رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مكاشفات

أثار أحدهم حنق خطيبته، فعلى الرغم من كونه ذكيا، مبدعا وجراحا ناجحا، كان بليدا عاطفيا، بارد المشاعر، متبلد الإحساس، فهو ليس فقط لا يجيد استخدام لغة العواطف، بل لا يجيد أيضا ترجمة ما يستقبله منها من مشاعر حسية ملتهبة تصف حرارة أحاسيسها ومرارة افتقادها لشعور مماثل منه يروى تعطشها ويشبع حاجاتها العاطفية له، فكان غير مستجيبٍ بالمرة لأى استثارة عاطفية من جانبها، ولا يطلق أى إشارات تصف شعوره أو تجسد حالته العاطفية لها، وبينما كان خطيبها يستطيع أن يتحدث بمنتهى العبقرية فى مجالات العلوم والفنون والآداب والرياضة ولكن حينما يتعلق الأمر بمشاعره يصيبه الخرس، فلا ينبس ببنت شفة مهما بَذَلَت هى عظيم الجهد فى استدرار مشاعره، فما كان منه إلا أن يكرر نفس الجملة الباردة: أنا لا أعرف كيف أعبر عن مشاعرى، تلك هى طبيعتى.

شاهدت هذه الشكوى فى أحد البرامج التليفزيونية على لسان إحدى المشاهدات فى مكالمة تليفونية تستنجد بالمتخصصين علّها تجد حلا يريح قلبها المتعب المسكين، ولكن للأسف لم يرد عليها الضيف المتخصص بما يشفى غليلها فلم يقدم أى وسيلة تصف لها علاجا لِم تعان منه.

ولا أنكر أنى تأثرت كثيرا بالمرارة والوجع فى كلام السيدة والتى كادت أن تبكى أثناء حديثها، وبالطبع أتفهم ألمها وأشعر به، فصفات كهذه كفيلة بإنهاء حياتها مع هذا الشخص خاصة إن كانت من «عبيد العاطفة» وهو لفظ أطلقه علماء النفس على الذين تتحكم فيهم العاطفة بشكل مفرط جدا فيما يصدر عنهم من أقوال وأفعال.

ولا أنكر أيضًا أنى أستاء وبشدة من أولئك القساة، الغلاظ، الأفظاظ وأدعو ربى دومًا ألا يجمعنى بهم، فأعترف أنى لا أجيد فن التعامل معهم، ولا أفهم كيف يستطيعون العيش فى ظل قسوة هذه الحياة بهذه القلوب الخشنة وبتلك المشاعر المتبلدة، كيف يحملون فى صدورهم قلوبا لا تعرف أن تحب؟، كيف يعيشون بلا حب؟ كيف يتحملون رؤية معاناة الأشخاص بلا أى تعاطف أو تأثير، فأتوق دومًا لمجالسة أصحاب القلوب الرحيمة، والمشاعر الرقيقة، والأرواح الطيبة والنفوس اللينة ممن ينثرون الكلمات الطيبة والمشاعر الحانية فى نفوسنا، فنتذكرهم دوما بكل حسنٍ وجميل حتى لو غابت أجسادهم وفارقوا دنيانا.

ولكن هدأت وتمهلت قليلا وأصابتنى الدهشة بعد قراءتى لكتاب الذكاء العاطفى لدانيال جولمان والذى يقدم تفسيرا غريبا لحالة هذا الشخص، فيؤكد أن هذا الشخص مريض نفسى يعانى من نوع من أنواع العمى العاطفى ما أطلق عليه المحللون النفسيون اسم «أليكسيزميا» وهى كلمة لاتينية تعنى افتقاد القدرة على التعبير عن المشاعر بواسطة الكلمات.

فيا معشر النساء بإمكانكم الآن أن تهدأوا وتتفهموا وضع أولئك الذين لا يستطيعون التعبير عن مشاعرهم بالكلمات فقد اتضح أنهم بالفعل لا يفعلون ذلك قصدا فهم لا يستطيعون فعلا التعبير وأنهم بكل أسف يعانون من مرض نفسى يحتاج لتدريب وعلاج فتقبلوا لهم العذر فى ذلك، ولكن لا جدال أن هناك صنفا يتعمد الخرس فى التعبير عن مشاعره وهذا هو المجرد من مشاعره.

يقول الكثير: إن الحب أفعالٌ لا أقوال، وأقول أنا : لا، فالحب أقوالٌ وأفعال، لا يستقيم إلا بهما ولا يستمر من دونهما، فنحن النسوة نعشق الاهتمام المُعبَر عنه بالاثنين معا؛ الأقوال والأفعال، فلا القول وحده يرضينا، ولا الفعل وحده يكفينا، فالحب لدينا كلمات ومواقف؛ غزل وتصرفات نعشق سحر الكلمة التى تعزف ألحان العشق والهوى على أوتار قلوبنا، ونهيم عشقا فى أفعالٍ تنطق حبا تترجم معانى الاهتمام والثقة والأمان والصدق والحنان والاحترام والإخلاص والاحتواء.

فبسحر الكلمات أنا مجذوب... وتائهٌ فى إغوائها بلبٍ مسروق.

[email protected]