عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مكاشفات

الجنود المجهولة وراء كل وقائع الشر ضد الخير على مر التاريخ، أصحاب الجهود الحثيثة فى إحداث كل صنوف الأذى المقيتة، مخرجو مشهد الظلم بكل آلامه ومآسيه بشكل بارع ومحنك مستخدمين فى ذلك كل ما يملكونه من مواهب وخبرات وقدرات تمثيلية متفجرة.

أما المواهب فما أقبحها، فهى مواهب سوءٍ صدرت عن نفس ضعيفة مهزوزة بحس شيطانى عنيد مع غياب كلى لضمير مستيقظ واع، وأما الخبرة ففى الباطل وناتجة عن ركام ضخم من مواقف شر مستفحل، وأما القدرة التمثيلية الهائلة فلأنها قادرة على تثبيت الضلال وقلب الحق وتشويه الحقيقة، إنهم أعوان الظلمة يا سادة.

فأعوان الظلمة هم الطرف الثالث فى واقعة الظلم المقيتة بعد الظالم والمظلوم، وهم كل من يشارك بدعم أو تأييد للظالم على فعله والسكوت عن رد الظالم عن ظلمه، فلا يقل دورهم الخبيث عن دور الطرف الأول (الظالم)، فلولاهم ما أشاح الظالم بظلمه ولا استعلى بفَعلته فلا تجرأ على اغتصاب الحقوق أو فعل الفظائع أو ارتكاب الجرائم.

يقول ابن الجوزي: «مساعد الظالم ظالمٌ» فكل من ساعد ظالمًا هو ظالمٌ مثله وشريكٌ له فى الإثم والوزر بقدر ما قدّم وبقدر ما أيّد.

وحرّم الله تعالى الظلم على نفسه وجعله بين الناس محرمًا، فقال المولى عز وجل:« يا عبادى إنى حرمتُ الظلمَ على نفسى، وجعلته بينكم محرمًا، فلا تظالموا » وكما حرّم الله الظلم حرّم عون الظالم على ظلمه، بل حرّم مجرد الركون إلى الظالم وتوعّد من يركن إليه بالنار، كما قال تعالى بسورة هود: (وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللّهِ مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ).

فإذا أتينا بواقعة ظلم بَيِّن سواء ظلم مادى أو جسدى أو معنوى وقمنا بتفنيد حيثياتها وسرد وقائعها، فسنجد أن دور الظالم فيها أقل من دور أعوانه، ولا أقصد بكلمة «أقل» هنا التقليل من إثمه، فبالطبع لا، ولكن «أقل» هنا تصف الكم لا الكيف.

فمشاهد الظلم الصادرة عن الظالم أقل من مشاهد الظلم الصادرة عن أعوانه، فالظالم مثلًا إذا هضم حقًا أو انتهك عرضًا أو شوَّه سمعة ثم جاء أعوانه فأيدوه وزينوا له قبيح عمله وأوهموه كذبا أنه براء، فضخموا تجبُّر الظالم وأراحوا وَخَزَ ضميره بالزيف والبهتان، فزادوا الظلم ظلمات وخطفوا الحق وألجموا صوته للأبد وأسقطوا الحقيقة فى بئر عميقة خَفَتَ نورها فى ظلامه الدامس، فالظالم ظَلَمَ بفَعلته النكراء أما عونته فأصبغوا على فَعلته بصبغ حسن فزيَّنوا الباطل وقلبوا الحق.

وأنواع عونة الظالمين كُثر فأولهم فريق المنافقين، وفريق السلبيين ثم فريق المغفلين، أما المنافقون فأسوأهم حالًا، فهم أناس عرفوا الحق يقينا وعلموا تمام العلم مدى ظلم وفساد الظالمين ولكنهم نافقوا الظالم وزينوا له الباطل وذلك لتحقيق غرض أو منفعة أو لمحبة فى قلوب أعوانه فيوافقون على كل ما يفعل بلا تمييز أو تفرقة بين الحق والباطل، فباعوا ضمائرهم وداهنوا الظالم ووافقوا ضمنيًا على سوء فعلته بل وأيدوه لضمان إتمام منافعهم.

أما فريق السلبيين فهؤلاء أيضًا عرفوا الحق يقينا مع أى طرف ولكنهم ضعفوا وجبنوا فلا طاقة لهم على استنصار أحد أو الدخول فى صراعات من أجل إثبات الحقوق أو لفقدانهم الأمل فى إثبات الحق وذلك لكثرة الظلم والفساد ولقوة الفاسدين، أو لأنهم كانوا يومًا ما مكان المظلومين ولم ينصفهم أحد فآثروا الابتعاد عن المشهد بضعف واستكانة، لا أبرر لهم ولكن أذيع منطقهم.

أما المغفلون فهم كُثر، فهؤلاء أراحوا أنفسهم من الأساس من عناء اكتشاف الحقائق أو البحث عن البراهين والدلائل التى تثبت حق طرف وظلم الآخر له، فرفضوا نصرة المظلومين إن استنصروهم فلا يهمهم الأمر كله طالما أنه لن يمس حقوقهم ونسوا هؤلاء أو تناسوا أن من خذل أحدًا وقت احتياجه للنصرة عاقبه الله بنفس الجزاء بالخذلان والتخلّى عنه وقت شدّته، ومن نصر مظلومًا نصره الله على من ظلمه.

فهنيئًا لكل عاقل لم يخذل ضميره أبدًا، نصر الحق بالحق، ولا يخش فى الله لومة لائم ولا يريد جزاءً ولا شكورًا.

[email protected]