور, ويعظم الثواب وتصفد الشياطين وتفتح أبواب الجنان وتغلق أبواب النيران وينادى المنادى فيها «يا باغى الخير اقبل و ياباغى الشر اقصر», ومن أجل ذلك كان الصحابة الكرام والسلف الصالح من بعدهم يشمرون سواعدهم, ويعدون العدة, وينتظرون قدومها على أحر من الجمر.

ولكن ما أن تقترب هذه الأيام المباركات حتى تبدأ وسائل الإعلام «مهمات التبشير» بالأعمال الفنية والتى توصف- زيفًا ووزرًا - بأنها رمضانية، وهو وصف مخالف للحقيقة , وتتوسع تلك الوسائل فى عرض تفاصيل مهازل اللهو تحت مسميات مختلفة لإشغال الناس وإحالة حياتهم إلى لهو وهزل وهدر للوقت، بل للعمر, فى الوقت الذى تتردى فيه أحوال الأمة من عام إلى آخر، بعد أن تمكن منها أعداؤها وحولوا بلادها إلى خرائب.

لم يعد رمضان موسمًا روحانيًا خالصًا يتطهر فيه المسلمون مما علق بنفوسهم طوال العام, بل أصبح ساحة لالتهام الطعام , والخوض فى أعراض الأنام, والتمتع بثقافة الزحام, وأمسى فى زماننا محطة للهو واللعب ومصاحبة الشهوات والإسراف فيما أحل الله وحرم إلا من رحم ربى.

رمضان الذى عاشت فيه الأمة انتصاراتها وأمرت فيه بالجهاد، وشهد غزوة بدر الكبرى « يوم الفرقان «، و فتح مكة « الفتح الأعظم «, أصبح ساحة للكسل والخمول, ولم يعد قطاع واسع من المسلمين يعلم بقدومه إلا بالإعلان عن بدء المعارك بين القنوات الإعلامية المختلفة للفوز بقلب ومشاعر المشاهد الصائم، والتبشير بمهرجانات التسوق الرمضانية لترسيخ العادات الاستهلاكية فى أسمى المناسبات السنوية لإفساد روحانية لياليه.

أيها الصائمون اجعلوا من رمضان سِباقًا للطَّاعة عبر مَسارات الصيام والقيام وليلة القَدْر والصَّدقات والزكاة والدروس الرمضانية لتفوزوا بسباق واحد ختامه عدة جوائز، فلا تضيِّعوا على أنفسكم هذه الجوائز الثمينة، ولا تتركوا قطارَ الحسرة ينال منكم, بعد ضياع الفرصةَ والانصياع إلى أوامر مَن يتربَّصون بكم حتى إذا وقع المحظور وبدأتم الندم قالوا بمنتهى البجاحة «أين كان عقلكم»؟

الفرصة ما زالت باقية فى إنقاذ الشهرالعظيم من بين أنياب اللصوص المتخصصين فى أعمال السطو الموسمية، المحترفين فى التضليل والتضييع، المتمكنين من استلاب الناس وسرقة روحانية الشهر الكريم والذىن أعلنوا موعد السرقة بكل وضوح, ووضعوا خارطة طريق مفصلة للجريمة دون رادع من أخلاق أو ضمير فماذا أنتم فاعلون؟

[email protected]