رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مكاشفات

ينتابنى شعور من الأسى العميق الممزوج بالحسرة حينما أستمع إلى أحد المظاليم الذين لجأوا إلى ساحات القضاء ليردوا الظلم عنهم وينتزعوا حقوقهم المغتصبة، ولكن طول مُدد الآجال غير المعقولة أو التأجيل المبالغ فيه للقضية محل النزاع يحول دون الوصول لمبتغاهم من اغتنام لحظة النصر أو الوصول لحلم العدالة المأمول.

أذكر منذ فترة غير بعيدة فى حديثى مع أحد القضاة المتميزين أنه قد ذكر لى واقعة أدهشتنى حتى الضحك، فأكد لى أن هناك دعوى صحة توقيع ونفاذ لأحد المتقاضين منذ عام 1998م لم يتم الفصل فيها حتى الآن، وتساءل هو مندهشا! ما السبب الذى مدّد آجالها كل هذه المدد؟ فإما أن يُثبت القاضى الملكية أو لا فلا ثالث لهما.

والأغرب بالنسبة لى أيضًا حينما سمعت حديثًا تليفزيونيًا للمستشار عمر مروان وزير العدل يتحدث فيه عن أن عدد القضايا التى لم يتم الفصل فيها فيما قبل 2020م وحتى الآن بلغت 56000 قضية! ياله من رقم مأساوى، ستةٌ وخمسين ألف قضية لم يحصل أصحابها على حكمٍ يشفى غليل صدورهم أو يروى عطش قلوبهم إلى النصر المُرتجى.

فالتمديد غير المعقول أحد أهم المعوقات للوصول لتحقيق حلم العدالة لجميع المواطنين كلهم بلا تمييز، وبمناسبة الحديث عن العدالة قرأت كتابا من مكتبة والدى القانونية يسمى «روائع الأدب القضائي» للدكتور خالد القاضى يطرح فيه رؤية المستشار الدكتور محمد فتحى نجيب رئيس محكمة النقض الأسبق ورئيس المحكمة الدستورية العليا الأسبق عن مفهوم العدالة، فكان قوله: إن هناك فارقا كبيرا بين العدل والعدالة، فالعدل هو المطلق والعدالة نسبية، أما العدل فمطلق لأنه اسم من أسماء الله الحسنى، وبلوغ العدل مستحيل ولكن تحقيق العدالة هو الممكن والعدالة لا تتحقق إلا إذا كان العدل هو المنارة النهائية التى تسعى إليها، وبالتالى فإنه من الضرورى الإحاطة بكل الظروف الزمانية والمكانية التى يسعى فيها القاضى لتحقيق العدالة وهو ما لا يتحقق إلا بثقافة عريضة وعميقة للقاضى. 

وهناك فرق يا سادة بين سرعة الفصل فى النزاعات المطروحة المتأخرة منذ سنوات بعيدة وبين الإفراط فى إصدار أحكام سريعة دون التحرى والدراسة العميقة لحيثيات القضية محل النزاع، وفى ذلك قال المستشار فتحى نجيب إن كل إفراط يوقع فى الخطأ، فالسرعة الشديدة فى الفصل فى القضايا تفتح أبواب الجحيم للتعجل الظالم، كما أن البطء الشديد فى الفصل فى القضايا مدعاة لاستقرار الظلم، ومن هنا فإن كل قضية يجب أن تأخذ حظها من الدراسة والبحث حتى يصدر الحكم عادلاً، ولكن!!! دون أن يصل أمر هذه الدراسة إلى تجاوز اللحظة المناسبة التى يشعر فيها الكافة أن القضاء يقظ وأن العدالة قائمة.

وتحقيق العدالة الناجزة بات الآن واقعًا بعد اهتمام الدولة والقيادة السياسية بتحقيقها وتسخير كل السبل من أجل الوصول إليها، وبدأت وزارة العدل فعليًا ووفقًا لمنهج علمى مدروس بتطبيقها، منهجًا يشمل عدة خطوات عملية لحل المشكلات وتسهيل عمل القضاة والذى يبدأ بعمل قاعدة بيانات لحصر الأعداد الغفيرة للقضايا القديمة فيما قبل عام 2020م سواء دعاوى مدنية أو أحوال شخصية أو غيرها.. ثم إنشاء دوائر جديدة خاصة فقط بسرعة الفصل فى القضايا القديمة مع تخصيص عمل إضافى للقضاة بجانب عملهم الأساسى لسرعة الفصل فيها، هذا مع المتابعة الدورية من قبل رئيس المحكمة بالتنسيق مع وزارة العدل للتأكد من سرعة إتمام أعمال الفصل فعليا على أرض الواقع مع حل أى مشكلات قد تعوق سير هذه العملية الهامة العاجلة والتى أصبح إتمامها مطلبًا قوميًا، ثم أخيرا تكريم القضاة المتميزين وإعطائهم جوائز التميز لسرعة فصلهم فى القضايا القديمة المؤجلة.

وأخيرا كلمة لوزير العدل ولكل القضاة أعانكم المولى على هذا الجهد المضاعف الضخم وفقًا للميزانية المتاحة، وكلمة لكل قاضٍ تخاذل أو تكاسل عن إتمام عمله فاستسهل التأجيل غير المنطقى، تذكر أنك صاحب رسالة جُبلت على تحقيقها على هذه الأرض وهى نشر العدالة وتحقيق الردع العام، فوجب عليك تحقيقها وإلا أصبحت آثمًا وفاسدًا ولا تستحق مكانك.

---

[email protected]