رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

 

فى بداية عصر المماليك، شهدت مصر نموًا فى عدد سكانها، نتج عن قيام النظام السياسى القائم على القوة العسكرية لمصر وحالة السلام التى استمرت لأكثر من مائتى عام. المحمية بالقوة العسكرية التى تصدت لكل من المغول والصليبيين، تجنب المصريون الذبح على يد الغزاة. لذلك ترسخ معدل نمو وازدهار سكانى متزايد، وازداد هذا الازدهار باطراد حتى القرن الخامس عشر. لكن فى الوقت نفسه لم تكن مصر بمنأى عن التحركات السكانية للأشخاص فى المنطقة الفارين من المغول إلى الشرق والصليبيين إلى الغرب. وكانت النتيجة تدفق أعداد كبيرة من الشرقيين من بلاد ما بين النهرين ودمشق والمسلمين واليهود من الأندلس وشمال غرب إفريقيا إلى مصر. كان لهؤلاء اللاجئين بطبيعة الحال تأثير على معدل النمو السكانى فى مصر. يقدر بعض الباحثين عدد سكان مصر فى منتصف القرن الرابع عشر بنحو ثلاثة ملايين نسمة، وبلغ عدد سكان القاهرة حوالى 600 ألف.

كانت المدن المصرية فى ذلك الوقت مدنا مترامية الأطراف مليئة بالمبانى الاجتماعية والدينية، كما هو مسجل فى سجلات زوار مصر فى هذه الفترة. كان للنمو السكانى وتوسع المدن بالطبع تأثير على الأسواق والحركات التجارية فى مصر. كانت هناك حركة ونشاط وأسواق مزدهرة مليئة بالسلع. امتدت هذه الأسواق من الإسكندرية إلى أسوان فى صعيد مصر، وازدهرت أسواق أخميم وإسنا وغيرهما، وفى دلتا النيل، زودت أسواق المحلة وقليوب الكبيرة القاهرة بالخضار والفواكه ومنتجات الألبان. كان نظام الأسواق فى القاهرة والمناطق شبه موحد، لكن القاهرة لديها أسواق أكثر تخصصًا فى بيع أنواع معينة من السلع، مثل سوق السلاح وسوق المحزين. فى الريف، كانت هناك أسواق دورية تتم مرة أو مرتين فى الأسبوع، مثل تلك الموجودة اليوم. كانت هناك أيضًا أسواق مؤقتة أقيمت فى مناسبات خاصة، مثل الأعياد أو أيام القديسين المسيحيين أو غيرها من المناسبات الخاصة فى المجتمعات الفردية، مثل تشييد هيكل مجتمعى كبير. من ناحية أخرى، كانت الأسواق المصرية متخصصة فى الغالب. فى القاهرة حى متخصص فى حرفة أو مجال. على سبيل المثال، تخصص حى بورغوان فى بيع اللحوم، وكانت هناك صالونات للزينة، وخبازون، وطهاة، وحلاقون، وعطارون، وغيرهم. وكان يباع الدجاج والإوز وطيور الزينة فى سوق الدواجن. كان هناك سوق فواكه يسمى بسوق الفاكهة، والعديد من الأسواق الأخرى. عندما تم إنشاء هذه الأسواق كان لها مداخل ومخارج فى العديد من النقاط، وكانت هناك متاجر خاصة ومحلات صرافة لتبادل العملات للمتسوقين. بالإضافة إلى الأسواق، كان هناك أيضًا بائعون غير رسميين، وكانوا إما يجوبون الشوارع بعرباتهم فى عربات، أو ينشرونها على الأرض. كان أهم شارع تجارى فى القاهرة فى العصر الفاطمى هو شارع القصبة الذى كان مزدحما فى جميع ساعات النهار والليل.

أما سوق «الخيامية»، فهو أحد أشهر أسواق القاهرة المسقوفة، وقد سمى بهذا الاسم نسبة لحرفة صناعة الخيام التى كانت مزدهرة جدا فى القديم لا سيما فى العصر المملوكى، حينما استطاع الفنان المصرى أن يقاوم موجات التغريب ومحاولات التقليد متمسكا بعبقرية الفنان المصرى القديم ومتطورًا مع الزمن ومتحديًا التكنولوجيا وموجات العولمة وذوبان الهوية، ليتبلور ويصل إلى قمة مجده بعد دخول الإسلام مصر خاصة فى عصر المماليك، حتى إن بعض الوحدات الزخرفية المملوكية ما زال يستخدم حتى اليوم.

لقد كان دور الأسواق فى مصر مهمًا فى بعد آخر ألا وهو نشر الأخبار والمعلومات: فلم يذهب الناس إلى السوق فقط من أجل السلع والخدمات، ولكن أيضًا لتبادل الأخبار ومناقشة الموضوعات السياسية والاجتماعية والاقتصادية. وبهذه الطريقة كانت الأسواق مراكز للرأى العام.

---

 

أستاذ بعلوم القاهرة

[email protected]